أشاد سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى البلاد الدكتور محمد إيراني بالعلاقات الإيجابية مع الكويت، وأكد أن بلاده مستعدة لتعزيز التعاون والعلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي، معرباً عن ثقته بأن تحسن العلاقات مع السعودية «سيؤدي إلى حلحلة العديد من القضايا الإقليمية في المنطقة».

وأبدى سعادته لتزامن احتفال بلاده بالذكرى الـ43 لليوم الوطني وقيام الثورة الإسلامية في إيران والتي تصادف الـ11 من فبراير، مع ذكرى التحرير والعيد الوطني في الكويت.

ولفت إلى أن الشعب الإيراني قرّر قبل 43 عاماً إنشاء دولة مستقلة ذات سيادة، وأنه بعد هذه السنوات بدأ يجني ثمار ثورته من خلال مشاركة شعبية سياسية واسعة في صناديق الاقتراع، ومختلف مناحي الحياة.

كلام السفير الإيراني جاء خلال لقاء مع مجموعة من الصحف المحلية، بمشاركة «الراي»، عقده في مقر السفارة بمناسبة احتفال بلاده باليوم الوطني، وتطرق خلاله إلى سياسات بلاده في المنطقة ومجمل التطورات.

«الجائحة قلصت الزيارات المتبادلة لكن الوشائج تاريخية وعريقة بين البلدين»

إيران مستعدة لتحسين العلاقات مع الكويت في المجالات الاقتصادية والتجارية والأمنية

استعرض السفير الإيراني مسيرة العلاقات الثنائية الإيرانية - الكويتية، مؤكداً أنها تواصل مسيرة حافلة وجيدة بفضل حكمة وحنكة القيادة السياسية لدى البلدين.

وأشار إلى أن جائحة «كورونا» أدت إلى تقليص الزيارات الرسمية وأثرت سلباً على معدل التبادل التجاري والسياحة بمختلف أنواعها، وأبرزها الدينية، «لكن الوشائج التاريخية العريقة التي تربط البلدين ساهمت في استئناف هذه العلاقات من جديد، ونأمل أن تستمر هذه العلاقات في التطور في المجالات كافة».

وأضاف «خلال الفترة القصيرة من عمر الحكومة الإيرانية الحالية شهدت 3 جولات من المحادثات بين وزيري خارجية البلدين، وأتوقع تطور وتعزيز هذه العلاقات في الأسابيع المقبلة»، كاشفاً أن زيارة وزير الخارجية الإيراني الدكتور أمير عبداللهيان إلى الكويت «مازالت موجودة على جدول الأعمال وسيتم تنفيذها في أقرب وقت».

وأضاف أن «إيران أعلنت مراراً وتكراراً أنها على استعداد تام للتواصل مع الكويت في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والأمنية لتكون علاقاتنا أفضل، وليس لدينا أي ملاحظات أو شروط معينة، فالكويت دولة شقيقة وجارة ولدينا تقارب كبير ومن الممكن أن تكون لدينا وجهات نظر متباينة في ملفات بعض القضايا في المنطقة وهذا أمر طبيعي، فلدينا اختلافات مع الإمارات لكن لدينا علاقات جيدة معها، ونأمل أن تكون علاقاتنا متميزة مع الكويت في الأشهر المقبلة».

وعن فتح الكويت التأشيرات للإيرانيين، قال إيراني: «نحن لا نفرض أي شروط لحصول الكويتيين على التأشيرات، ولم يطرأ أي جديد في ذلك، حيث إننا نصدر نحو 200 تأشيرة يومياً للكويتيين ونحن مسرورون بذلك»، مشيراً إلى أنه «قبل الجائحة كانت السفارة تصدر نحو 60 ألف تأشيرة سنوياً، منها الزيارات السياحية والدينية والعلاجية، وذلك بسبب التقدم العلمي في إيران فضلاً عن الأسعار الزهيدة التي هي في متناول الجميع».

ولفت إلى أن «قيود الجائحة لا تزال موجودة على الإيرانيين للدخول الى الكويت»، آملاً معالجة هذه المشكلة في المحادثات الثنائية المقبلة، غير أن موعد انعقاد اللجنة الثنائية لم يحدد بعد.

