رفض أصدقائي فكرة تأييدي لحصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب على جائزة نوبل لهذا العام، بل إنني تعرّضت للنقد الشديد خصوصاً من بعض الذين يميلون إلى التيار المحافظ أكثر من التيار الديني، وكذلك الذين مازالوا يؤمنون بحلم القومية العربية أو تركوها وتقوقعوا في دائرة الوطن.
جوائز نوبل، هي سلسلة من الجوائز السنوية في مجالات الفيزياء والكيمياء والطب والأدب والسلام، تُمنح للذين قدموا أكبر فائدة للبشرية خلال سنة ماضية. كما تُمنح الجائزة لمَنْ بذل قصارى جهده لتعزيز أواصر الإخاء بين الأمم وتسريح الجيوش او خفض أعدادها الدائمة وإنشاء هيئات أو مؤتمرات تروج للسلام.
صُدم ترامب وفريق عمله بعد منح جائزة نوبل للسلام للفنزويلية ماريا كورينا التي أهدته الجائزة معنوياً، لكنها لم تهديه المبلغ، كما علّق ترامب مازحاً، علماً بأن شبهة ما تحوم حول تفاصيل اختيار مَنْ يفوز بجائزة نوبل بأنها لا بد أن تمر بإسرائيل ومؤسساتها بصورة مباشرة او بصورة غير مباشرة بشكل عام وإذا كان مَنْ يفوز بها مسلماً او عربياً بشكل خاص، وان كانوا يستحقونها.
إنني أرى أن ترامب يستحق جائزة نوبل لأنه استطاع إيقاف حرب غزة التي استمرت سنتين ويومين تقريباً، رغم دعمه الكبير للكيان الصهيوني على مستوى تقديم الدعم العسكري وكذلك الدعم السياسي عبر أروقة الامم المتحدة، اذ قامت الولايات المتحدة الاميركية باستخدام الفيتو في مجلس الامن لإيقاف الحرب ضد غزة، رغم كل المآسي والمذابح غير الإنسانية التي أدت الى مقتل نحو 70 ألف مدني، منهم عشرات آلاف الأطفال، ناهيك عن مقتل أكثر من 400 صحافي، بل إن اميركا قامت بالتخطيط وبالمشاركة في تسهيل قصف واستهداف قادة فلسطينيين في إيران، وانتقاد كل مَنْ ينتقد الكيان الصهيوني في العالم، آخرها المطالبة بطرد إسبانيا من عضوية «الناتو».
إنني أرى أن ترامب يستحق جائزة نوبل لأنه ورغم كل ما سبق، استطاع فرض إيقاف الحرب على نتنياهو، اذ مارس ضغوطاً لم يعهدها منه من قبل لأنه يطمح بالحصول على جائزة نوبل، ولأنه لا يرى نفسه يميل الى الحرب، فهو ورغم أن أسلوبه مع الدول «دفاشة» بعيداً كل البُعد عن الدبلوماسية، إلا أنه لا يرتبط بأيديولوجية معينة، بل إن هناك من حزبه الجمهوري مَنْ يقف ضده، وهو لا يبالي ويتبع أسلوب رجل الأعمال الذي يدير شركته، ولكن من البيت الأبيض، ما سبّب له متاعب مع الآخرين في الداخل والخارج، إلا أنه يمتلك كاريزما وكبرياء، كما أنه يجيد التعامل مع الكاميرا ووسائل الإعلام المختلفة.
علينا أن نثمّن دور ترامب في إيقاف الحرب خصوصاً أن مَنْ ينتقد المقاومة الفلسطينية، إنما هو جالس في بيته مع أسرته، منعم عليه بالسلام والتكييف والغذاء والماء والدواء، وبالتالي فإنه لا يشعر بمعاناة أهل غزة بسبب الحصار المفروض عليهم منذ أكثر من ربع قرن.
وإذا نظرنا إلى مَنْ سبق وأن حصل على جائزة نوبل، فإن هناك مجرمي حرب حصلوا عليها وفي مقدمهم مناحيم بيغن، الذي شغل منصب رئيس الوزراء في إسرائيل من عام 1977 الى عام 1983، والذي كان زعيماً لمنظمة «ايتسل الارغون» قبل نشأة إسرائيل، وهي عصابة تمرّدت وانفصلت عن عصابة «الهاغاناه» التي كانت وراء استهداف القوات البريطانية وفندق داود في فلسطين، لأنها رأت ان لندن تقف عثرة أمام نشأة إسرائيل، وقد منع من دخول بريطانيا لفترة من الزمن.
وارتكب بيغن سلسلة من الجرائم ضد الشعب الفلسطيني داخل وخارج فلسطين منها مذبحة دير ياسين عام 1948، وتهجير الفلسطينيين بأسرع وقت ممكن باستخدام القوة المفرطة، وقد منح جائزة نوبل مناصفة مع الرئيس انور السادات لمجرد انه قام بتوقيع اتفاقية سلام مع جمهورية مصر العربية عام 1979.
وتأتي بعدهما رئيسة وزراء ميانمار أونغ سان سو كي التي كانت فترة رئاستها بداية معاناة مذابح الروهينغا، فحصلت على جائزة نوبل للسلام عام 1991 رغم أنها لم تجرؤ على انتقاد الجيش الذي يُدير البلد ويرتكب المجازر بصورة علنية وصدرت دعوات لسحب الجائزة منها بسبب تأييدها لحملات الاضطهاد التي نفّذها جيش بلادها ضد أقلية الروهينغا المسلمة.
ومن هذا المنطلق أقول إن ترامب يستحق الحصول على جائزة نوبل أكثر من الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما الذي لم يقدم أي شيء للإنسانية.
همسة
لو قامت الدول العربية بالتنسيق الجاد لتغيرت خريطة الشرق الأوسط.
مفارقات «نوبل»
أحد الفائزين بجائزة نوبل في الطب، تأخرت معرفته بخبر فوزه، حيث كان يُمارس هواية المشي في أحضان الطبيعة في ولاية آيداهو الأميركية؟