أشار تقرير بنك الكويت الوطني، إلى ما شهدته الأسواق المالية الأسبوع الماضي تحولات ملحوظة، مدفوعة بتراجع بيانات التضخم، والهدنة الجمركية الموقتة بين الولايات المتحدة والصين، إلى جانب التطورات التي طرأت على توقعات السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي.

وذكر التقرير أن مؤشر الدولار سجل تقلبات محدودة، متداولاً قرب مستوى 100.98 نقطة بنهاية الأسبوع. وساهم التفاؤل الأولي الناتج عن الهدنة التجارية في تعزيز أداء الدولار في بداية الأسبوع، إلا أن ضعف بيانات التضخم وتباطؤ مبيعات التجزئة حدّا من المكاسب، ما أبقى مؤشر الدولار مستقراً نسبياً خلال الأسبوع. وفي المقابل، تراجعت أسعار الذهب بشكل ملحوظ، إذ هبط سعر العقود الفورية 3.3 %، في أكبر انخفاض أسبوعي منذ نوفمبر 2024، مدفوعاً بانخفاض الإقبال على الملاذات الآمنة نتيجة تراجع حدة التوترات التجارية.

قفزة الأسواق

وسجل التقرير أن أسواق الأسهم العالمية قفزت يوم الإثنين الماضي عقب توصل الولايات المتحدة والصين إلى اتفاق موقت لوقف الحرب التجارية لمدة 90 يوماً عبر خفض الرسوم الجمركية. وارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 5.3 %، ماحياً جميع خسائره منذ بداية العام 2025، في حين صعد مؤشر ناسداك المركب بنسبة 7.2 %. وفي السياق ذاته، ارتفع مؤشر الدولار 1.5 %، محققاً أكبر مكاسب يومية له منذ نوفمبر 2024، بينما صعدت عائدات سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار 9 نقاط أساس لتصل إلى 4.46 %.

ويلفت التقرير إلى أنه رغم التقدم، إلا أن العديد من القضايا العالقة مازالت دون حل، بما في ذلك العجز التجاري بين البلدين، ومطالب واشنطن بمساعدة بكين لها في معالجة أزمة مخدر الفنتانيل. وبينما اعتبر الرئيس ترامب أن الاتفاق يعكس نجاح سياساته التجارية الصارمة، يرى منتقدوه أن واشنطن تراجعت عبر تخفيض الرسوم.

ورحّبت الشركات بالهدنة الموقتة، لكنها طالبت بخطط طويلة الأجل أكثر وضوحاً، في ظل تحذيرات من أن مهلة 90 يوماً غير كافية لمعالجة قضايا أعمق مثل الدعم الحكومي في الصين. وتستمر الرسوم الجمركية الحالية على السيارات الكهربائية وألواح الطاقة الشمسية، إضافة إلى الضرائب القديمة، وهو ما قد يتواصل معه ارتفاع أسعار المستهلكين.

واستند تقرير «الوطني» إلى خبراء يرون أن تسوية النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين قد تستغرق سنوات، لا شهوراً، ما يشير إلى أن هذه الهدنة قد لا تدوم طويلاً.

تراجع التضخم

وسجل التقرير تراجع التضخم في الولايات المتحدة خلال شهر أبريل الماضي بمعدل فاق التوقعات، مسجلاً 2.3 %، ليصل بذلك إلى أدنى مستوياته المسجلة منذ فبراير 2021، وذلك رغم المخاوف من أن السياسات الجمركية المتشددة للرئيس ترامب قد تدفع الأسعار إلى الارتفاع.

وسجل معدل التضخم الشهري ارتفاعاً هامشياً 0.2 % فقط، مقارنة بالتوقعات التي بلغت 0.3 %. ورغم ظهور مؤشرات أولية على زيادة أسعار بعض فئات السلع المرتبطة بالرسوم الجمركية، مثل الأثاث والإلكترونيات، فإن ضعف تضخم قطاع الخدمات - على الأرجح نتيجة لانخفاض الطلب الاستهلاكي - ساهم في الحد من الضغوط العامة على الأسعار. كما ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي، الذي يستثني تكاليف الغذاء والطاقة، بنسبة 0.2 %، ليستقر عند 2.8 % على أساس سنوي. ورغم أن تأثير الرسوم الجمركية لايزال محدوداً ضمن هذه البيانات، إلا أن بوادر الضغوط السعرية في بعض السلع بدأت بالظهور. وبينما يقترب التضخم من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 %، يواصل البنك المركزي الأميركي تبني موقف حذر، في ظل حالة عدم اليقين المرتبطة بالسياسات التجارية والمالية للرئيس ترامب بصفة عامة. وتترقب الأسواق الآن خفض أسعار الفائدة مرتين قبل نهاية العام.

تخفيض متبادل للرسوم

وفقاً للاتفاق، ستخفض الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على السلع الصينية من 145 % إلى 30 %، فيما ستقلص الصين الرسوم على الواردات الأميركية من 125 % إلى 10 %.

كما وافقت بكين على تخفيف القيود المفروضة على صادرات المعادن الأرضية النادرة، والتي تُعد حيوية للصناعات التقنية.

باول: تراجع التضخم لا يعكس بالكامل ضغوط الرسوم

أكد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، أن البنك المركزي الأميركي بصدد إعادة تقييم نهج السياسة النقدية، في ضوء المشهد الاقتصادي المتغير، الذي يتسم بارتفاع معدلات التضخم وزيادة احتمالات تكرار صدمات العرض.

وخلال كلمة أثناء مؤتمر مراجعة إطار السياسة النقدية، أشار باول إلى أن الظروف الاقتصادية شهدت تحولات كبيرة منذ تبني إطار عمل الاحتياطي الفيدرالي 2020 في ذروة الجائحة، مشدداً على ضرورة التكيف مع التحديات طويلة الأمد الناتجة عن اضطرابات الإمدادات المستمرة.

ورغم امتناعه عن التعليق على التوجهات الحالية للسياسة النقدية، توقع باول أن يتباطأ معدل التضخم الأساسي لنفقات الاستهلاك الشخصي في أبريل إلى 2.2 %، محذراً في الوقت ذاته من أن هذا التراجع قد لا يعكس بالكامل الضغوط السعرية المرتبطة بالرسوم الجمركية في المستقبل.

«موديز»: «Aa1» التصنيف الائتماني للولايات المتحدة

خفّضت وكالة موديز التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من «AAA» إلى «Aa1»، منهيةً بذلك آخر تصنيف مثالي للبلاد من وكالات التصنيف العالمية الرئيسية، وذلك بعد خطوات مماثلة من ستاندرد آند بورز عام 2011 وفيتش عام 2023. ويعكس التخفيض ارتفاع الدين الحكومي، وزيادة مدفوعات الفوائد، وتفاقم الخلل السياسي، بما في ذلك الاقتراب من التخلّف عن سداد الديون والجمود السياسي في الكونغرس الصيف الماضي.

وبينما ترى «موديز» الآن أن الولايات المتحدة أقل جدارة ائتمانية بقليل، إلا أنها تبقي على نظرتها المستقبلية لتصنيف الولايات المتحدة عند «مستقرة» بفضل قوة المؤسسات واستقلالية الاحتياطي الفيدرالي.