لم يكن أكثر تعبيراً عن الواقع المحسوم لـ «اللا معركة» على رئاسةِ برلمان 2022 اللبناني من «الاحتفالِ المبكّر» لزعيم حركة «أمل» نبيه بري بفوزه المضمون «في اليد» الثلاثاء، ليبقى موقعُ نائب رئيس مجلس النواب «على شجرةٍ» يتقاطفها 3 مرشّحين معلَنين سيخوضون «منازلةً» خارج السياقاتِ المعلَّبة التي حكمتْ اللعبةَ المجلسية وتوزيع «كعكة» مفاتيحها منذ 1992، وستوضع نتائجها في «غربال» التوازنات «الحقيقية» التي رستْ عليها انتخابات 15 مايو وخصوصاً لجهة «الوُجهة» التي انتقلتْ اليها الغالبيةُ التي انتُزعت من ائتلاف «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» وحلفائهما.
فالرئيس بري، الذي وجّه أمس «نداءً الى اللبنانيين في المناطق كافة للامتناع بشكل مطلق عن إطلاق الرصاص خلال إحياء أي فعالية احتفالية، خصوصاً المتعلقة بانتخاب رئاسة مجلس النواب يوم غد (اليوم)»، حَسَمَ اعتمارَه قبّعةَ قيادةِ دفّة البرلمان للمرة السابعة على التوالي متكئاً على «انتصار نظيف» حققه مع «حزب الله» على مستوى المقاعد الشيعية الـ 27 التي يتألف منها البرلمان، تارِكاً لخصومه الفعليين و«المفترَضين» أن يقابلوا «النقاطَ السودَ» التي يسجّلونها عليه بأوراق بيض حَرَمهم حتى من أن تصل إلى النصف زائد واحد من أعضاء المجلس (الـ 128) بما كان سيجعله رئيساً لبرلمان لا تريده أكثريته، سواء كان هؤلاء بالدرجة الأولى من قوى غالبية مبعثرة أو من «حلفاء لدودين» (مثل التيار الحر).
وإذ بات أقصى «طموح» الساعين إلى «قص أجنحة» بري، من مختلف الاتجاهات، تأجيل فوزه بالنصف زائد واحد إلى دورة ثانية تُرمى تسريباتٌ بأنها قد تحمل بحال بلوغها «أرانب» مخبأة مرشحة لأن تتحوّل بسحرِ تفاهماتِ تحت الطاولة «عصفوراً» يحطّ في نيابة الرئاسة اسمه النائب الياس بو صعب (مرشّح التيار الحر)، فإن أحداً لم يَبْدُ قادراً أمس على الجزم بمآلاتِ «موْقعةِ» مَن سيكون «الرجلَ الثاني» في البرلمان (من الروم الأرثوذكس) زالتي تدور بين 3 مرشّحين معلَنين بينهم النائبان سجيع عطية وغسان سكاف.
وترى مَصادرُ عليمة أنه بمعزلٍ عن «البوانتاجاتِ» التي لم يكن ممكناً الجزمُ بدقّتها، في انتظارِ انقشاعِ ليلِ الاتصالاتِ الطويلِ الذي يفترض أن يكون استمرّ حتى ساعاتِ الفجر، فإن خطوطاً عريضةً بدت هي التي تتحكّمُ بكيفيةِ مقاربةِ القوى الوازنة في البرلمان الجديد استحقاقَ انتخاب نائب الرئيس خصوصاً الذي يتعاطى معه «حزب الله» وفق «بنك أهداف» من حدّين:
الأقصى يرمي لتوفير «ثنائيةٍ» مع رئاسة البرلمان، التي تُعتبر عنوان الشراكة الشيعية في النظام، لفريق 8 مارس عبر فوز بو صعب وذلك بما يفرغ عملياً «انتصار» الغالبية المركّبة من مضمونه و«تأثيره» في لعبة التوازنات داخل السلطة عموماً، كما في البرلمان انطلاقاً من دور نائب الرئيس البالغ الأهمية (يتولى صلاحيات الرئيس في حال غيابه أو عند تعذُّر قيامه بمهمته).
