لقد خلق الله الأرض ومن عليها وبسط في القرآن الكريم عبراً وقصصاً، وترك لنا الرسول المصطفى محمد (صلى الله عليه وسلم) سنته التي من زاغ عنها هلك، ونحن كبشر بتنا نصارع النفس البشرية وإفرازاتها الصالحة والطالحة.
يتغير الزمان وتتغير معه معادن الرجال وتغزونا الأفكار الغربية والقريبة من جغرافيتنا المحدودة ونأخذ سلبياتها في معظم الأحيان ونترك الإيجابيات، خصوصاً الجانب السلوكي والتنموي والإداري (القيادي)...
والسؤال هنا: هل نستطيع محاكاة فكر وطرح وسلوك رجالات الأمس قبل عقود ثلاثة من عقدنا الحالي واستنساخ ما أمكن منه؟ كم هي صعبة الإجابة عن هذا السؤال!
يقول الله في محكم تنزيله «إن أكرمكم عند الله أتقاكم». فالناس سواسية والمواطنة ليست محصورة على من امتلك الجنسية، فكم من أصيل ابن أصيل انتهك حرمة المال العام و«فركلها» وقت المحن، وتغيّب عن جلسة البدون وغيرها من الجلسات المصيرية!
غريب أمر من غاب عن جلسة البدون... غريب من امتهن خط المعارضة لأجل المعارضة في قضية إنسانية صرفة... والأكثر غرابة من يمتنع: فيا أخي (أو أختي) إذا لم تستطع أن تحدد رأيك فلم أنت جالس بيننا؟
تقدم بعض النواب بتعديلات على الاقتراح بقانون في شأن الحقوق المدنية والقانونية والاجتماعية لغير محددي الجنسية، والحكومة لديها تصورها، والجميع ينتظر الفرج الذي يضفي لمسة إنسانية على هذا الملف الذي طالت مناقشته من دون حل!
مساكين هم البدون ومظلومون بالطبع، ويعلم القاصي والداني بأن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، فهناك بدون من أصول من دول مجاورة قدرهم أنهم ولدوا في الكويت وافتدوها بالغالي والنفيس، فكيف بالله عليكم أن نجرؤ في حرمانهم من أبسط حقوقهم التي وردت في اقتراح السادة النواب في جلسة الفر والكر يوم الخميس الموافق 7 يناير 2010.
ومن يستحق الجنسية علينا صرفها له، ومن أخذها بغير حق تُسحب منه، وكذلك الحال بالنسبة إلى من ثبتت عليه قيود أمنية أو أي سبب يحول دون منحه الجنسية... المهم أن ننتهي من هذا الملف بشكل لا يؤثر على التركيبة السكانية ويسمح للمستضعفين منهم بالعيش الكريم!
هذا هو حق البدون في الحياة، كما ذكر النائب مسلم البراك: فلماذا نحرمهم من هذا الحق؟
اتقوا الله في الوطن، وامنحوهم حق العيش الكريم من إقامة مجانية والحقوق التعليمية، الصحية، العمل، وغيرها مما جاء في اقتراح النواب سالف الذكر.
حياة البدون انتهكت وحان الوقت لإعادة كرامة العيش لها من دون ضرر وضرار، وتذكروا قول الباري عز وجل «إن أكرمكم عند الله أتقاكم». فاتقوا الله
في معالجة حياة البدون بشكل عادل... والله المستعان!

تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
terki_alazmi@hotmail.com