| كتب منصور الشمري |
يمثل تاريخ 24 فبراير و26 فبراير من كل عام مناسبتين مهمتين لكل كويتي ومقيم على هذه الارض الطيبة، فالاول ارتبط قبل 19 عاما وتحديدا العام 1991 بتاريخ بدء انطلاق الحرب البرية لتحرير الكويت من براثن الاحتلال العراقي الغاشم، من قبل قوات التحالف **التي قادتها الولايات المتحدة آنذاك، بينما يمثل تاريخ 26 فبراير من العام نفسه 1991 مناسبة سعيدة وعزيزة في الوقت نفسه على الكويتيين، وهي تاريخ تحرير الكويت ليبقى هذا التاريخ محفورا في ذاكرة الزمن، يحتفل به الكويتيون كل عام على طريقتهم الخاصة لا سيما انه يتزامن مع ذكرى اخرى غالية تصادف 25 فبراير، وهو تاريخ استقلال الكويت.
والامر المؤكد ان تاريخ (24) فبراير له وقع جميل في النفوس
لكونه جاء ليعلن اقتراب اللحظة الحاسمة لتحرير الكويت من براثن الجيش العراقي بعد اشهر من الاحتلال البغيض لها والتي استمرت ما يقارب الاشهر السبعة.
لذا فإن تاريخ (24) فبراير يستحق ان تكون له مناسبة خاصة، في توجه إلى قراءة الواقع الذي تم آنذاك والتجهيزات التي تمت منذ احتلال البلاد حتى بدء انطلاق الحرب البرية وتحرير الكويت.
بعض الذكريات والمواقف البطولية حول حرب التحرير يرويها لـ «الراي» اللواء ركن طيار متقاعد صابر السويدان والذي كشف عن معلومات مهمة حول خطط تحرير الكويت في التالي من السطور:

• ماذا يعني للكويتيين تاريخ (24) فبراير؟
- هذا التاريخ ارتبط بأذهاننا ككويتيين وسيبقى محفورا في ذاكرة التاريخ لأنه يعني لنا طريق الحرية، ويعني لنا الأمل ويعني لنا بداية عودة الحياة وعودة الشرعية لبلدنا بعد فترة احتلال بغيضة استمرت (7) اشهر متواصلة.
• كخبير عسكري كيف ترى التخطيط العسكري للحرب البرية؟
- قبل ذلك يجب ان نتحدث عن معلومات لtعلها تنشر للمرة الاولى ولا يعرف عنها الكثيرون، ولعل استغلال هذه المناسبة للنشر ان تكون تلك المعلومات لها دور في الوقوف على حقبة زمنية مهمة من تاريخ وطننا المجيد.
• وما تلك المعلومات؟
- ما لا يعرفه الكثيرون ان الولايات المتحدة ونظرا لاعتبارها منطقة الخليج العربي منطقة ذات اهمية استراتيجية لها، لكونها تمثل مصدر النفط الاول لدول العالم، لذلك فإنها كانت تعتمد على خطة تعتبرها «خطة طوارئ» للتدخل في حال نشوب ازمات في هذه المنطقة، وهذه الخطة كانت تسمى «خطة الطوارئ الرد السريع» وكانت هذه الخطة تحمل رقم «88-1307 RRP» في البنتاغون واساس هذه الخطة هو التدخل العسكري في حال نشوب ازمات او حروب في المنطقة من شأنها التأثير على انتاج الطاقة في المنطقة او تأثر صادراتها للولايات المتحدة والعالم.
• وما كان دور هذه الخطة عند بداية الغزو العراقي؟
- مع بداية الغزو العراقي الغاشم وبدء انتقال القوات الحليفة والصديقة الى المملكة العربية السعودية، كان هناك فريقان مسؤولان عن ادارة هذه الازمة وادارة هذه الخطة، الاول هو فريق القوة الجوية للقيادة المركزية الاميركية في فلوريدا (centaf) والآخر في البنتاغون (CH) ويطلق عليه فريق «شيك ميت» وهذان الفريقان كانا مسؤولين عن ادارة هذه الخطة وهذه الازمة عسكريا.