أما الحد الأدنى فهو منْعُ الغالبية الجديدة من تقديم نفسها كأكثرية «مَجْلسية» وهو ما كان سيشكّله إيصال مرشح لها بـ 65 صوتاً وأكثر، وسط اعتبار أن المرشح المستقلّ غسان سكاف الذي قدّم ترشيحه وفق «برنامج سياديّ» يقف أمام تحدي نجاح تكتلات، القوى السيادية والتغييرية والمستقلة، في التوحّد خلف اسمه وتشكيل رافعة لفوزه ولو على قاعدة أكثرية «موْضعية» على أقليتين:
الأولى ينالها بو صعب (بنحو 45 صوتاً) بحال صمدت التوقعات بألا تمنحه كتلة بري أصواتها وذلك من خلف كل التسريبات عن «مقايضات» خفية تمت برعاية «حزب الله» وتقوم على أن يمنح التيار الحر أقلّه 4 أو 5 أصوات لزعيم «أمل»، وهو ما عاود التيار نفيه أمس مؤكداً أن الموقف لنوابه ما زال «لا موجب لانتخاب بري» الذي بدوره يصعب أن يُسجَّل عليه معنوياً منْح «نعم» للتيار ورئيسه جبران باسيل الذي شهر بوجهه الـ «لا» ولا يرى رئيس البرلمان موجباً لتعويمه وتقديم «هدايا» له يمكنه استثمارها في الانتخابات الرئاسية عبر تعزيز مجمل وضعيته في السلطة الجديدة المنبثقة من انتخابات 15 مايو.
والأقلية الثانية متوقَّعة للنائب سجيع عطية (ترشح على لائحة قدامى المستقبل وقريب من نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس) الذي ينطلق، بحال بقي بري على رفْض التصويت لبو صعب من نحو 28 نائباً (كتلة بري مع 11 من نواب الشمال وعكار وبينهم من قدامى المستقبل).
وبحال بقيت الاصطفافات على حالها، ولم يحمل الليل تسوياتٍ يجذب معها «حزب الله» حلفاءه إلى إعلاء البُعد «الاستراتيجي» على السُلطوي في مقاربة ملف نيابة الرئاسة، وإذا مضى عطية بترشُّحه، فإن ذلك يمكن أن يُفضي إلى رفع حظوظ سكاف (ترشح على اللائحة التي دعمها الحزب التقدمي الاشتراكي في البقاع الغربي) شرط أن يمنحه السياديون والتغييريون والمستقلون الباقون أصواتهم (نحو 55 صوتاً) ويقطعوا الطريق على تظهير وجود أقلية موحّدة أقوى من غالبية مشتَّتة.
ودعت أوساط متابعة إلى رصْد آخر الاتصالات التي تشمل أيضاً الترشيحات لمنصبيْ أمينيْ السر والمفوضين الثلاثة الذين يشكّلون مع رئيس البرلمان ونائبه هيئة مكتب المجلس وهي «المطبخ التشريعي» الرئيسي، وسط استبعاد أن تترك الأكثرية «المعلَّقة» المعركة فقط لهذه المناصب وبعدها لاحقاً للجان ورئاساتها، لأن ذلك سيشكّل تسليماً مبكراً للآخرين بزمام القيادة والمبادرة و«تبديداً ذاتياً» لفوزٍ في الانتخابات سيتحوّل «بلا مفعول» باعتبار أن أقلية متراصة ستكون أقوى من غالبية متناثرة، في ظل ملاحظة الأوساط أن حزب «القوات اللبنانية» الذي لم يرشّح أحداً من نوابه لنيابة الرئاسة لن يعمد أيضاً لترشيح أي من أعضاء تكتله لعضوية هيئة المكتب وفق أولوية «بناء الجسور بين مكونات الأكثرية وإكمال نصابها».
يُذكر أن الكتل التي حسمت تصويتها لبري (نال في 2018، 98 صوتاً) هي: «حزب الله» وحركة «أمل»، كتلة الحزب التقدمي الاشتراكي (افترقت عن قوى الغالبية في هذه النقطة ومعها سجيع عطية وتكتله)، الطاشناق، والأحباش، ونواب مستقلون مثل جهاد الصمد، حسن مراد، جان طالوزيان، ميشال المر، وآخرون قد «يحسبون» التصويت بمقياس ملف تشكيل الحكومة (شخصيات سنية طامحة لترؤس الحكومة) وسط توقُّع أن يمنح النائب طوني فرنجية صوته لزعيم «أمل» الذي يدعم رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية للرئاسة الأولى.