وأشار إلى أن «الإيرانيين يزورون دول الخليج الأخرى بسهولة، وهذا يعود بالنفع العام على هذه الدول ويعزز العلاقات التجارية في ما بيننا، ونأمل أن يتحقق هذا الأمر مع الجانب الكويتي ليساهم ذلك في تعزيز العلاقات واستفادة الكويت من الطاقات الإيرانية».

وعن حجم التبادل التجاري بين البلدين، قال السفير الإيراني «لقد تأثر هذا الأمر بفعل الجائحة، وإلى الآن لم نصل إلى المستوى الطبيعي الذي كان قبل الجائحة، وقد بلغ 600 مليون دولار سنوياً ثم انخفض إلى 300 مليون دولار في فترة الجائحة، واستمر في الانخفاض حتى وصل الى ما دون 100 مليون دولار ولكن الأمور بدأت تتصاعد تدريجياً».

وأعرب عن سروره وشكره العميق لجميع المسؤولين الكويتيين لجهودهم في حل أزمة المقيمين الذين تجاوزت أعمارهم الـ60 عاماً وليسوا من حملة الشهادات الجامعية، والذي يشمل جميع الجنسيات ومنهم الإيرانيون.

وقال: «القضية هي قضية إنسانية بحتة، لأن هؤلاء عاشوا في الكويت لعقود طويلة وكانت مصدر رزقهم ولديهم ذكريات جميلة فيها ونحن نقدر ونثمن هذه المبادرة» بحل المشكلة.

«علاقات جيدة مع قطر وعُمان... وفاعلة وناشطة مع الإمارات»

الإمارات لن تحل محل الكويت في الجهود للحوار الإيراني - الخليجي

رداً على سؤال حول وجود مساعٍ لعقد قمة خليجية - إيرانية على المدى المنظور، أفاد السفير محمد إيراني بأن لقاء كبار المسؤولين الإيرانيين مع قيادات مجلس التعاون الخليجي غير مطروح حالياً، «ولكننا نسعى لتعزيز العلاقات مع مختلف دول الخليج ولدينا علاقات جيدة مع كل من قطر وعمان وعلاقات فاعلة وناشطة مع الإمارات، فهناك تبادل للزيارات الرسمية والوفود التجارية والسياحية وحركات الطيران نشطة».

وأكد أن «طهران لديها الاستعداد الكامل لتعزيز وتوطيد التعاون والعلاقات مع دول الجوار الـ 15، ولا سيما دول مجلس التعاون، ونأمل أن تشهد هذه العلاقات قفزة نوعية في جميع المجالات».

وعما إذا كانت الإمارات ستحل محل الكويت في إطار الجهود للحوار الإيراني - الخليجي، نفى إيراني ذلك قائلاً «غير صحيح ذلك، لكن الإمارات أدركت سريعاً أهمية إيران في المعادلات الدولية، وأن تقاربها معنا يمكن أن يوصل إلى حل الكثير من القضايا، ونحن نرحب بذلك وبأي مبادرة خليجية في هذا الأمر».

«الجولات الأربع كانت إيجابية وانطباعنا أن الرياض حريصة على حل المشاكل بين البلدين»

تشكيل حكومة جديدة في العراق يساعد لعقد جولة خامسة من المحادثات مع السعودية

تطرق السفير الإيراني إلى جولات الحوار التي عقدت بين بلاده والسعودية، والتوقعات المرتبطة بنتائجها على مستوى المنطقة.

وقال في هذا السياق: «كان لدى الطرفين أربع جولات من المحادثات، آخرها في 22 سبتمبر الماضي، حيث أعرب الوفدان عن تفاؤلهما باستئناف العلاقات بين البلدين»، مشيراً إلى أن «الجولات كانت إيجابية وجادة، وانطباعنا أن الرياض حريصة على حل المشاكل بين البلدين، كما تم إعادة افتتاح مكتب إيران في منظمة التعاون الإسلامي بمقرها في جدة، والذي كان مغلقاً منذ سنوات، حيث منح 3 ديبلوماسيين تأشيرات لمباشرة أعمالهم».

