«أكثر ما يوجع في الفراق أنه لا يختار من الأحبة إلا الأجمل في العين والأغلى في القلب»...

هذا ما قاله الأديب نجيب محفوظ، وما عاشه الحشد الغفير من الأهل والأصدقاء والمحبين ممن حرصوا على حضور المشهد الأخير في مقبرة الصليبخات عصر اليوم، لوداع وزير الإعلام الأسبق كبير الإعلاميين والصحافيين المخضرم محمد ناصر السنعوسي، الذي وافته المنية صباح الثلاثاء الماضي، بعد معاناة مع المرض عن 84 عاماً.

وحضر العزاء، المئات من المعزين ممن توافدوا إلى المقبرة بعد صلاة العصر، يتقدمهم وزير الديوان الأميري الشيخ محمد العبدالله، ووزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب عبدالرحمن المطيري، ورئيس مجلس الأمة السابق المهندس مرزوق علي الغانم، والفنانون نبيل شعيل و«شادي الخليج» ومحمد المنصور وإبراهيم الصلال، والأديب طالب الرفاعي والإعلامي يوسف الجاسم والموسيقار غنام الديكان وغيرهم.

وكانت وجوه الحاضرين قد كساها الحزن على فراقه، وعيون ذرفت الدموع على رحيل «صانع البهجة»، وهي تشاهد جثمانه الذي التحف بثرى الكويت، بعدما أحبه وعمل لأجل رفعته في شتّى المجالات التي عمل بها والمناصب التي تقلدها.

ونعى عدد من المسؤولين والفنانين والإعلاميين الذين تواجدوا في قاعة «التعازي» العم السنعوسي، بكلمات مؤثرة وأحاسيس صادقة ومعبرة عمّا خسره الإعلام الكويتي والعربي عموماً، من شخصية فذة، على جميع الصعد، مهنياً وإنسانياً.

قامة إعلامية

في البداية، قال وزير الإعلام عبدالرحمن المطيري لـ«الراي» إن «العم السنعوسي قامة إعلامية كبيرة ونموذج يحتذى به لكل الإعلاميين، حيث إنه قدم العديد من الإنجازات، فهو أحد المؤسسين لتلفزيون دولة الكويت، فضلاً عن صناعته لمجموعة من البرامج المميزة، بالإضافة إلى عمله في الإخراج والتقديم والإعداد، إلى جانب الفيلمين التاريخيين الخالدين اللذين أسهم في إنتاجهما، وهما (الرسالة) و(عمر المختار)».

وختم المطيري تصريحه بالقول: «لقد فقدنا إنساناً وطنياً ومعلماً كبيراً، نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان».

عمود المسيرة

ولم يُخف رئيس مجلس الأمة السابق المهندس مرزوق علي الغانم حزنه لفقيد الكويت، حيث صرّح لـ «الراي»، قائلاً: «بداية أعزي أبناء الشعب الكويتي، كما نعزي أنفسنا بوفاة المغفور له بإذن الله العم محمد السنعوسي (بوطارق)، فهو من القامات الإعلامية وعمود رئيسي في كل المسيرة الفنية والإعلامية والمسرحية بدولة الكويت، وعلى مستوى الخليج العربي وأيضاً المستوى العربي. رحمه الله، كان رجلاً متواضعاً ذا خلق عالٍ وذوق رفيع، وفي الوقت ذاته كان يتميز بالشجاعة والمواجهة».

وتابع: «على الصعيد الشخصي، زاملته كوني كنت صديقاً لابنه المرحوم طارق، الذي كان معي في الصف المدرسي ذاته، وأيضاً زاملته كعضو في مجلس الأمة، لذلك لا نذكره سوى بكل خير، وأسأل الله أن يتغمده في فسيح جنانه ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.

العم بوطارق من القامات والأشخاص التي لن تعوض، وسوف يفتقده جميع أبناء الشعب الكويتي لما له من بصمات واضحة وظاهرة حتى بعد أن احتضنت أرض الكويت الطاهرة جسده».

الأب الروحي

من جهته، قال الفنان القدير نبيل شعيل: «رحم الله العم السنعوسي وأسكنه فسيح جناته. فقدنا اليوم قامة كبيرة من قامات الإعلام الكويتي، ولا تقتصر إنجازاته وعطاءاته على المستوى الإعلامي فحسب، بل ترك بصمات واضحة في كل الأماكن التي شغلها».

وعبّر «بوشعيل» عن فخره واعتزازه بأن آخر ظهور تلفزيوني لـ «بوطارق» كان في برنامج «مع بوشعيل» والذي قدمه على شاشة تلفزيون «الراي» في شهر رمضان الماضي.

وأضاف «لقد تعلمت منه الشيء الكثير، وأفادني على الصعيدين الإنساني والمهني، حيث أعتبره (الأب الروحي) بالنسبة إليّ، والمدرسة العريقة التي تتلمذت فيها أجيال متعاقبة».

رجل الإعلام الأول

أما الفنان محمد المنصور، فقال: «الله يرحمه ويغمد روحه الجنة.

(بوطارق) كان رجل الإعلام الأول في الكويت، وله إسهاماته الطيبة والجميلة والرائعة للدولة، كما أن مآثره كثيرة وإسهاماته لا تحصى.

رحل عنا جسداً لكن ستبقى روحه بيننا بأعماله وإنجازاته التي قدمها للدولة والناس».

وأكمل المنصور في استذكار مآثر السنعوسي: «كثير من المواقف التي جمعتني معه سواء كان ذلك في برامجه، أو خلال اللقاءات على صعيد الأسرة وإخوانه، إلى جانب لقائنا في السفر لحضور المهرجانات والملتقيات، فكنا نجلس معاً ونتسامر أطراف الحديث دائماً».

خسارة وطنية

في غضون ذلك، استذكر الإعلامي يوسف الجاسم مآثر ومناقب «بوطارق»، مؤكداً أن رحيل السنعوسي هو خسارة وطنية، «إذ كان رمزاً من رموز الكويت الحديثة وعميد الإعلام المحلي والعربي، ولا شك أن رحيله سيترك فراغاً كبيراً، ولكن إسهاماته البارزة في المجالات كافة، ستظلّ نبراساً مضيئاً في تاريخنا وتراثنا».

عراب فرقة التلفزيون

وفي السياق ذاته، بدا الموسيقار غنام الديكان متأثراً بوفاة رفيق دربه السنعوسي، «فهو عراب فرقة التلفزيون التي أنشأها، والأب الحنون لكل فردٍ من أفرادها». وأشار الديكان إلى أن إنجازات «بوطارق» لا تختزل في مجال بعينه، بل إنه زرع الحب والنجاح والتميز في كل موقع تولى إدارته.

لقطات

• الفنان نبيل شعيل كان من أوائل الأشخاص

الذين حضروا في قاعة التعزية.

• شارك وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب عبدالرحمن المطيري في ردم التراب فوق الجثمان.

• كان من ضمن المعزين حضور ديبلوماسي رفيع المستوى من سفراء الدول العربية، وأيضاً ممثلي السلك الديبلوماسي.