|كتب إيلي خيرالله|
«عَ بالي حبيبي، عَ بالي حبيبي، أغمرَكْ ما إتركَكْ، إسرقَكْ ما رجّعَكْ، إحبسَكْ ما طلّعَكْ، من قلبي ولا يوم، أخطفلَكْ نظراتَكْ، ضحكاتَكْ حركاتَكْ، علِّقن بغرفتي، نيِّمن عَ فرشتي، إحلَمُن بغفوتي تيحلى بعيني النوم»... كلمات تدغدغ مشاعر الحب الدافئة حاكتها يد الشاعر المرهف فارس اسكندر، وأبدعت بغنائها ملكة الإحساس إليسا التي عرفت بدايتها في مجال الفن إثر انضمامها إلى برنامج «استديو الفن» عام 1992، إلا أن انطلاقتها الحقيقية كانت عقب مشاركتها الفنان راغب علامة الديو الشهير «بتروح بتغيب» فكانت بداية لسلسلة من الألبومات الناجحة لعلّ أبرزها «بستناك» و«أحلى دنيا» (نالت عنه جائزة الميوزك أورد) و«أيامي بيك» وآخر البوماتها «تصدّق بمين» الذي طرح في الأسواق خلال الشهر المنصرم كمعايدة من إليسا لجمهورها بمناسبة حلول العام 2010، فحقق نسبة مبيعات مثيرة للدهشة.
«ع بالي حبيبي» إحدى أجمل الروائع التي يضمّها «تصدّق بمين» ولعلّ أبرز ما يميّزها بين الأغنيات الثالثة عشرة الموجودة في الألبوم أنها تعبّر عما يعجز عن وصفه لسان الفتاة العاشقة إزاء ما يدور في أعماقها من أحاسيس تجاه حبيبها، فقد قادها الوله إلى القول انها تريد احتضان حبيبها واحتجازه أسيراً بين جدران قلبها المتيّم بالغرام، لا بل دفعها العشق إلى الجموح بخيالها لأبعد الحدود، فهي تريد أن تزيّن جدران غرفتها بنظرات وضحكات وحركات حبيبها لتعيش أسيرة عالمه كما انها تود ان ترافقها صورة حبيبها أثناء النوم كي ينبض فؤادها على الدوام من شدة التِّيه.
أما مقطع الـ «كوبليه» فبلغ من خلاله اسكندر قمة الإبداع في الصورة الشعرية التي رسمها على لسان إليسا، واختصر بكلمات انتقاها بعناية من بستان مزهر عابق بأريج ورود الربيع البيضاء سيناريو الحياة بأكمله، فما من كلام أجمل مما كتب يمكن أن يترجم حلم الحياة الوردي الذي يعيش لأجله كل شاب وفتاة. فهل يمكن لأي رجل مهما عظم قدره وبلغ من السطوة ألا يصاب بشيء من الدوار وهو يسمع حبيبته تقول له بصوت إليسا: «ع بالي حبيبي ليلة الإلبسلك الأبيض... وصير ملكك والدني تشهد... وجيب منك إنت... طفلك إنت... متلك إنت...ع بالي حبيبي عيشْ حدَّك عمر أو أكتر.. وحبي يكبَرْ كل ما نكبَرْ.. وشيبْ لما تشيبْ، عمري يغيبْ لما تغيبْ.. عَ بالي حبيبي».
ألم يكتب الأديب العظيم جبران خليل جبران في رائعته «النبي»: «لقد ولدتم معاً ذكراً وانثى ومعاً ستبقون إلى الأبد وأجنحة الموت البيض وإن بددت أيامكم لن تستطيع أن تفرقكم». الفكرة عينها طرحها اسكندر بكلمات رقيقة أدّتها إليسا بإحساس عالٍ وهي تعبّر بلسان العاشقة أنها ترغب بارتداء فستان الزفاف لتصبح ملكاً لحبيبها وتنجب منه طفلاً يشبهه شكلاً ومضموناً. كما انها تؤكِّد له أنها ستقاسمه الحياة بحلوها ومرّها إلى أن يشيخا معاً ويموتا معا على الطريقة الشكسبيرية التي أرسيت قواعدها في «روميو وجولييت».
وتختم إليسا أغنيتها بمقطع يجسد قفلة رائعة للمشهدية التي صاغها اسكندر، إذ تكرر على مسمع حبيبها بمزيد من التأكيد أنها تريد أن تحمل اسمه، وأن تشعر بالأمان برفقته وأن يكون البلسم الذي يدواي جراحاً عاشتها في ما مضى من سنوات عمرها فتقول «ع بالي تكمِّلني، واسمك تحمّلني، بقلبك تخبّيني، من الدنيي تحميني، وتمحي من سنيني كل لحظة عشتا بلاك».
وتكشف نهاية عن طبيعة التركيبة الأنثوية التي تهوى في بعض الأحيان افتعال المشاكل مع حبيبها ليخرج عن هدوئه ويسمعها كلاماً جارحاً، ثمّ يعيد حساباته فيسعى إلى مصالحتها وأخذها بين أحضانه ما يعيد الابتسامة إلى ثغرها من جديد وذلك من خلال قولها «وع بالي تجرحني لحتى تصالحني، بلمسة حنوني بغمرا مجنوني، وما غمض عيوني إلا أنا وياك».
«عَ بالي حبيبي» أغنية ستعيش طويلاً لأنها تسربت إلى قيعان الروح وأكدّت أن ملكة الإحساس إليسا لن تغادر يوماً ما بلغته من مستوى عالٍ في سلم النجاح.