فيما لاتزال اللجنة المالية البرلمانية في طور التنسيق ما بين مكتبها والحكومة، بخصوص مشروع قانون الدين العام، من حيث الضمانات وأوجه الصرف وحتمية ذكرها في القانون، تمهيداً لرفعه إلى المجلس لاتخاذ قرار في شأنه، قدّم وزير المالية وزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار عبدالوهاب الرشيد تعهّداً للجنة، في اجتماعها أمس، بتقديم الضمانات الحكومية تجاه هذا القانون.

وفي اجتماعها الثالث عشر، ناقشت اللجنة مشروع الإذن للحكومة بعقد قروض عامة وعمليات تمويل من الأسواق المالية المحلية والعالمية (الدين العام)، ومشروع قانون بتعديل بعض أحكام المرسوم بالقانون 106/ 1976 في شأن احتياطي الأجيال القادمة، وإجازة أخذ مبلغ منه لا يتجاوز 5 مليارات دينار سنوياً، لمواجهة أي عجز يطرأ على الاحتياطي العام للدولة، بحضور وزير المالية ومحافظ البنك المركزي وممثلين عن وزارة المالية وممثلين عن الهيئة العامة للاستثمار.

وقال رئيس اللجنة النائب أحمد الحمد إن الوزير الرشيد، ونظراً لأهمية المشروع بقانون، قدم عرضاً مرئياً في شأن الأسباب الحقيقية لطلب الدين وأوجه الصرف، وكيفية وطريقة السداد وأهميته وأثره في تحسين وضع التصنيف الائتماني لدولة الكويت، فضلاً عن كيفية توفير السيولة من خلال هذا المشروع.

وأوضح الحمد أنه «كان لدى وزير المالية حلان أولهما كان هذا المشروع بقانون الحكومي في شأن الدين العام، والآخر هو السحب المنظم من احتياطي الأجيال القادمة، من خلال تعديل بعض أحكام المرسوم بالقانون رقم (106) لسنة 1976 في شأن احتياطي الأجيال القادمة». وأكد أن «اللجنة رأت عدم المساس باحتياطي الأجيال، ولم يكن هناك توافق من اللجنة في شأن هذا الأمر، فهو يحتاج إلى المزيد من الدراسة، كما أنه ينبغي مناقشة هذا الأمر في مجلس الأمة».

وقدمت الحكومة تعديلات على المشروع، بناء على ما قدم من ملاحظات، ومن بينها إلغاء سقف الدين العام (20 مليار دينار)، والاكتفاء بعقد قروض عامة بحيث لا تجاوز نسبته 60 في المئة من الناتج المحلي، وإلغاء تخصيص أوجه الصرف المرتبطة بالمصروفات الجارية والمشاريع الإنشائية والتنموية والبنية التحتية، ويكون القانون صالحاً وسارياً من وقت اعتماده، من دون تاريخ انتهاء صلاحية، حتى تكون المدة الطويلة لصلاحية القانون تدعم ثقة المستثمر. وقدّر العجز الذي سدد من الاحتياطي العام من السنة المالية 2014 - 2015 حتى السنة المالية 2020 - 2021 نحو 37 مليار دينار، والعجز المتوقع للسنة المالية 2021 - 2022 نحو 12 مليار دينار.

ورأى المكتب الفني للجنة المالية أن إقرار الدين العام راهنا مواتيا، ذلك لتوفير السيولة لمواجهة العجز في الميزانية، لأنه أفضل من تسييل الأصول أو سحب من الاحتياطي العام، بالإضافة إلى انخفاض الفائدة مشترط أن يصاحب اقراره إصلاحات اقتصادية حقيقية.

وجاء في المذكرة التي حصلت «الراي»على نسخة منها، أن على الحكومة أن تقدم خطة واضحة حول هذه الإصلاحات وخطة واضحة لتنويع إيرادات الميزانية العامة و نحتاج دراسة فنية متخصصة.

