الرياض - وكالات - شهدت السعودية، أمس، حراكاً سياسياً - ديبلوماسياً مكثفاً كان عنوانه الأبرز وقف العدوان على قطاع غزة وتدارك الأوضاع الإنسانية المريرة، إذ تحدث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن الهدنة المطروحة داعياً حركة «حماس» إلى قبول ما وصفه بـ«عرض سخي»، في حين أبدت مصر تفاؤلاً حذراً بالتوصل إلى هدنة هذه المرة.
وقال بلينكن، خلال الاجتماع الوزاري المشترك للشراكة الإستراتيجية بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والولايات المتحدة في الرياض، إن بلاده ترى أن الوضع الإنساني في غزة شهد تقدماً ملموساً، لكنه أشار إلى أن ذلك لايزال غير كافٍ، وتعهد بالضغط على المسؤولين الإسرائيليين لبذل المزيد من الجهد.
وأضاف «علينا أخيراً أن نتأكد من أننا لا نركز فقط على المدخلات بل على التأثير. كل هذا سيكون محور التركيز في الأيام القليلة المقبلة بالنسبة لي خلال زيارتي للأردن وإسرائيل».
وخلال جلسة حوارية للمنتدى الاقتصادي العالمي، أعرب بلينكن عن أمله في أن توافق حركة «حماس» على اتفاق الهدنة المطروح الذي يشمل تبادل أسرى ووصفه بأنه «سخيّ جداً».
وقال: «أمام حماس اقتراح سخي جداً من جانب إسرائيل... عليهم أن يقرروا، وعليهم أن يقرروا بسرعة، آمل أن يتخذوا القرار الصحيح»، مشيراً إلى إمكانية إحداث «تغيير جذري في الديناميكية» بعد نحو ستة أشهر من اندلاع الحرب.
وجدد رفض واشنطن لاجتياح رفح، مضيفاً أن «أميركا لم تطلع على خطة من إسرائيل في شأن هجوم رفح توافر الحماية للمدنيين».
كما تطرق الوزير الأميركي إلى العلاقات مع دول الخليج، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ستجري محادثات في الأسابيع المقبلة مع دول المجلس الست حيال دمج الدفاع الجوي والصاروخي وتعزيز الأمن البحري.
ورأى أن المنطقة أمامها خيار في شأن مستقبلها، بما في ذلك «مستقبل مليء بالانقسامات والدمار والعنف وعدم الاستقرار الدائم».
وأضاف أن دول الخليج العربية اختارت من خلال اجتماعها مع الولايات المتحدة «تكاملاً أكبر» و«سلاماً أكبر».
بدوره، استخدم وزير الخارجية البريطاني ديفيد كامرون الوصف نفسه الذي استخدمه نظيره الأميركي، موجهاً النصيحة نفسها لحركة «حماس»، بالقول: «إن هناك عرضاً سخياً للغاية يتضمّن وقف إطلاق نار لمدة 40 يوماً والإفراج المحتمل عن آلاف السجناء الفلسطينيين، مقابل إطلاق سراح الرهائن» الإسرائيليين في غزة، آملًا أن تقبل به «حماس».
البديوي
من ناحيته، جدد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي موقف دول المجلس الثابت في شأن الرفض القاطع لانتهاكات الاحتلال للقانون الدولي والإنساني وعدوانه على قطاع غزة.
وأشار إلى «الظروف الاستثنائية والصعبة وغير المسبوقة التي تشهدها المنطقة، والتي تحتم تضافر الجهود على كافة المستويات لخفض التصعيد».
وجدد المطالبة بالوقف الفوري والمستدام لإطلاق النار والعمليات العسكرية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي في كافة أنحاء غزة.
وفي شأن التوترات بين إيران والاحتلال الاسرائيلي، قال البديوي إن استمرار التصعيد المتبادل ينذر بتفجر الأوضاع في المنطقة، داعياً إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس.
بن فرحان
من ناحيته، أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ضرورة «وضع حلول للوضع الفلسطيني بشكل شامل».
وقال خلال جلسة حوارية، في المنتدى، إن «الأمم المتحدة تقدر إعادة إعمار غزة في 30 عاماً... ولا يمكن تجاهل ما يعانيه الفلسطينيون في الضفة الغربية... نحتاج إلى مسار ذي مصداقية ولا رجعة عنه لإنشاء دولة فلسطينية».
كما أشار إلى أن من المتوقع «في القريب العاجل» إبرام اتفاقيات ثنائية بين المملكة والولايات المتحدة، وذلك رداً على سؤال في شأن المفاوضات بين البلدين حول اتفاق أمني.
وأضاف: «معظم العمل تم إنجازه بالفعل، لدينا الخطوط العريضة لما نعتقد أنه يجب أن يحدث على الجبهة الفلسطينية».
شكري
بدوره، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال الجلسة إن «ما يجب فعله هو حل الدولتين ومنع اتساع دوامة العنف»، مشيراً إلى أن مصر قدمت «مقترحاً على الطاولة أمام إسرائيل وحماس يفضي لوقف إطلاق النار... ونحض إسرائيل وحماس على تقديم تنازلات».
وأكد أنه «متفائل» حيال المقترح الجديد وذلك، قبل ساعات من وصول وفد «حماس» إلى القاهرة لإجراء محادثات.
وأضاف: «ان المقترح أخذ في الاعتبار مواقف الجانبين وحاول انتزاع الاعتدال».
الصفدي
من جهته، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، خلال الجلسة نفسها، إن «الحكومة الإسرائيلية تقودها أيديولوجية لا تؤمن بحل الدولتين، وإسرائيل تقول علناً إنها لا تريد حل الدولتين وترفض القرارات الدولية»، معتبراً أن «الاستيطان الإسرائيلي يقتل حل الدولتين».
ورأى أن «على العالم أن يواجه (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو، وألا يسمح له بجر المنطقة لحرب».
ورأى أن «قيام دولة فلسطينية يجعل ما تناصره حماس لا محل له من الإعراب»، مضيفاً «سنقول لحماس افرجوا عن الرهائن إذا أوقفت إسرائيل إطلاق النار أولاً».
وأكد أن «أي مقاربة في غزة لابد أن تكون ضمن حل شامل للمسألة الفلسطينية».