تحكي الروايات عن شخص أدخل رأسه في حفرة، فإذا بآلة حادة تقص أنفه، فما كان منه إلا أن غطى وجهه بيده وأخرج رأسه من الحفرة، فسأله الناس عما رأى في الحفرة، فقال لهم: مناظر جميلة تستحق المشاهدة، فأدخل رجل آخر رأسه في الحفرة فحصل له مثلما حصل للرجل الأول، ثم أخرج رأسه وقال نفس كلام الرجل الأول، وهكذا يقولون بأن من يدخل الحكومة اليوم وزيراً يحدث له مثلما حدث لأولئك الرجال من قطع الأنوف، لكن الغريب هو أنهم يقولون للناس بما حدث لهم ولكن الناس لا تصدق، والكل يعتقد بأنهم في نعيم وأنهم يخدعون الناس، ولا ندري كم أنفاً سيُقطع قبل أن تستقر الحكومة ويرتاح الوزراء في أعمالهم؟!تابعت ردات الفعل الشعبية بالأمس على التشكيل الوزاري الجديد فلم أر أي ذرة للمدح بل التهديد والوعيد الذي يسبق العاصفة، فمنهم من قال بأنها حكومة موقتة ستسقط قريباً، ومنهم من قال بأنها حكومة تأزيم، ومنهم من توعد وزراء بذاتهم وقال بأنه سيلاحقهم، وهكذا.والحقيقة هي أن التشكيل الوزاري الأخير جاء على عجل واتبع سياسة القص واللزق وأعطى وزراء وزارات ليست من اختصاصاتهم ووزارات متباعدة، وكأن رئيس الحكومة قد أيقن بأنها حكومة موقتة، والمهم هو ان يفتتح بها دور الانعقاد الحالي، كما تمنى على النواب امهال حكومته ثلاثة أشــهر على الاقل قبل البدء بالضرب تحت الحزام، وفي تصوري بأن هذه أمنية شبه مستحيلة الا ان تحدث معجزة من السماء.لسنا يائسين من اصلاح الوضع السياسي للبلاد، بل الكويت هي أسهل بلد يمكن اصلاحه بما يتوافر له من ثروات كثيرة وشعب صغير متجانس ومثقف ومسالم ومتمسك بقيادته، ولكن المشكلة هي في عدم وجود الارادة الكافية للاصلاح سواء من ناحية الحكومة أو ممثلي الشعب، وعدم وجود القيادة القوية التي تصهر الخلافات وتطبق القوانين.لذا فإنني أتمنى على الحكومة والمجلس الجلوس معاً لوضع ميثاق شرف ملزم يقتضي عرض المشاكل بينهم والمسائل المختلف عليها على لجنة مشتركة لدراستها ووضع الحلول لها أو على الاقل لنزع فتيل التأزم ووضعها في الأطر القانونية الكفيلة بإصلاحها، ولابد من إمهال الحكومة فترة لكي تتنفس الهواء على الاقل وتبدأ بالتفكير في طريقة العمل قبل محاسبتها وقبل قطع أنوف الوزراء واستبدالهم بغيرهم.ولابد لنا كناخبين ان نرفع اصواتنا بقوة لنقول لحكومتنا ولنوابنا بأننا قد سئمنا التأزيم وقد تعطلت مسيرتنا أكثر من اللازم واصبحنا في آخر ركب الدول المتقدمة بل والمتأخرة، وأن وصفتكم السحرية في حل الأمور قد فشلت، فإما أن تصلحوا أحوالكم وأحوال البلد وإما ان تتركوا مناصبكم لكي يشغلها من هو أهل للأمانة والثقة.
د. وائل الحساويwael_al_hasawi@hotmail.com