شهد القطاع المصرفي الأميركي انهيار 3 بنوك خلال 5 أيام فقط، فبعد «سيلفرغيت كابيتال بنك» الصديق للعملات المشفّرة الذي أعلن عن تصفيته الأربعاء الماضي، وإغلاق «سيليكون فالي» الجمعة، أغلق المنظمون في ولاية نيويورك أول من أمس الأحد بنك «سيغنتشر» الصديق للعملات المشفّرة أيضاً، مع وضعه تحت الحراسة القضائية، وسط جهود أوسع لمنع انتشار العدوى في القطاع المصرفي.

وتأتي تلك الانهيارات بعدما أدت حملة التشديد النقدي التي شنها مجلس الاحتياطي الفيديرالي الأميركي إلى ارتفاع معدلات الفائدة، ما ترك بعض البنوك تحتفظ بسندات طويلة الأجل انخفضت قيمتها في الوقت نفسه الذي ترتفع فيه تكاليف تمويلها.

من جانبه، قال الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس أنه وجه بالتحرك سريعاً لاحتواء تداعيات انهيار «سيليكون فالي».

وأضاف بايدن في خطاب حول تداعيات انهيار البنك، أنه بإمكان المودعين الوصول إلى أموالهم بدون عوائق.

وأوضح أن المستثمرين الذين يخاطرون بودائع الأميركيين ستتم محاسبتهم ولن يحظوا بأي حماية، مضيفاً: «سنحاسب المسؤولين عن أزمة البنوك ولا أحد فوق القانون».

وأشار بايدن إلى أن دافعي الضرائب لن يتحملوا خسائر البنوك، مؤكداً أن الإدارة الأميركية لن تسمح بتكرار إخفاقات البنوك، وستعمل على حماية الشركات الناشئة.

وتابع «ستتم إقالة إدارة بنكي (سيليكون فالي) و(سيغنتشر)، وستتم محاسبتهم»، منوهاً إلى أن «النظام المصرفي الأميركي آمن، وسيطلب من الكونغرس تشديد القوانين المتعلقة بالبنوك».

وطلب الرئيس من الأميركيين «الثقة في النظام المصرفي»، مؤكداً أن ودائعهم في أمان.

وتعليقاً على الإجراءات الأميركية في شأن الانهيارات المصرفية، رجحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن تقوم الولايات المتحدة، في محاولة لإنقاذ نظامها المصرفي، بطباعة النقود، مشيرة إلى أن ذلك سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية حول العالم.

وكتبت زاخاروفا في منشور عبر «تلغرام»: «يمكن حتى للطفل أن يشرح كيف ستحافظ السلطات الأميركية على استقرار النظام المصرفي. سيطبعون المزيد من الدولارات، الأمر الذي سيسبب المزيد من المشاكل حول العالم».

استثناء المخاطر النظامية

وقال المنظمون إن عملاء «سيغنتشر»، سواءً المؤمّن عليهم أو غير المؤمّن عليهم، سيكونون قادرين على الوصول إلى كل ودائعهم الإثنين (أمس)، بموجب «استثناء المخاطر النظامية» نفسه المتاح لعملاء «سيليكون فالي»، فيما شكّل قرار «سيغنتشر» مفاجأة لمديريه، الذين اكتشفوا ذلك قبل وقت قصير من الإعلان العام.

وكان البنك قد واجه سحوبات كبيرة للودائع يوم الجمعة الماضي، لكن الوضع استقر الأحد، على حد قول شخص طلب عدم الكشف عن هويته.

وذكرت مؤسسة تأمين الودائع الفيديرالية (FDIC) أنها نقلت ودائع «سيغنتشر» وأصوله كافة إلى «سيغنتشر بريدج بنك»، وهو بنك متكامل الخدمات ستديره المؤسسة، حيث تقوم بتسويق عملية بيع البنك لمقدّمي العطاءات المحتملين، فيما أوضح فرانك أن «السعر الذي ستأتي به العروض سيظهر قوة البنك».

أضاف «أتفهم التهافت على سحب الودائع.. لكنني أعتقد أنها كانت حالة كلاسيكية لنقص السيولة ولكنه ليس تعسراً، ونقص السيولة هذا عائد لأسباب خارجية كان من الممكن تجنبها».