وأن التصنيف الائتماني هو أحد العوامل الرئيسية في تحديد سعر الفائدة على قروض الدول أو الحكومات، فكلما زاد التصنيف الائتماني، دل ذلك على استقرار البلد اقتصادياً وسياسياً، فتقل تكلفة الاقتراض وسعر الفائدة على الدولة، والتصنيف الائتماني للكويت يعتبر تصنيفاً قوياً ويمكنها من الاقتراض بأقل التكاليف.

تزامن إقرار القانون مع إصلاحات حقيقية

أكدت مذكرة المكتب الفني للجنة المالية ضرورة أن يتزامن مع إقرار قانون «الدين العام» إصلاحات اقتصادية حقيقية، وعلى الحكومة أن تقدم خطة واضحة حول هذه الإصلاحات وخطة واضحة لتنويع إيرادات الميزانية العامة، ونحتاج دراسة فنية متخصصة لمثل هذا القانون، وقد سبق وأن تحفظ ديوان المحاسبة في إبداء رأيه على مشروع القانون القديم الذي تم استرداده من الحكومة لذات السبب، وإقرار مشروع قانون تنظيم الصكوك بأسرع وقت كي يتسنى للحكومة استخدامه في تمويل المشاريع الحكومية، وإقرار البديل الاستراتيجي لحل اختلالات الباب الأول«الرواتب»، وإعادة توزيع الدعوم بحيث تكون لأصحاب الدخل المحدود فقط و تفعيل دور هيئة الشراكة كي يتحمل القطاع الخاص تكلفة المشاريع بدلاً من الدولة مع توسعة قاعدة المواطنين المستفيدين من ذلك، وإعادة النظر بالمرسوم بالقانون 3/ 1955 في شأن ضريبة الدخل على الشركات الأجنبية، وإقرار اتفاقية الضريبة الانتقائية على المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والسجائر، والشفافية مع الاستدانة، فلا يمكن إقرار القانون دون وجود شفافية وتفاصيل دقيقة من الحكومة عن الدين العام وأسباب اللجوء إليه وجوانب الصرف فيه.

3.1 مليار عجز الموازنة

ذكر المكتب أن الحكومة قدمت لمجلس الأمة مشروع الموازنة العامة للدولة، حيث اتضح أن الموازنة العامة سجلت عجزاً تقديرياً مقداره 3.1 مليار دينار، بانخفاض يبلغ 74.2 في المئة، عن موازنة العام الماضي، حيث تم تقدير سعر البرميل على أساس 65 دولاراً، وقد كان السبب الأساسي في تقليص العجز ارتفاع أسعار النفط، مع العلم أن الموازنة عبارة عن تقديرات للمصروفات والايرادات، فالحكومة تستطيع التقيد بتقديرات الصرف، ولكن لا تستطيع ضمان تقديرات الإيرادات التي تعتمد كلياً على أسعار النفط. فقد تجاوز سعر النفط أعلى مستوياته المسجلة في سبع سنوات، وصولاً إلى 86 دولاراً للبرميل في أواخر أكتوبر الماضي، قبل أن يسجل مستوى قياسياً جديداً للمرة الأولى منذ عام 2014 بوصوله إلى 94 دولاراً في منتصف فبراير الجاري.

22 ملياراً سقف المصروفات

وضعت الموازنة الجديدة، وفقاً للمذكرة، سقفاً للمصروفات لا يتجاوز 22 مليار دينار، وبانخفاض نسبته 4.8 في المئة، عن موازنة العام الماضي، ولكن تحقيق الإصلاح المالي يتطلب إعادة هيكلة شاملة للمصروفات وليس فقط اقتطاع نسب من مكوناتها، وهو لا يمكن أن يكون ناجحاً إذا لم يواكبه إصلاح اقتصادي شامل.

وهدف الموازنة الجديدة 2022 - 2023 ليس تنموياً بل مجرد تقليص العجز والإنفاق، حيث إن بند الرواتب والدعوم انخفض بنسبة قليلة جداً بينما انخفض الانفاق الرأسمالي بنسبة 17 في المئة، وأن جزءاً كبيراً من سبب تقليص العجز هو ارتفاع أسعار النفط.