أعلنت النائب الدكتورة جنان بوشهري تقديم طعن مباشر أمام المحكمة الدستورية على الفقرة الثالثة من المادة 25 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، والمتعلقة بغياب الوزراء عن الجلسات، موضحة أن هذه الفقرة تستثني الوزراء من العقوبات حال تغيبهم عن جلسات مجلس الأمة وتقتصر هذه العقوبات على النواب المنتخبين فقط.

و في مؤتمر صحافي عقدته، اليوم الاثنين، قالت بوشهري «استخدمت حقي الدستوري في اللجوء للمحكمة الدستورية بعد أن عطلت الحكومة جلسات مجلس الأمة لأكثر من شهر وتسببت بتعليق الأدوات الدستورية الرقابية والتشريعية، وتسببت بأضرار جسيمة للوطن والمواطنين»، مشددة «لا يمكن أن أقف متفرجة أمام هذا الوضع غير الدستوري أو أتهاون دون استخدام جميع الأدوات المتاحة لي لتصحيح هذا الوضع حتى وإن كانت هذه الأدوات خارج إطار البرلمان».

وأضافت «إزاء تكرار الممارسة الحكومية في أكثر من فصل تشريعي أصبح لزاما أن يكون هناك تدخل وفق الأدوات المتاحة راهنا يضع الوزراء تحت طائلة المحاسبة والعقاب في حال تخليهم عن أداء واجبهم الدستوري بحضور جلسات مجلس الأمة»، منوهة إلى أن حضور الجلسات واجب دستوري على الحكومة لأن المادة 116 من الدستور أوجبت على الحكومة أو من يمثلها حضور جلسات مجلس الأمة، والهدف من هذا النص ليس تحقيق النصاب في الجلسات لأن النصاب يقوم على أساس عددي وليس على أساس نوعي بحسب فهمي وقناعتي في تفسير النصوص.

وذكرت بوشهري أن «غاية المشرع في نص المادة 116 من الدستور هو لإدارة مصالح الوطن والمواطنين والتعاون مع أعضاء مجلس الأمة في الجوانب التشريعية وفق ما نصت عليه المادة 50 من الدستور، وتمكين النواب من فرض أدواتهم الرقابية داخل مجلس الأمة»، مبينة أن الواجب الدستوري يقع على الحكومة أي كانت صفتها وشكلها القانوني سواء كانت حكومة قائمة أو حكومة تصريف العاجل من الأمور، وعموما الحكومة واجباتها ثابتة أمام الدولة والمواطنين لا تتغير بتغير صفتها.

وأشارت إلى أنه «إن كان من واجب النائب المنتخب الالتزام بحضور جلسات مجلس الأمة فمن باب أولى أن يحمل عضو مجلس الأمة المعين المسؤولية والالتزام نفسهما»، لافتة إلى أنه لا عدالة ولا مساواة في أن يعاقب النائب المنتخب على غيابه عن الجلسات، بينما لا يحاسب الوزير حال تخليه عن واجبه الدستوري في حضور جلسات مجلس الأمة ويتسبب بتعطيل هذه الجلسات وتعطيل مرفق مجلس الأمة وشلل لمصالح الدولة والمواطنين، موضحة أن الأصل هو أن يؤدي النواب سواء كانوا منتخبين أو وزراء أعمالهم بالأمانة والصدق التزاما بالقسم الدستوري، والالتزامات الموكلة إليهم لأن النائب مؤتمن في تمثيل الشعب والوزير مؤتمن في تمثيل رئاسة الدولة لخدمة الشعب.

وفضلت بوشهري أن يكون هناك جزاء في حال نكث النائب أو الوزير بهذا القسم وأن تتصدى اللائحة الداخلية لمجلس الأمة لهذه التصرفات وأن تنص على عقوبات تشمل الوزراء ولا تستثنيهم، وأن تكون هناك محاسبة قانونية تتناسب مع جسامة الفعل متى ما تعطلت المحاسبة السياسية كما نشهده الآن.

وأشارت إلى أن هناك تعديلات مقدمة من بعض النواب على المادة 74 من اللائحة الداخلية تؤكد على صحة انعقاد واستمرار الجلسات بدون حضور الحكومة، وأنا من المؤيدين لمثل هذه التعديلات حتى لا يكون هناك أي عذر أو ذريعة لرئاسة مجلس الأمة برفع الجلسات حال غياب الحكومة، وإسقاط الفقرة الثالثة من المادة 25 في اللائحة الداخلية التي تستثني الوزراء من العقوبات في حال غيابهم عن الجلسات يصبح ضرورة حتى تحقق التعديلات على المادة 74 مقاصدها وأهدافها وحتى يتساوى النائب والوزير في العقوبات في حال إخلالهم بنص المادة 24 من اللائحة الداخلية التي تلزم الأعضاء سواء المنتخبين أو المعينين بحضور جلسات مجلس الأمة.

وأفادت بوشهري «الطعن الدستوري الذي تقدمت به يمنع الوقوع في إشكال دستوري مستقبلا حال انعقاد جلسات مجلس الأمة وتعمد الوزراء الغياب عن الجلسات وعدم تنفيذ واجباتهم الدستورية، حتى يتم إسقاط الاستثناء الوارد في المادة 25 من اللائحة الداخلية، وإذا كنا مؤمنين بصحة انعقاد الجلسات بدون حضور الحكومة فيجب ألا نفتح بابا للحكومة يمكنها من الهروب من الاستحقاقات الدستورية والنيابية والوطنية وعدم حضور هذه الجلسات.

وخلصت إلى أن الطعن الدستوري الذي قدمته سيكون محلا لنقاش دستوري وقانوني ما بين مؤيد ومعارض، وبالنسبة لي هو أمر إيجابي يثري النقاش والاستماع إلى جميع الآراء الأخرى، وهو حق لكل متخصص في إبداء رأيه وكل الآراء التي ستصلني ستكون محل تقدير واهتمام.