أفادت وكالة التصنيف الائتماني «موديز» بأن الكويت تعدّ واحدة من أصغر دول العالم، لكنها واحدة من أكثر الدول ديناميكية بنمو التمويل الإسلامي.

وباستثناء السعودية، الرائدة في مجال التمويل الإسلامي، فإن للخدمات المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في الكويت بصمة كبيرة، وهي واحدة من أسرع الأسواق نمواً في منطقة الشرق الأوسط.

وبلغ متوسط النمو في صناعة التمويل الإسلامي 8 في المئة بين ديسمبر 2016 وديسمبر 2021، أي ضعف وتيرة الإقراض التقليدي التي بلغت 4.6 في المئة.

ويقود هذا النمو الطلب الثابت على المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، والتي تشمل عملاء الشركات والأفراد وتصل إلى القوى العاملة الكبيرة التي تحتاج لخدمات مصرفية.

واعتبر التقرير بنك بوبيان مثالاً جيداً على النمو السريع للقطاع المصرفي الموافق للشريعة، إذ تحول من مجرد مؤسسة إسلامية صغيرة إلى ثالث أكبر بنك في البلاد في غضون 10 سنوات فقط.

أسعار مرتفعة

وتوقّعت «موديز» استمرار النمو في 2022، حيث تعمل أسعار النفط المرتفعة على تعزيز التعافي الاقتصادي من الجائحة، والذي تستفيد منه البنوك الإسلامية والتقليدية.

وتصل نسبة نفاذ التمويل الإسلامي في الكويت إلى 42 في المئة، وهي بين أعلى المعدلات في الأسواق الرئيسية لصناعة التمويل الإسلامي.

وبلغت الأصول التمويلية 85 مليار دولار كما في سبتمبر 2021 مقارنة مع 79 ملياراً في ديسمبر 2020.

ويعكس الطلب المتزايد التطور المتنامي للمنتجات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية على مدار العقد الماضي، فقد اتسع نطاقها وأصبحت أكثر عمقاً وقابلة للمقارنة مع الخدمات المصرفية التقليدية.

ويتوقّع أن يتوافق ارتفاع النمو مع زيادة مستويات الربحية في المستقبل، مدعوماً بشكل أساسي بمساهمة أكبر للودائع منخفضة التكلفة في ملف تمويل البنوك الإسلامية.

وبناءً على ذلك، تحقق البنوك الإسلامية في الكويت هامش إيرادات تمويلية صافية أعلى وعائداً أعلى بشكل هامشي على الأصول من البنوك التقليدية في البلاد.

وفي الوقت نفسه، لفتت «موديز» إلى أن الصناعة المصرفية خاضعة لرقابة البنك المركزي الذي يقوم بصياغة اللوائح وفقاً لكل من هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (AAOIFI)، حيثما ينطبق ذلك، ومعايير بازل 3 العالمية.

وبيّن التقرير أن بنك بوبيان كان من أوائل البنوك الإسلامية التي افتتحت في الكويت 2004، ولديه 45 فرعاً في جميع أنحاء الكويت.

وأعلن البنك عن إجمالي أصول مجمعة بقيمة 7.5 مليار دينار كما في 31 مارس 2022، ويوفّر «بوبيان» منتجات وخدمات مصرفية للأفراد والشركات، وجميعها متوافقة مع الشريعة، وينصب تركيز البنك على الابتكار الرقمي وتعزيز تجربة العملاء، فضلاً عن استهدافه جيل الشباب.

وعلى خلفية النمو القوي في السنوات الأخيرة، توضح «موديز»، أن «بوبيان» أصبح الآن ثالث أكبر بنك في البلاد، بحصة سوقية تبلغ 11.2 في المئة بالتمويل و10.5 في المئة بودائع العملاء.

ويهدف البنك إلى زيادة حصته في السوق، دون المساومة على هوامش الربح، والاستفادة من الأنشطة التقليدية الكبيرة والمركز الراسخ للشركة الأم.