• وبعد ذلك ماذا حدث؟
- ما ان اجتمعت القوات العسكرية في المملكة العربية السعودية، تم دمج هذين الفريقين في فريق واحد اطلق عليه اسم «فريق الحفرة السوداء» وانتقل هذا الفريق إلى الرياض لإدارة هذه الازمة عن قرب، لا سيما ان ادارتها تتطلب اجتماعات ومناقشات خصوصا مع الدولة المضيفة السعودية.
ولذلك كان هناك تصور لدى هذا الفريق وهو «الحفرة السوداء» بضرورة ايجاد خطة بديلة عن خطة الطوارئ تلك لا سيما ان تلك الخطة وضعت دون سيناريو وكذلك فإن الاحداث وماتلاها فرض ان تكون هناك خطة تراعي هذا الجانب وهذه الاحداث المتتالية.
• وهل ادى ذلك إلى ايجاد خطة بديلة؟
- نعم، تم وضع خطة بديلة وكان ذلك في تاريخ 4 اغسطس العام 1990 واطلق عليها خطة الطوارئ (90 - 1002) وكانت هذه الخطة معدة وفق سيناريو لمواجهة خطر محدق بدولة صديقة.
• وماذا حدث بعدها؟
- لم تجد تلك الخطة الصدى لها في نفوس القادة العسكريين، لاسيما انها لا تتواكب مع جلال الحدث وقوته، نظرا لكون ان هناك دولة محتلة واخرى مهددة وتحالفا دوليا لمواجهة دولة معتدية، وهذا كله يحدث في اقليم يمثل الاهم في العالم في معدلات انتاج الطاقة.
• وهل تم اعداد خطة بديلة تواكب تلك التطورات؟
- هذا صحيح، تم اعداد خطة في (17) اغسطس العام 1990 اطلق عليها خطة «الرعد السريع المفعول»، وهذه الخطة قسمت إلى شقين في 17 سبتمبر العام 1990 الاول في الخطة الدفاعية الاولى، واطلق عليها (ato-bravo) والخطة الدفاعية الثانية وعرفت باسم العقرب واطلق عليها (ato-punishment) الا ان هذه الخطة كانت دفاعية بحتة وتتمحور حول شيء وحيد هو الدفاع عن المملكة العربية السعودية من الخطر العراقي، وفي هذه الفترة كانت القوات الحليفة والصديقة في طور التجمع في المملكة العربية السعودية. ولذلك كان الانتظار سيد الموقف، حتى شهر اكتوبر عندما صدرت الاوامر بتغيير الخطة من دفاعية إلى هجومية.
• وكيف؟
- صدرت الاوامر بتغيير الخطة من دفاعية إلى هجومية والبدء في تطوير خطة «الرعد السريع المفعول» لتصبح «الطريق إلى المنزل عبر بغداد» ليتم تغيير اسمها لاحقا إلى «عاصفة الصحراء» وتشمل تحرير الكويت والدفاع عن السعودية ضد اي خطر عراقي.
• وما ملامح خطة الرعد السريع المفعول هذه؟
- كما قلت هي خطة هجومية تعتمد على استخدام القوة الجوية في قصف استراتيجي محدود للعراق، وكانت هذه الخطة تعتمد في شقها الاول وهو (ato-bravo) على صد غزو عراقي للسعودية مع استخدام القوة الجوية في اليومين الاولين للتصدي للغزو ومن ثم تطويره إلى عملية هجومية، اما الشق الآخر من الخطة وهو الخطة الدفاعية الثانية (ato-punishment) فهي خطة ردع اذا حاول العراق استخدام صواريخ سكود او حربا كيماوية ضد السعودية.
• هذه الخطة كانت قبل ان يتم تعديلها لتشمل الكويت؟
- هذا صحيح، وبعد تعديلها اصبحت الخطة هي عاصفة الصحراء وتعتمد على تحرير الكويت من الغزاة العراقيين بالقوة الاميركية والحليفة في المنطقة.