تشابه النشاط

ويشبه نشاط «سيغنتشر» إلى حد كبير «سيليكون فالي»، حيث يتكون العملاء بالكامل تقريباً من الشركات. وكانت لدى «سيغنتشر» قاعدة ودائع في الغالب غير مؤمّنة بما يقارب 90 في المئة من الودائع مقابل 93 في المئة من الودائع المحلية في «سيليكون فالي»، إذ قد يكون هذا ما جذب انتباه المنظمين الذين يتطلعون إلى البنوك ذات قواعد الودائع الكبيرة غير المؤمّنة.

وأفاد شخص مطّلع بأن أصول «سينغنتشر» كانت أيضاً أقل تنوعاً من بعض نظرائه، ومن المحتمل أن يكون ذلك قد أدى إلى جعل إدارة الزيادات الكبيرة في أسعار الفائدة في العام الماضي، والتي أدت إلى تآكل قيمة السندات، أكثر صعوبة.

قطاع التشفير

وقد يتسبّب انهيار «سيغنتشر» في مشكلات خطيرة لأحد جوانب صناعة التكنولوجيا وقطاع التشفير، إذ كشفت «كوين بيس غلوبال»، أكبر بورصة عملات مشفرة في الولايات المتحدة، أن لديها رصيداً قدره 240 مليون دولار في البنك حتى ليلة الجمعة، فيما ذكرت «باكسوس غلوبال» أن لديها 250 مليون دولار هناك أيضاً، مبينة أن «لديها تأميناً على الودائع الخاصة يزيد كثيراً على رصيدها النقدي وحدود مؤسسة التأمين الفيديرالية على الودائع لكل حساب».

وبعد إغلاق شبكة التداول الخاصة بـ«سيلفرغيت» في أوائل مارس الجاري، كانت منصة «سيغنت»، وهي شبكة دفع تسمح لعملاء التشفير التجاريين بإجراء مدفوعات بالدولار في أي وقت على مدار 7 أيام في الأسبوع، المنصة الوحيدة في المدينة التي يستخدمها العديد من عملاء التشفير لإرسال المدفوعات بسرعة إلى البورصات والموردين، إذ أصدرت منصة «ليدجر إكس»، وهي منصة مشتقات تشفير، توجيهاً للعملاء في وقت سابق بإرسال برقيات التحويلات المحلية إلى «سيغنتشر» بدلاً من «سيلفرغيت».

وإذا خرجت «سيغنت» التابعة لـ«سيغنتشر» من الساحة، فقد يواجه المستخدمون صعوبة في الدخول والخروج بسرعة من البورصات، ما يؤثر بشكل كبير على سيولة سوق التشفير.

وكانت الأجهزة الرقابية الحكومية الأميركية قد ذكرت في بيان أنها سيطرت على «سيغنتشر»، وأن إجمالي أصول البنك يبلغ نحو 110.36 مليار دولار، وإجمالي الودائع نحو 88.59 مليار دولار كما في 31 ديسمبر. وكان لدى «سيغنتشر» 40 فرعاً في ولايات نيويورك وكاليفورنيا وكونيتيكت ونورث كارولينا ونيفادا، وفقاً لمؤسسة تأمين الودائع الفيديرالية.

برميل النفط يهوي 4 دولارات

تراجعت أسعار النفط، أمس، 4 دولارات، مقتفية أثر الأسهم، إذ أثار انهيار 3 بنوك أميركية مخاوف من حدوث أزمة مالية جديدة، لكن انتعاش الطلب الصيني قدم بعض الدعم.

وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت، أثناء تداولات أمس، 3.96 دولار، أو 4.8 في المئة، إلى 78.82 دولار للبرميل، كما هبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 3.86 دولار أو 5 في المئة إلى 72.82 دولار للبرميل.

وسجل خام برنت أدنى مستوياته منذ أوائل يناير الماضي، بينما لامس خام غرب تكساس الوسيط أسعاراً لم يشهدها منذ أوائل ديسمبر 2022.

«HSBC» يشتري ذراع «SVB» البريطاني مقابل جنيه إسترليني واحد

أفاد بنك «HSBC» بأن شركته التابعة في المملكة المتحدة ستستحوذ على ذراع بنك «سيليكون فالي» في بريطانيا، مقابل جنيه إسترليني واحد.

