لأحد الأصدقاء المتابعين بشدة للشأن المحلي مقولة لا تغيب عن ذهني لحظة إلا وتجد لها مليون سبب وسبب حكومي للعودة. يقول هذا الصديق - لا فض فوه ولا عاش مبغضوه - ان حكومتنا هذه لن تترك البلد إلا وقد تركت فيه «عاهة مستديمة» لن تستطيع أن تعالجها الحكومات التي ستليها. ما هي هذه العاهة وكيف ستكون ومتى وأين وما هي ابعادها؟ هل في الوحدة الوطنية؟ هل هي في البنية التحتية؟ الصحة؟ التعليم؟ العلاقات الخارجية؟ الوضع المالي للبلد؟ لا أعلم لكنني أشعر بأنها قادمة، حتمية، شرسة، قريبة جداً، والله يستر على الكويت وأهلها من هذه الحكومة، ومن عاهتها المستديمة.
من الأمور التي تقود إلى مثل هذا الشعور السلبي، طريقة تعامل الحكومة مع ملف مزدوجي الجنسية. فجأة ومن دون أن يكون هذا الملف على جدول أعمال اجتماع مجلس الوزراء تم طرحه، وهددت الحكومة بسحب الجنسية ممن تثبت عليه الازدواجية! والجميع يعلم أن ملف الازدواجية مثله مثل ملف البدون، صنيعة حكومية من الطراز الأول وبأيدي أقطاب حكومية في السابق لاعتبارات سياسية وانتخابية واجتماعية، وان إعادة طرح هذا الملف، من دون وجود ما يبرر هذا الطرح، ليس إلا محاولة من الحكومة لترهيب نواب القبائل المعارضين، ولإيقاف حدة اندفاع بعضهم في اتجاه طرح الثقة في وزير الإعلام.
ما تقوم به الحكومة هو ببسيط العبارة، «لعب بالنار»، واستغلال لأحد أهم ملفات المواطنة الكويتية في التكتيكات السياسية، وهذا أمر نتائجه خطيرة وعواقبه وخيمة، خصوصاً إذا ما ربطت بأن حق التجنيس وسحب الجنسية حق سيادي لا يمكن لأي متضرر اللجوء معه إلى القضاء، وهنا تصبح الحكومة هي اللاعب الأوحد، ومتى ما كانت الحكومة، قاصرة نظر، قليلة حيلة، ضعيفة ثقة، فانها ستلعب بهذا الملف بشكل تدميري يحقق لها انتصارات وقتية، ولكنه لن يقود في نهاية الأمر إلا إلى المزيد من التدمير، وانفلات الأمور وسوء المنقلب.
تطبيق القوانين، بما فيها قوانين الجنسية، أمر مطلوب، ولا تحتاج حكومة إلى التصريح بأنها ستطبق وستفعل وستعمل، لكن إطلاق يد مثل هذه الحكومة في ملف الجنسية من دون وجود ضامن للعدالة وعدم التعسف والظلم، هو بمثابة «العاهة المستديمة» التي ستبقى طويلاً في هذا البلد. والمسؤولية تقع الآن على عاتق نواب الأمة وممثليها في المجلس لوضع حد للسلطة السيادية المطلقة في ملف الجنسية.


سعود عبدالعزيز العصفور
salasfoor@yahoo.com