أعطى نجاح فريق من العلماء والأطباء الصينيين في علاج مريض بالسكر من النوع الثاني، عبر استخدام الخلايا الجذعية، بارقة أمل للمرضى بإمكانية التخلص من المرض الذي يلازم الإنسان طوال حياته، فيما رأى طبيبان لـ«الراي» أن هذا النجاح يعد تطوراً علمياً مهماً وبداية لاستحداث طرق علاجية فعّالة وآمنة للتخلص من هذا المرض المزمن الذي يصيب ملايين البشر.
ولكن الطبيبين استدركا بأن ذلك إلى الآن مجرد اكتشاف بحاجة لمزيد من الوقت والتجارب، ليصبح وسيلة علاج لضمان سلامته وفعاليته، وأن التجربة الصينية تعتبر الأولى في العالم التي تُثبت نجاح استخدام زراعة الخلايا الخاصة بإفراز الإنسولين في علاج مرضى السكري من النوع الثاني، وتحتاج إلى وقت لاعتماد نتائجها.
تطور علمي
فقد أكد استشاري السكر والغدد الصماء الدكتور ثامر العيسى، أن ذلك الحدث يعد تطوراً علمياً مهماً، يفتح الطريق لتطوير خلايا قادرة على إنتاج الإنسولين، مشيراً إلى أن «هذا الكشف يعد إنجازاً علمياً جيداً لعلاج المصابين بالسكر من النوع الثاني، بعد أن كنا نتحدث في السابق عن تجارب وأبحاث من هذا النوع لعلاج المصابين بالسكر من النوع الأول».
وفيما أعرب العيسى عن أمله في أن «تكون تلك التقنية بداية جيدة لتطويرها في ما بعد، لتكون علاجاً فعالاً ومأموناً»، رأى أن «الحدث إلى الآن هو مجرد اكتشاف بحاجة لمزيد من الوقت والتجارب، ليصبح وسيلة العلاج، وهو ما يتطلب سلسلة من المراحل والتجارب لضمان سلامة وفعالية العلاج».
وأوضح أن «المصابين بالنوع الثاني من السكر، ليسوا متشابهين ولكنهم أشكال مختلفة، فمنهم من يعاني من السمنة، ومنهم الكبار والصغار، وهو ما يحتاج بدوره إلى مزيد من التجارب للوقوف على مدى مناسبة هذه التقنية لجميع مرضى السكر من هذا النوع، أو مواصلة تطوير التقنية لتحقيق هذا الهدف».
وختم العيسى بتجديد التأكيد على أن «التقنية كشف علمي مهم، نأمل تطويره في المستقبل، ليصبح علاجاً متاحاً، يناسب كل مرضى السكر من النوع الثاني».
التجربة الأولى
من جهته، قال استشاري الأمراض الباطنية الدكتور غانم السالم، إن «فكرة استخدام زراعة الخلايا في علاج مرضى السكري بدأت منذ زمن، ولكن كانت دائماً تجد مشاكل في نجاح العلاج والاستمرار في المحافظة على معدل السكري المناسب بالدم، وتعتبر التجربة الصينية الأولى في العالم التي تُثبت نجاح استخدام زراعة الخلايا الخاصة بإفراز الإنسولين في علاج مرضى السكري من النوع الثاني».
وأوضح السالم أن «التجربة قد فتحت الباب، للاستمرار بمزيد من التجارب وتحسين طريقة وتقنية العلاج للقضاء على هذا المرض، من دون الحاجة لاستخدام حُقن الإنسولين بشكل يومي، أو استخدام العلاج الدوائي يومياً، علماً أنه في العام الماضي تمت الموافقة على التجارب الخاصة باستخدام تقنية زراعة الخلايا في علاج السكري من النوع الأول في أميركا وتحديداً في شيكاغو».
وبين أن «التجربة الصينية تعتمد على استخدام خلايا المريض نفسه حيث تتم إعادة برمجة الخلايا خارج الجسم، لتصبح خلايا متخصصة في إفراز الأنسولين، ثم إعادة زراعتها بالجسم. غير أن هذه التقنية العلاجية ما زالت في مراحلها الأولى، وتحتاج لمزيد من النقاش الطبي والتطوير، ولكنها بلاشك قد فتحت الباب على مصراعيه في استحداث طرق علاجية فعّالة وآمنة للتخلص من هذا المرض المزمن الذي يصيب ملايين البشر».
وأوضح «في الصين تم عمل التجربة على مريض يبلغ من العمر 59 سنة، يعاني من السكر من النوع الثاني منذ 25 سنة، وكانت (جزر لانغرهانس) الموجودة في البنكرياس الخاصة بإفراز الإنسولين، قد تهالكت من طول المرض، وتعرض المريض للإصابة بمضاعفات مرض السكر، حيث كان يتطلب علاجه أخذ إنسولين بشكل يومي بجرعات مختلفة طول اليوم».
إعلان النجاح
وأشار السالم إلى أن «تطبيق تجربة العلاج بواسطة زراعة خلايا خاصة تفرز مادة الإنسولين في الجسم كانت في يوليو 2021، وبعد 11 أسبوعاً أصبح المريض لا يحتاج لعلاج الإنسولين، ثم بدأ بإنزال علاج السكري الدوائي الذي كان يأخذه عن طريق الفم، إلى أن تم إيقافه تماماً بعد سنة، ومنذ عام 2022، والمريض لا يتناول أي علاج خاص لمرض السكري، وقد تم الاعلان عن هذه التجربة في أبريل الماضي».
ولفت إلى أن «السكري النوع الثاني يحدث عندما يُصاب الانسان بما يسمى بمقاومة الانسولين، وهي حالة مرضية تكون بسبب أن كمية الإنسولين المفروزة بجسم الإنسان غير كافية لنقل السكر إلى الخلايا، عندما تصبح المستقبلات الحسية لمادة الإنسولين غير كافية أو غير فعالة بالشكل الصحيح».