• وهل هناك مدة زمنية لهذه الخطة؟
- المدة الزمنية المحددة كانت شهرا كاملا إلا انها طالت إلى ما يقارب (43) يوما وذلك بسبب سوء الاحوال الجوية في بعض الاحيان وبعض التكتيك العسكري.
• وما ابرز ملامح تلك الخطة؟
- كانت الخطة من (5) مراحل، الاولى اطلق عليها المرحلة الاستراتيجية وهي تحقيق التفوق الاستراتيجي على العدو، والثانية هي تحقيق التفوق الجوي، وهذا تم من خلال القصف المكثف لأهداف العدو، والذي تم من خلال الحرب الجوية، والمرحلة الثالثة هي التركيز على الحرس الجمهوري والتمهيد للمرحلة الكبرى، والمرحلة الرابعة هي التمهيد للحرب البرية في الكويت، والمرحلة الخامسة كانت الهجوم البري واسناده.
• وكيف تم تنفيذ الخطة؟
- اولا من خلال تقسيم الكويت إلى مربعات قتال للطائرات، مساحة كل مربع (3) * (30) ميلا ويطلق عليه (kill box) وهي جزء من تقسيم كافة مسرح العمليات (kto) وهذا الامر ساعد على توجيه الكم الكبير من الطائرات العسكرية وتحديد مكان عملها، حيث تم تكليف ما يقارب (200) إلى (250) طائرة بكل مربع من المربعات لدك مواقع العدو واضعافه، تمهيدا للخطة الحاسمة، لا سيما ان الحرب الجوية التي بدأت منذ (17) يناير واستمرت حتى (26) فبراير ساهمت بقوة في اضعاف العدو وتدمير مواقعه اضافة إلى ان ضعف مواجهة العدو سهل عملية التحليق فوق اجوائه ودك مواقعه.
• كم عدد الطائرات التي ساهمت في تلك الحملة لدك مواقع العدو؟
- ما يقارب من (600) طائرة مقاتلة بين طائرات مخادعة وطائرات تشويش الكتروني اضافة لطائرات التزود بالوقود ناهيك عن الطائرات العسكرية مثل الاباتشي (b52) و(f15) و(f17) وطائرات (ef111) والنورما يزي.
• وما محور الارتكاز في هذه الحملة؟
- اضعاف القوة للعدو من خلال فتح ثغرات في الدفاع الجوي العراقي وانهاك العدو وتدمير الحرس الجمهوري حتى الوصول إلى اللحظة الحاسمة والحرب البرية.
• وهل تحقق ذلك الهدف؟
- بالطبع تحقق بدليل ان الحرب البرية التي انطلقت في (24) فبراير لم تستمر طويلا حتى جاء موعد تحرير البلاد بعد (48) ساعة تقريبا، وذلك نظرا لفعالية الحرب الجوية والتي مهدت للوصول إلى هذه اللحظة وهي اللحظة الحاسمة، والتي نحمد الله كثيرا عليها وسيبقى هذا التاريخ محفورا في اعماقنا وسيذكره ابناؤنا واحفادنا من بعدنا.
• في هذا التاريخ وفي هذا اليوم ماذا تقول لأهل الكويت؟
- اولا اهنئ سيدي حضرة صاحب السمو امير البلاد حفظه الله ورعاه، واهنئ سيدي سمو ولي العهد وسمو رئيس مجلس الوزراء واهل الكويت بهذه المناسبة، واتمنى ان يحفظ الله الكويت من كل مكروه، وان ينعم الرخاء على اهلها وان تسود المحبة والألفة بين أهل الكويت.
وبودي هنا ان اذكر الجميع بأن الغزو الغاشم لم يفرق بيننا عندما قام باحتلال بلدنا، لذا ادعو في هذه المناسبة إلى الوحدة والتكاتف تحت رعاية سمو امير البلاد المفدى من اجل وطننا الكويت.