جاءت زيارة معالي الدكتور علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الاسلامي الايراني الى دولة الكويت لترسم خارطة طريق للعلاقات الثنائية بين البلدين، وتمهد لزيارة أمير البلاد الى طهران والتي سوف تتوج مسيرة العلاقات العربية - الايرانية لاسيما خلال رئاسة الكويت لمجلس التعاون الخليجي.
وتأتي هذه الزيارة انطلاقاً من اهتمام طهران بتعزيز تواصلها مع دول الجوار وهي تحتفل بالذكرى الحادية والثلاثين لانتصار ثورتها بقيادة الامام الخميني الراحل حيث تتمحور هذه السياسة على المستوى العملي والميداني في المنطقة في الأولويات التالية...
- استتباب السلام والأمن في الجوار الايراني.
- توطيد علاقات المودة والصداقة مع العالم الاسلامي لاسيما البلدان المجاورة.
- التعاون السياسي والثقافي والاقتصادي مع جميع دول العالم ماعدا الكيان الصهيوني.
- المشاركة والتعاون الفعال مع المنظمات الدولية.
ويشكل تعزيز السلام والأمن في الجوار الايراني قلب السياسة الخارجية الايرانية.
ان الجمهورية الاسلامية تقع في مركز منطقة حساسة وجيواستراتيجية في العالم، وهي خامس دولة في العالم من حيث احتياطي المعادن اذ تملك عشرة في المئة من احتياطي النفط، وخمسة عشر في المئة من احتياطي الغاز العالمي. وهي همزة الوصل التاريخية بين آسيا واوروبا، وتنعم بأكثر طرق الترانزيت أماناً وأشدها توفيراً في اتجاه آسيا الوسطي والقوقاز، ولها شبكات خدماتية وانتاجية واسعة ومتنامية، وطاقات بشرية مدربة، وتعتبر شريكاً اقتصادياً وتجارياً مطمئناً. وان التزامها وحرصها على التعاون الاقليمي وسعيها لتحقيق السلام والأمن في المنطقة والعالم يعزز مكانتها.
ويتم رسم السياسة الاقليمية وفقاً لخواص المنطقة الحساسة التي نعيش فيها حيث يكتسب بلدنا أهمية خاصة لوقوعه ضمن بقعة هي عصب الاقتصاد العالمي، وأود ان أشير الى بعض النقاط المهمة في هذا المجال:
- علاقاتنا مع البلدان المجاورة لها أهمية خاصة لأن توطيدها، لاسيما مع دولة الكويت الشقيقة والصديقة، يقوم على العديد من الأواصر الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والدينية الواسعة.
- ان التخويف والتهويل الذي تمارسه القوى الكبرى ضد ايران، ومحاولة نصب درع صاروخية تحت غطاء حماية أمن دول مجلس التعاون ما هي الا محاولة لتضليل الرأي العام، والادعاء بأن ايران تشكل مصدر خطر لدول المنطقة، في حين ان طهران طالما مدت يد الأخوة والمحبة لجيرانها، ولم تفكر يوماً في الاعتداء على أحد مؤكدة بأن تطورها النووي ومنجزاتها العسكرية لخدمة دول المنطقة، والدفاع عن حياضها ضد أي اعتداء صهيوني قد يخطر على بال مغامري تل أبيب.
- ان مبدأ عدم تجزئة الأمن الاقليمي يبدو اليوم واضحاً وجلياً على مستوى المنطقة، وان اعتماد دول المنطقة على بعضها في مختلف الأبعاد يجعل استتباب الأمن أو انعدامه يشمل الجميع، لذلك فانه على جميع دول المنطقة المساهمة في ارساء الاستقرار والأمن من خلال التعاون وبذل الجهود.
- ان منطقتنا التي ذاقت خلال عقدين من الزمن تجربة حربين مريرتين ضد ايران والكويت هي في حاجة الى مبادرة عاجلة للحد من التوتر، وان توفر الأمن والاستقرار للمنطقة يمكن ان يتم على أحسن وجه بواسطة دولها ما يضمن المصالح المشروعة للمجتمع الدولي ازاء مصادر الطاقة في المنطقة. وعلى هذا الأساس فإن دول المنطقة قادرة من خلال تبادل الرأي المتواصل وتكثيف الجهود ان تصل الى ترتيبات أمنية مقبولة لكي تستخدم ثرواتها في سبيل البناء والاعمار، بدلاً من صرفها لشراء المزيد من الأسلحة.
ان توطيد علاقات الصداقة والتعاون مع الدول الاسلامية، التي وصل عددها الآن الى خمس وخمسين دولة، يمهد لبناء قاعدة رصينة قادرة على اثبات فاعليتها، وتسجيل حضورها كقوة عالمية تتصدى للمؤامرات التي تحاك اليوم ضد العالم الاسلامي بأسره.

سمير أرشدي
عضو اتحاد الكتاب والأدباء العرب