وتسعى البنوك التقليدية إلى التكيّف مع تغير احتياجات العملاء. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلن بنكان تقليديان، وهما «الخليج»، خامس أكبر بنك محلي لجهة الأصول، والبنك الأهلي، سادس أكبر بنك، أنهما يخططان للتعاون في صفقة من شأنها تحويل أحدهما إلى مؤسسة مالية إسلامية. ولا تزال الصفقة تتطلب موافقة بنك الكويت المركزي والجمعية العمومية لكلا البنكين.

احتياجات العملاء

وتعتقد «موديز» بأن الإعلان يشير إلى أن البنوك التقليدية تبحث عن طرق لتلبية احتياجات العملاء من الخدمات المصرفية الإسلامية وإضافة قيمة إلى منتجاتهم، كما يشير إلى جاذبية الخدمات المصرفية الإسلامية، والتي من شأنها أن تنوع أرباح هذه البنوك وتعزّز أيضاً ربحيتها.

أنظمة أساسية

ولفتت الوكالة إلى أن سوق الصكوك في الكويت لا يزال محدوداً، وأن الكويت تتمتع عادة بسيولة قوية من قطاع النفط وليس لديها قانون في شأن أنظمتها الأساسية يمكّنها من إصدار ديون سيادية.

وأضافت أنه عندما تراجعت أسعار النفط في 2015، حاولت الحكومة تمرير قانون يسمح لها بالاقتراض، لكن مجلس الأمة أوقفه.

ومنذ ذلك الحين، تدل فاتورة الأجور المتزايدة للحكومة على أن وصول سعر برميل النفط إلى 60 أو 70 دولاراً لم يعد يغطي احتياجات الميزانية، ما اضطر الحكومة إلى السحب من احتياطياتها الضخمة.

لذلك، فإن إصدار الصكوك في الكويت يقتصر على البنك المركزي والمؤسسات المالية. ويتم الإصدار بشكل رئيسي في ورقة مالية قصيرة الأجل ويسيطر عليها «المركزي» وكان الحجم قد اقترب من 10 مليارات دولار في 2021. والإصدارات طويلة الأجل أصغر وتقارب الملياري دولار وتصدر عادة من قبل البنوك.

وهناك طلب مرتفع على الصكوك التي تصدرها البنوك الكويتية، ويتم الاكتتاب فيها مرتين إلى 3 مرات.

وحسب «موديز»، فإنه من شأن إقرار قانون الدين العام في نهاية المطاف تعزيز إصدارات الصكوك السيادية.

وقد يُمنح القانون الموافقة في وقت لاحق من هذا العام، لكن هناك احتمال واضح أنه سيواجه مزيداً من التأخير، نظراً إلى المعارضة البرلمانية. أصول التمويل الإسلامي مستمرة بتجاوز التقليدية نمواً

توقّعت «موديز» أن يستمر نمو صناعة التمويل الإسلامي في دول الخليج، مشيرة إلى أن الانتعاش الاقتصادي في دول المنطقة مدفوع بارتفاع أسعار النفط، وأن زيادة الإنتاج ستعزز نمو القطاع في جميع أنحاء المنطقة على مدى السنوات القليلة المقبلة.

وأضافت أن نسبة تغلغل صناعة التمويل الإسلامي في دول الخليج بلغت 48.4 في المئة من أصول القطاع المصرفي نهاية 2021 مقارنة مع 40.5 بـ2011.

وتعدّ السعودية المساهم الرئيسي في النمو، بالنظر إلى حجمها في المنطقة والدور المهيمن للتمويل الإسلامي في الدولة حيث يبلغ معدل انتشارها 82.9 في المئة، ولكن هناك اتجاه نمو قوي في جميع دول الخليج.

وتوقعت الوكالة استمرار نمو أصول التمويل الإسلامي في تجاوز نمو البنوك التقليدية مع استمرار ارتفاع طلب العملاء.