خلال أسبوع واحد فقط صدرت ثلاث صحف عراقية جديدة اثنتان منها يوميتان هما: «السومرية» و«التضامن»، والثالثة أسبوعية هي «عراق المستقبل»، بينما توقفت صحف أخرى وتحولت بعض الصحف الى أسبوعية بدلا من يومية، وهناك من قلصت صفحاتها أو زادتها، وهكذا هي في مد وجزر تبعا لأسباب كثيرة ومتنوعة في مقدمها مالية وخصوصا الصحف التي لا تنال من الاعلانات القدر الذي يتيح لها الاستمرار، وعلى الصحف ان تسجل في نقابة الصحافيين العراقيين وبغير هذا الشرط ليست هناك أي معوقات أو موانع اذ لم يصدر حتى هذه اللحظة قانون للصحافة ولاتوجد وزارة للاعلام انما هناك وزارة للثقافة والصحف ليست من اختصاصها.لكن الصحف الحزبية التي تنطق باسم الاحزاب والكتل السياسية هي الأكثر ثباتا على الصدور والاستمرار، وهي قليلة قياسا الى الصحف المستقلة، وهي بالعشرات فانها تتعرض إلى الكثير من الهزات المالية والمشاكل الفنية كالطباعة والتوزيع وسوء الادارة.ومع ذلك، فان العراقيين مازالوا عطشى للقراءة بعدما وضعوا في سجن كبير طوال اربعين عاما ومنذ سقوط النظام السابق في 9/4/2003 وصدور عشرات الصحف فان المواطنين يطالبون بالمزيد من الصحف والمجلات والقنوات الفضائية. ولذلك فما ان ينتصف النهار حتى لا تجد جريدة واحدة لدى المكتبات والأكشاك، وإذا تم تطبيق نظام الاشتراكات ووصول الصحف الى المنازل فان على أصحاب الصحف ان يطبعوا أضعاف ما يطبعونه اليوم.وهذه الظاهرة يفسرها المختصون بانها ظاهرة طبيعية، وذلك لتعويض عقود من الحرمان وتكميم الافواه ومطاردة العقول واعتقال الكلمة، اضافة الى حال الحراك السياسي والفكري والاجتماعي والثقافي الجديدة التي يعايشها العراقيون في مرحلة جديدة لا تشابهها او تقاربها أي مرحلة أخرى من تاريخ العراق المعاصر، فهي بحاجة الى كل كلمة تكتب أو تقال والى كل صورة او مشهد او كاريكاتير. ولذلك فان اصدار المزيد من الصحف يعتبر ظاهرة صحية تتطلبها ضرورات وفلسفة المرحلة الراهنة من تاريخ العراق التي بدأت في 9/4/2003 وهي مرحلة تختلف أشكالا ومضامين عن المراحل الأخرى.
حميد المالكي
كاتب عراقيhamedalmalky@yahoo.com