يأتي ذلك بعد أسبوعٍ حافل حاول خلاله الوزراء المعنيون ومصرفيون استكشاف مختلف السُبل لتجنُّب انهيار وحدة «سيليكون فالي».

وقال الرئيس التنفيذي في «HSBC» نويل كوين «هذا الاستحواذ له بُعد إستراتيجي ممتاز لأعمالنا في المملكة المتحدة»، مؤكداً أن «عملاء (سيليكون فالي) يمكنهم الاستمرار في أعمالهم المصرفية كالمعتاد، وبأمان، مع علمهم بأن ودائعهم مدعومة بقوة، وسلامة، وضمانة (HSBC)».

هلع في أسواق الأسهم و«فيرست ريبابليك» يخسر 65 في المئة

تتجه أسواق الأسهم إلى الهلع وسط مخاوف قوية من استمرار انهيارات البنوك بعد إفلاس بنكين أميركيين.

وفي هذا السياق، فتحت مؤشرات الأسهم الرئيسية في «وول ستريت»، أمس، على انخفاض متأثرة بتراجع أسهم البنوك.

وفتح مؤشر «ستاندرد آند بورز» على انخفاض قدره 26.47 نقطة أو 0.69 في المئة عند 3835.12 نقطة، بينما خسر المؤشر «ناسداك المجمع» 97.43 نقطة أو 0.87 في المئة ليفتح عند 11041.46 نقطة.

وقاد «فيرست ريبابليك بنك» جولة الانخفاضات الكبيرة في قطاع البنوك بعد أن هوت أسهمه بنحو 65 في المئة في تداولات ما قبل افتتاح السوق أمس، وذلك بعد تراجع بـ33 في المئة الأسبوع الماضي.

وواصلت البورصات الأوروبية تراجعها أمس، مسجلة أسوأ جلسة خلال 2023.

وانخفض المؤشر «ستوكس 600» الأوروبي 2.52 في المئة خلال تداولات أمس بعد أن أغلق عند أدنى مستوى في أكثر من 5 أسابيع الجمعة الماضي، فيما هبط مؤشر «كاكا» الفرنسي 2.48 في المئة، وتراجع مؤشر «داكس» الألماني 2.52 في المئة، و«فوتسي» البريطاني 2.1 في المئة، و«فوتسي إم أي بي» الإيطالي 3.91 في المئة.

وتراجعت أسهم المصارف الأوروبية، حيث هبط سهم «بي إن بي باريبا» بنحو 6.06 في المئة، و«سانتاندير» بـ7.37 في المئة، و«إن جي» بـ8.3 في المئة، و«كورتسبنك» بـ12.2 في المئة.

سوق العملات المشفّرة تقفز فوق التريليون دولار

ارتفعت العملات المشفّرة، أمس، بعد تحركات من جانب الحكومة الأميركية لحماية المودعين في «سيليكون فالي»، وشراء «HSBC» ذراع المقرض الأميركي في المملكة المتحدة.

وصعدت «بيتكوين» بنحو 10 في المئة تقريباً لتبلغ 22560.2 دولار، وهو أعلى مستوى لها في 10 أيام، وفقاً لبيانات «CoinDesk»، فيما ارتفعت «إيثر» أيضاً بنحو 10 في المئة إلى 1614.89 دولار.

واكتسب سوق العملات المشفّرة الإجمالي أكثر من 70 مليار دولار في 24 ساعة، ليقفز مرة أخرى فوق مستوى التريليون دولار.

«السيادي النرويجي» يتوقع استرداد استثمارات في سندات «SVB»

توقّع صندوق الثروة السيادي النرويجي - أكبر صندوق سيادي في العالم - استرداد بعض الاستثمارات التي قام بها في سندات مجموعة «SVB»المالية الأميركية المنهارة.

وأفادت «رويترز»، نقلاً عن متحدث باسم الصندوق قوله: «هذا أكبر انهيار لبنك أميركي منذ الأزمة المالية. نراقب عن كثب الوضع في السوق»، مضيفاً «نتوقع استرداد بعض المال من تعرضنا الائتماني، لكن من السابق لأوانه تحديد المبلغ».