عُقدت سلسلة من الجلسات النقاشية على هامش أعمال المؤتمر الإسكاني الخليجي الثاني، أمس في الكويت، حيث استعرض مسؤولو الإسكان في دول مجلس التعاون التحديات التي تساهم في عرقلة توفير الرعاية السكنية للمواطنين الخليجيين وطرق تجاوزها والتغلب عليها بالشراكة مع القطاع الخاص.
الجلسة الأولى: توجه خليجي نحو نماذج إسكانية مستدامة
- 91 % من مواطني الإمارات يمتلكون مساكنهم بفضل المجتمعات السكنية الحيوية
- 12 مشروعاً إسكانياً في البحرين لتقليص فترة الانتظار وتعزيز جودة الخدمات
- السعودية تخطط لتوفير 600 ألف وحدة سكنية بحلول 2030 وضمان بيئة سكنية جاذبة
عقدت الجلسة الحوارية الأولى لكبار مسؤولي الإسكان بدول مجلس التعاون، تحت عنوان «نماذج إسكانية مستدامة بدول مجلس التعاون»، حيث أكد ممثلو الدول المشاركة، التوجهات الخليجية الموحدة نحو تطوير منظومة الإسكان وتحقيق الاستقرار السكني لمواطنيها.
وأكد ممثل دولة الإمارات، مدير برنامج الشيخ زايد للإسكان، محمد المنصوري، أن نسبة السكن الخاص للمواطنين الإماراتيين بلغت 91 في المئة، نتيجة اتباع سياسة وطنية قائمة على المجتمعات السكنية الحيوية التي توفر سهولة الوصول، والمرونة، والخدمات الصحية، وتعزز العلاقات الاجتماعية، مع مرافق متكاملة ومواقع مناسبة.
من جانبها، أوضحت وكيلة وزارة الإسكان والتخطيط العمراني بمملكة البحرين، فاطمة المناعي، أن الوزارة تتعاون مع عدد من البنوك لتوفير الرعاية السكنية من خلال المطور العقاري، بتمويل يصل إلى 81 ألف دينار. وأضافت أن 12 مشروعاً إسكانياً موزعة على 8 مناطق في البحرين ساهمت في تقليل فترة انتظار المواطنين بنسبة 17 في المئة، مشيرة إلى أن الشراكة مع القطاع الخاص رفعت مستوى جودة الخدمات ووفرت حلولاً فورية ومستدامة.
أما ممثل المملكة العربية السعودية، الوكيل المساعد لتحفيز المعروض السكني والتطوير العقاري عبدالمحسن الجماز، فقد أكد حرص الوزارة على الاستدامة باستخدام التكنولوجيا لتسهيل التشغيل والصيانة، مشيراً إلى خطط لتوفير 600 ألف وحدة سكنية بحلول عام 2030، مع شراكات لضمان بيئة سكنية متكاملة للمواطنين.
بدوره، أوضح ممثل سلطنة عمان، المدير العام للإسكان والتخطيط العمراني بمحافظة الوسطى هشام بن مرهون، أن المؤتمرات الخليجية تهدف إلى التعاون والتنمية المستدامة، مع الإشارة إلى التحديات المتعلقة بندرة الأراضي المخططة، وارتفاع تكاليف تطوير البنية التحتية، والطلب المتزايد على الإسكان الميسر، إضافة إلى التحديات البيئية والمناخية.
كما كشف وكيل وزارة التنمية الاجتماعية في قطر، فهد الخيارين، عن تقديم 3 منتجات إسكانية جديدة لرعاية وتمويل المواطنين، مع التركيز على التنسيق بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص لتوفير الأراضي وضمان الأمن السكني، بالإضافة إلى تطوير السكن الاجتماعي وفق منظومة تحمي الأسر وتحقق الاستدامة.
الجلسة شكلت منصة لتبادل الخبرات والرؤى بين دول مجلس التعاون، وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص، وتقديم حلول إسكانية مبتكرة ومستدامة تلبي احتياجات المواطنين الخليجيين.
الجلسة الثانية: توظيف التقنيات لتحقيق تنمية حضرية متوازنة
- المخطط الهيكلي الكويتي الرابع وحلول النقل المتقدمة لدعم الاستدامة الحضرية
- المدن الذكية تُسهم في تحسين الطرق وتعزيز الاقتصاد الأخضر بالسعودية
- الأمن السيبراني وتدريب الكوادر تحديات رئيسية أمام التحوّل الرقمي في عُمان
عُقدت الجلسة الحوارية الثانية، بعنوان «مفهوم الاستدامة الحضرية ودور المدن الذكية في تحسين جودة الحياة»، واستعرض المتحدثون كيفية توظيف التقنيات الحديثة لتحقيق تنمية حضرية متوازنة ومستدامة في مدن دول مجلس التعاون.
وأجمع المشاركون على أن المدن الذكية لم تعد مجرد خيار، بل أصبحت ضرورة تنموية تضع الإنسان في صميم التنمية، مع الاعتماد على التقنيات الحديثة والطاقة النظيفة لخلق بيئة صحية ومستدامة. وفي الوقت نفسه، شكلت التحديات المالية والتشريعية والثقافية عقبات رئيسية أمام التحول المنشود.
