قبل ثلاثة أشهر تقريباً، وفي مطعم مغربي في سوق واقف بدولة قطر الشقيقة، حدث لي موقف لا أُحسد عليه، وكان ذلك خلال إحدى الأمسيات أثناء تواجدي هناك لإلقاء دورة تدريبية لإحدى الوزارات عن موضوع الذكاء الاتصالي والعمل الديبلوماسي.
المهم، وبينما كنت أتجاذب الحديث مع مضيفي القطري، واثنين من أصدقائه اللذين التقينا بهما في ذلك السوق العامر، سألتهم عن أحد المفكرين القطرين الذين كانوا يظهرون على شاشة قناة الجزيرة، ولم اختفَ فجأة؟ وهل هو قطري في الأصل أم متجنس؟
ما إن سألت السؤال الأخير وهل هو قطري في الأصل أم متجنس؟ حتى وددت لو انشقت الأرض وابتعلتني، فقد لاحظت تبادل نظرات الريبة بين الجالسين معي، وكأنني ارتكبت منكراً كبيراً، وخطأ جسيماً بهذا السؤال!
أجابني صديق مضيفي عن السؤال بعد تردد وبعد أن تلفت حوله وبصوت هامس: إنه متجنس حديثاً، ساد الصمت بعدها قليلاً، ثم غيّرت الموضوع وأكملنا السهرة الرائعة، في جو في غاية الروعة والجمال، وسألت صاحبي بعدها: لماذا كانت تلكم النظرات المريبة بينك وبين صاحبك؟ فقال لي: إنه يعمل في جهاز أمني، ونحن هنا في قطر ممنوع لدينا هذا السؤال أبداً، وتعتبر من القضايا الحساسة ذات الخط الأحمر التي لا يُسمح بتجاوزها بأي حال، فكل من حصل على الجنسية يعتبر قطرياً من دون اعتبار لزمن حصوله عليها.... لا فرق هنا... آهااا.
تذكرت تلك الحادثة، وغبطت أهل قطر حكومة وشعباً على هذا الوعي، وتمنيت أن يتعلم المعنيون في حكومتنا الرشيدة، ونواب البرلمان الممثلون للأمة تلك القيمة، وأن يساهم الإعلام المرئي والمسموع والمقروء في غرسها، من خلال وعي ذاتي، وإحساس بالمسؤولية الوطنية.
المدونات والمنتديات والصحف الإلكترونية وخدمات المسجات الإخبارية أصبحت عاملاً مؤثراً في صياغة وتشكيل الرأي العام، ويجب أن تقوم بدور وطني مسؤول لغرس قيمة الولاء للوطن، فهو الذي يجمعنا، لأن الفسيفساء الكويتية لا يجمعها إلا رابط الوطن.
في الأفق:
بوركت يا وطني الكويت لنا
سكنا وعشت على المدى وطنا
يفديك حر في حماك بنى
صرح الحياة بأكرم الأيدي


د. عبداللطيف الصريخ
مستشار في التنمية البشرية
alsuraikh@yahoo.com