جلسة البرلمان اللبناني اليوم
... جدول الأعمال والآلية
ستنطبع جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب اللبناني ونائبه وهيئة المكتب اليوم، بسابقة أن يكون رئيس السنّ للجلسة هو نفسه المرشح لرئاسة البرلمان، وهو سيقوم عند انعقادها بتلاوة كتاب وزير الداخلية عن نتائج الانتخابات ويحدد النواب الثلاثة الأُول الأكبر سناً ومن ثم النائبين الأصغر سنّاً، ليتم اختيارهما كأميني سرّ موقتين لمساعدة رئيس السن في الجلسة (وأشارت تقارير إلى أن النائبين الأصغر سناً في برلمان 2022 هما ميشال المر وأحمد رستم).
وبعدها تتلى المواد المتعلقة بانتخاب رئيس المجلس وأعضاء هيئة مكتب المجلس.
وبحسب المادة 3 من النظام الداخلي لمجلس النواب فإنه «وعملاً بالمادة 44 من الدستور المعدّلة بالقانون الدستوري الصادر في 21/9/1990 والنافذ منذ تاريخ نشره، ينتخب المجلس أولاً، ولمدة ولايته، الرئيس ونائب الرئيس، كلاً منهما على حدة، بالاقتراع السرّي، وبالغالبية المطلقة من أصوات المقترعين، وإذا لم تتوافر هذه الغالبية في هذه الدورة وفي دورة ثانية تعقبها، تجري دورة اقتراع ثالثة يكتفي بنتيجتها بالغالبية النسبية، وإذا تساوت الأصوات فالأكبر سناً يعتبر منتخباً».
وإذ يتم انتخاب أميني السر «وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة»، فإن التصويت يجري بعدها لانتخاب ثلاثة مفوضين بورقة واحدة بالغالبية النسبية. وإذا تساوت الأصوات عدّ الأكبر سناً منتخباً.
ولا تدخل في حساب الغالبية في أي انتخاب يجريه المجلس الأوراق البيضاء أو الملغاة.
هيئة المكتب... دوراً وتركيبة
تتألف هيئة مكتب المجلس من رئيس ونائب رئيس وأميني سر وثلاثة مفوضين.
* رئيس المجلس،
- يمثل المجلس ويتكلم باسمه.
- يرعى في المجلس أحكام الدستور والقانون والنظام الداخلي.
- يرأس الجلسات ويتولى الصلاحيات المنصوص عليها في هذا النظام.
- يحفظ الأمن داخل المجلس وفي حرمه، ويلفظ ويطبق العقوبات.
* يتولى نائب الرئيس صلاحيات الرئيس في حال غيابه أو عند تعذر قيامه بمهمته.
إذا تعذر على الرئيس ونائبه متابعة رئاسة الجلسة، يتولى الرئاسة أكبر الأعضاء الحاضرين سناً وذلك بتكليف من الرئيس أو نائبه.
* يتولى أمينا السر:
- مساعدة الرئيس في تدوين أسماء طالبي الكلام.
- فرز أوراق الاقتراع.
- مراقبة تنظيم محاضر الجلسات وخلاصتها.
إذا تغيب أمينا السر أو أحدهما عن الجلسة للرئيس أن يكلف عوضاً عن الغائب أحد النواب الحاضرين.
* تتولى هيئة مكتب المجلس، بالإضافة للصلاحيات المنصوص عليها في هذا النظام:
- درس الاعتراضات التي تقدم في شأن محاضر الجلسات وخلاصاتها، وإدارة الجلسات والتصويت، وإعلان نتيجة الاقتراع والفصل بها.
- تقرير جدول الأعمال لكل جلسة من جلسات المجلس.
- نشر جدول الأعمال المقرر في بهو المجلس وتبليغه إلى النواب مع نسخة عن المشاريع والاقتراحات والتقارير موضوع جدول
الأعمال قبل انعقاد الجلسة بـ 24 ساعة على الأقل.
- تنظيم موازنة المجلس السنوية والإشراف على تنفيذها.
أما حوالات الصرف والتصفية وسائر عقود النفقات فيوقعها الرئيس أو نائبه مع أحد أميني السر وأحد المفوضين، على أن تطبق في شأنها أحكام قانون المحاسبة العمومية.
- تقرير وتعديل ملاكات وأنظمة موظفي المجلس المدنيين والعسكريين على أن يطبق على موظفي مجلس النواب المدنيين أحكام أنظمة موظفي الإدارات العامة، وعلى العسكريين أحكام الأنظمة العسكرية، ويتم تعيين الموظفين بقرار من رئيس المجلس.
- درس العرائض والشكاوى.