وشددت رئيس بعثة برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، الدكتورة أميرة الحسن، على ضرورة المدن الذكية لتحسين جودة الحياة وتعزيز الاستدامة، بينما أشار مالك المالكي، مدير دائرة بيان الأراضي بسلطنة عمان، إلى أن الحلول التقنية تتسارع بسرعة، مما يستلزم تطوير المدن الإسكانية مع مواجهة تحديات الأمن السيبراني وتدريب الكوادر البشرية على إدارتها.
من جانبها، لفتت الدكتورة أفنان الخالدي، نائب عميد كلية الدراسات الإدارية بالجامعة العربية المفتوحة، إلى أن التحديات المناخية في فصلي الصيف والشتاء قد تعيق تطبيق حلول المدن الذكية، لكنها تسهم في ترشيد استهلاك الكهرباء.
وأكد المهندس أحمد اليابسي، مدير الإدارة العامة للتطوير العمراني بوزارة البلديات والإسكان السعودية، أن المدن الذكية تمثل أسلوب حياة متكاملاً، حيث تساهم التقنيات في تحسين الطرق وتعزيز الصحة العامة، مشيراً إلى أهمية الاقتصاد الأخضر ومشروع «الرياض خضراء» في دعم جودة الحياة والممارسات الصحية مثل المشي.
وأوضح المهندس سليمان، ممثل بلدية الكويت، أهمية المخطط الهيكلي الرابع في مواجهة تحديات وسائل النقل وتقديم حلول بديلة تقلل الاعتماد على السيارات، مشيراً إلى بوادر إيجابية بشأن مشروع المترو ومسار تنفيذه ضمن المخطط الوطني.
بدوره، أوضح الدكتور حسن قاسم، الرئيس التنفيذي لشركة مشاريع الطاقة البديلة APECO، أن المدن المستدامة مكملة للمدن الذكية، مع التركيز على الطاقة البديلة من الشمس والرياح والحلول الهجينة، مشيراً إلى أن المدن الذكية تعتمد على شبكات ذكية تمتد من المنازل إلى منظومات أكبر، وتتطلب بنية تحتية ضخمة لإدارتها بشكل مركزي أو لامركزي.
الجلسة أكدت أهمية التعاون الخليجي لتطبيق أفضل الممارسات في الاستدامة الحضرية والمدن الذكية، وضرورة تضافر الجهود بين القطاعين العام والخاص لضمان تحسين جودة الحياة لجميع المواطنين.
الجلسة الثالثة: فرص وتحديات الاستثمار العقاري الخليجي
- العوضي: التشريعات الجديدة أساس جذب المستثمرين بالكويت
- آل شرف: السيولة واللوائح التنظيمية تُعزّز استدامة المشاريع
- النجدي: «صندوق التنمية» يدعم المشاريع السكنية والتنمية المحلية
تناول المختصون في الجلسة الحوارية الثالثة، بعنوان «فرص وتحديات الاستثمار في القطاع العقاري»، تقييم جاذبية السوق العقاري الخليجي مقارنة بالأسواق العالمية، وأبرز التحديات التي تواجه المستثمرين المحليين والأجانب، والجهود المبذولة لتعزيز ثقتهم وتوفير بيئة استثمارية مستدامة وجاذبة.
وأكد رئيس اتحاد العقاريين في الكويت، إبراهيم العوضي، أن المستثمرين يولون أهمية كبيرة للبنية التحتية، باعتبارها ركيزة أساسية للتنمية المستدامة وبيئة محفزة للإنفاق الحكومي على المشاريع، مشيراً إلى أن التشريعات والقوانين المنظمة للعلاقة بين المستثمرين والجهات الرسمية أسهمت في جذب الاستثمارات إلى الكويت.
وأوضح أحمد آل شرف، مدير إدارة علاقات شؤون المطورين في وزارة الإسكان البحرينية، أن أبرز تحديات الاستثمار تكمن في السيولة والمخاطر المحتملة، مؤكداً ضرورة دعم الحكومات للسيولة وإقرار لوائح تنظيمية قوية تحمي المستثمرين وتضمن استدامة المشاريع بشكل مهني ومنظم.
وأشار ممثل الصندوق الكويتي للتنمية، مشاري النجدي، إلى الدور الكبير للصندوق في دعم المشاريع السكنية بالكويت والإسهام في التنمية المحلية والإقليمية، من خلال المشاركة في فعاليات المؤتمر السنوي «إسكان مستدام» واستعراض مبادراته التنموية المتنوعة.
الجلسة أكدت أن الاستدامة الحضرية والمدن الذكية والتحول الرقمي تشكّل عوامل أساسية لتعزيز الاستثمار العقاري الخليجي ورفع جودة الحياة للمواطنين، مع ضرورة تضافر جهود القطاعين العام والخاص لتوفير بيئة تنظيمية واستثمارية محفزة.