في عام 1997 كنت في جولة ثقافية على بعض المراكز الاسلامية في الولايات المتحدة الأميركية، ولما وصلت الى كلورادو استقبلني جمع من الطلبة الكويتيين، منهم هيثم الشايع وبعد أن خطبت الجمعة في مسجد أبي بكر الصديق، اصطحبني على موعد سابق طالب كويتي في الدراسات العليا اسمه محمد الهاشمي، لنذهب الى مدرسة اسلامية نموذجية تضم طلبةً من المرحلة الابتدائية من أبناء الجاليات المسلمة وكانت تحتاج الى دعم فزرناها وصورنا مع التلاميذ وأخذنا الملف ثم نشرت جريدة «الراي» تقريراً وحواراً بالصور عن المدرسة مع محمد الهاشمي، وغاب هذا الموقف عن الذهن ولم ألتق الهاشمي إلا عام (2007) واذا به استاذ في كلية الدراسات التجارية، في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب وكانت لقاءاتي معه أقل من عدد أصابع اليد الواحدة، هذا الرجل الهادئ نجح في انتخابات رابطة أعضاء التدريس في التطبيقي على التوالي لأكثر من سنة، ولقد رأيت له موقفين متضادين يشكلان نموذجاً للانصاف والعدل وتسألني كيف؟ فأقول: الموقف الأول أن الدكتور الهاشمي صرح في أكثر من وسيلة اعلامية بأن وزيرة التربية لا تمثل بالنسبة له وللهيئة العامة للتعليم التطبيقي... لا تمثل وزيرة اصلاحية لأسباب ذكرها... لكن هذا الموقف المضاد وغير الايجابي لم يجعل الدكتور الوزيرة خصماً ولم يحول القضية شخصية وتجلى في موقفه الآخر الذي يكمل صورة التوازن والعدل لديه عندما صرح في الصحف كما جاء في جريدة «الراي» الجمعة، على خلفية ما طرح في استجواب الوزيرة وما نشر بخصوص قسم الحاسب الآلي على رفض تعيين ابنة وزيرة التربية وزيرة التعليم العالي نورية الصبيح هو ادعاء غير صحيح ولا يمت الى الحقيقة بصلة مثنياً على التزامها الكامل بالدوام، والمحاضرات وأداء واجباتها الاكاديمية على أعلى مستوى فضلاً عن شهادة زملائها بأنها تتميز بالخلق الرفيع في التعامل مع الجميع... هذا الموقف جعلني أهاتف أمس الدكتور الهاشمي وأشكره على هذا الدرس  العالي المستوى في الخلاف مع الآخر، فهو يفرق بين موقفه وتقديره لانجازات الوزيرة الاصلاحية للمؤسسة التي ينتمي لها الدكتور، وبين مظلمة تقع على ابنتها غير دقيقة ولا كافية بل مناقضة للحقيقة، وياليتنا نرتقي الى خلق الانصاف والفرز بين القضايا وعدم الفجور في الخصومة. وبيّن الدكتور لي انه بعد أجواء الاستجواب (لا ضد ولا مع) وانما هذا موقف يمليه عليه ضميره وموقعه. الا ان للدكتور الهاشمي عتباً على الوزيرة من انها صحيح قابلته بصفته الشخصية، ولكن لم تقابل الرابطة التي هي الجهة المخولة لرفع التصورات والملاحظات، قلت له «لعلها بعد الاستجواب يتسع وقتها وتقابلكم»، وختاماً، الاستجوابات ان كانت كالاستجواب الأخير في ادائه وأخلاقياته فإنه ينفع ويحرك الملفات العديدة، ويكشف السكوت عنه ويوقف ما لا يستحسن مما خطط له البعض ويدعو للمراجعات ويفتح العيون، وفي هذا كفاية، لهذا طرح الثقة في الوزيرة ليس له معنى، والسلام.

محمد العوضي