العقول حقول... بعضها يحمل فكراً نيراً استقاه وصقله من خلاصة معترك الحياة، فتجد أصحابها مخضرمين متميزين في طرحهم الحكيم العاقل... وليس من الضروري أن كل كبير بالسن عاقل ومدرك لعواقب الأمور.
أما حقل العقول الفارغة التي لم تستفد من تجارب الحياة فهي التي أوصلتنا الى سلسلة من الصراعات وأفرغت المنظومة الإدارية من فحواها، ولنا في حكم «المواصلات» درس مفيد، ولكن هيهات أن نتعظ!
يخطئ الوزير، الوكيل، النائب في دولة القانون ونجد المفارقات في طريقة التعامل مع الخطأ... فإن كنت مدعوماً فلا تبالي وقل لمن شئت ان حاصل ضرب 2×2 = 5 وخذ لنفسك مساحة كافية لبسط المفردات الشاذة ودع ردود الفعل تعود من حيث أتت... فأنت خارج نطاق الرقابة ولا تبالي!
أما إذا كنت من الأحرار المناضلين لأجل إعلاء كلمة الحق... فخطأك لا يُغتفر وعليك تحمل السهام... فأنت أيها المسكين المؤمن بأحقيتك في التعبير مصيرك معروف... ولا تحزن لأنك تعيش زمن الانحدار في الأقوال والأفعال!
الزبدة أن ما يحصل نتاج خطأ بعض الكبار من أصحاب عقول، حقولها لا ترى أهمية للمعرفة والحق عند الحكم على مجريات الأمور، ولهذا تضيع المساءلة العادلة!
ما الذي أوصلنا إلى هذه الحالة؟
لو عدنا إلى الوراء وراجعنا أخطاء البعض، بغض النظر عن مناصبهم، نجدها تنتهي بتقديم الاستقالة، الاستجواب، التدوير، أو «الحفظ»، أو المصالحة... ولو أن كل متضرر سلك الطريق نفسه الذي شهدته فصول حكاية وزارة المواصلات، وتم التعامل مع مطالبته بشكل حيادي لما تجرأ أي مسؤول كبير على كسر الأطر الإدارية والمنظومات الرقابية، وصار حينئذ الحكم للعقول النيرة.
في الدول المجاورة يتم التعامل مع المشاريع بشكل احترافي ولا تذهبوا بعيداً... فبمقارنة بسيطة بين جامعة الشدادية ومدينة الملك عبدالله الجامعية من ناحية المساحة والتكلفة، وكذلك المشاريع الصحية والبيئية التحتية وغيرها، لوجدنا السر في الاختلاف!
حكم المواصلات فتح الطريق، ونرجو أن يتوجه كل متضرر بتقديم شكوى، كي نقطع الطريق أمام كل فكر من شأنه كسر القانون وتجيير النظم الإدارية لمصالحه، ولنتذكر دائماً أن تصحيح الاعوجاج يأتي في مقدمته تصحيح خطأ الكبار، فهل نحن فاعلون؟ «ما هقوتي»... والله المستعان!


تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
terki_alazmi@hotmail.com