الأمطار الغزيرة التي هطلت علينا هذا العام ألبست الكويت حلة قشيبة، وكأنها تعلم أنها تحتاج إلى عمليات تجميل من النوع الثقيل، بعدما غزت التجاعيد وجهها، فأصبحنا نرى اللون الأخضر والأصفر ولون البنفسج في الطرقات، وعلى الأرصفة، وبين بلاط الشوارع، وفوق كل تربة لم تطأها السيارات، دون تدخل من الهيئة العامة للزراعة التي تصرف الملايين على تخضير الكويت وشوارعها، ثم تترك ما زرعته عرضة للشمس الحارقة، وهجمات الأتربة والغبار، الذي يأكل الأخضر واليابس على السواء. وطريق السالمي، ولأنه لا يؤدي إلى شاليهات أصحاب المعالي والسعادة والسيادة، عادت فيه الأشجار كالعراجين القديمة.
لقد ساهمت الأمطار في ترطيب الأجواء السياسية بعد معارك كلامية كادت تدخلنا في نفق مظلم، لولا عناية الله، فتلهّى الناس بالبحث عن مواضع تجمع الأمطار (الخَبْرات)، وأماكن المسطحات الخضراء في صحرائنا التي حوصرنا فيها من كل جهة، كما حوصرنا، ككويتيين، سياسياً وإعلامياً من بعض من لا يريدون لنا استقراراً.
النُوّير، وهو لمن لا يعرفه الورد الأصفر الصغير الذي انتشر في كل مكان، لا يجامل أحدا أبداً، فهو دليل على أن تلك الأرض التي نبت فيها محمية من وسائل التدمير البشري، كما أنه دليل آخر على أن هذا العام عام خير ورحمة، فإذا اجتمع هذان الشيئان، حلت البركات وتبخرت اللعنات.
فلو هطلت الأمطار بغزارة، والأرض عرضة للدمار بشكل مستمر فلن يحل النُوّير ضيفا علينا، والنتيجة حتمية كذلك لو كانت الأرض مستعدة دون أمطار تروي عطشها.
الخير والبذل والعطاء في البشر مثل النوير تماماً، لا ينبت إلا بشرطين:
الأول: أرض خصبة متمثلة في نفوس مستعدة، نفوس تعشق الوطن أكثر من عشقها لذواتها، نفوس تمتلئ غَيْرة على الأرض التي احتضنتها، وتتضايق أن تُمَسَّ بسوء ولو كان تافهاً، نفوس لم تدمِّرها طائفية أو حزبية أو فئوية، نفوس تتحرك فيها معاني الوطنية عندما ترى الآخرين منطلقين بقطار التنمية بأعلى سرعة وحكومتهم الرشيدة (دائماً) لا تزال تسحب (هندل) ماكينة خطة التنمية الخمسية.
الثاني: الشعور بالعدالة والمساواة، فلا حقوق ضائعة، ولا إحساس بالقهر والظلم، ولا قانون هذا ولدنا، ولا شريعة خشمك اذنك، حيث لا سلطة تعلو فوق سلطة الميزان.
د.عبداللطيف الصريخ
مستشار في التنمية البشرية
alsuraikh@yahoo.com
لقد ساهمت الأمطار في ترطيب الأجواء السياسية بعد معارك كلامية كادت تدخلنا في نفق مظلم، لولا عناية الله، فتلهّى الناس بالبحث عن مواضع تجمع الأمطار (الخَبْرات)، وأماكن المسطحات الخضراء في صحرائنا التي حوصرنا فيها من كل جهة، كما حوصرنا، ككويتيين، سياسياً وإعلامياً من بعض من لا يريدون لنا استقراراً.
النُوّير، وهو لمن لا يعرفه الورد الأصفر الصغير الذي انتشر في كل مكان، لا يجامل أحدا أبداً، فهو دليل على أن تلك الأرض التي نبت فيها محمية من وسائل التدمير البشري، كما أنه دليل آخر على أن هذا العام عام خير ورحمة، فإذا اجتمع هذان الشيئان، حلت البركات وتبخرت اللعنات.
فلو هطلت الأمطار بغزارة، والأرض عرضة للدمار بشكل مستمر فلن يحل النُوّير ضيفا علينا، والنتيجة حتمية كذلك لو كانت الأرض مستعدة دون أمطار تروي عطشها.
الخير والبذل والعطاء في البشر مثل النوير تماماً، لا ينبت إلا بشرطين:
الأول: أرض خصبة متمثلة في نفوس مستعدة، نفوس تعشق الوطن أكثر من عشقها لذواتها، نفوس تمتلئ غَيْرة على الأرض التي احتضنتها، وتتضايق أن تُمَسَّ بسوء ولو كان تافهاً، نفوس لم تدمِّرها طائفية أو حزبية أو فئوية، نفوس تتحرك فيها معاني الوطنية عندما ترى الآخرين منطلقين بقطار التنمية بأعلى سرعة وحكومتهم الرشيدة (دائماً) لا تزال تسحب (هندل) ماكينة خطة التنمية الخمسية.
الثاني: الشعور بالعدالة والمساواة، فلا حقوق ضائعة، ولا إحساس بالقهر والظلم، ولا قانون هذا ولدنا، ولا شريعة خشمك اذنك، حيث لا سلطة تعلو فوق سلطة الميزان.
د.عبداللطيف الصريخ
مستشار في التنمية البشرية
alsuraikh@yahoo.com