وأكد أن بلاده «تعتبر هذه الخطوة إيجابية لاستئناف العلاقات بشكل طبيعي»، لافتاً إلى أن «العراق يسعى لعقد جولة خامسة لهذه المحادثات، ونتابعها بشكل جاد، حيث إن (الرئيس الإيراني) الدكتور إبراهيم رئيسي أعلن في وقت سابق عن استعداد إيران لاستئناف الجولة الخامسة».

وأضاف: «نؤمن بأن استئناف العلاقات مع السعودية سيؤدي إلى حلحلة العديد من القضايا الإقليمية في المنطقة، ونحن نعتقد أن تشكيل حكومة جديدة في العراق يساعد لمباشرة هذه الجولات من المحادثات».

«لا نوافق على الحرب ونرى أن أفضل طريق هو الحل السياسي بناء على الواقع الموجود»

جهوزية إيرانية لتسهيل المحادثات بين الأطراف في اليمن

الملف اليمني كان حاضراً في كلام السفير الإيراني، حيث أكد أن بلاده تؤمن بأن حل القضية اليمنية لا يتم إلا بالحوار «ونحن لا نوافق على الحرب في اليمن لأن استمرارها لا يصب في صالح أي طرف».

وأضاف: «نرى أن أفضل طريق لعلاج هذا الملف يتم بجلوس جميع الأطراف اليمنية لإيجاد حل سياسي بناء على الواقع الموجود».

وفي شأن ما إذا كان هناك طلب خليجي من طهران للتدخل مع الحوثيين، قال إيراني: «تم الطلب من إيران التوسط لدى حكومة صنعاء، والجلوس على طاولة واحدة مع الطرف الآخر، وهذا تم من قبل كثير من الدول الأوروبية والأمم المتحدة ومبعوثها الخاص»، معتبراً أن «استخدام لفظ الحوثيين في هذه الأزمة أمر غير دقيق، لأن الحوثيين يشكلون قبيلة في اليمن... وحكومة صنعاء تتشكل من العديد من الأحزاب والطوائف وهناك برلمان وجيش ووزراء و دوائر حكومية... وهذا الوضع هو القائم... والحل اليمني يكون بتعاون جميع الأطراف وأن يشكلوا حكومة شاملة وأن يكون الحوار يمنياً - يمنياً لأن الحل السياسي هو الأمثل».

وعما إذا كانت بلاده تؤيد استهداف الحوثيين للإمارات، قال السفير: «نحن لا نوافق على توسيع نطاق الحرب مطلقاً، وكل جهودنا تنصب لايجاد حل جذري لهذا الأمر، وإن أصدقاءنا يدركون هذه الحقيقة».

وأضاف في هذا السياق: «لدينا علاقات متميزة مع صنعاء وأبوظبي، حيث إن علاقاتنا مع الإمارات إيجابية وتسير إلى الأفضل، وهناك زيارات على مستوى كبار المسؤولين، كما لدينا الاستعداد لتيسير المحادثات بين الأطراف المتنازعة... نحن لا نسميها وساطة بقدر ما هي طلب من دول المنطقة لمتابعة الملف مع اليمن، حيث هناك مبادرة سابقة في هذا المجال».

«الوفد المفاوض يعمل بشكل دقيق ونسعى لاتفاق دائم وواقعي»

المفاوضات النووية بطيئة لكنها جادة... ولن نجازف بانسحاب أميركي آخر

تحدث إيراني عن التقدم الذي أحرزته محادثات فيينا الجارية بين بلاده والدول الموقعة على الاتفاق النووي، والهادفة إلى إحياء الاتفاق المبرم في العام 2015، وعودة الولايات المتحدة إليه.

وقال في هذا السياق: «إن آخر ما توصلنا إليه هو أن هذه المحادثات تسير قدماً مع الجانب الأوروبي، وبشكل غير مباشر مع الأميركيين، ولربما يكون ذلك بشكل بطيء لكنه جاد... والطرفان مصران على الوصول إلى نتيجة مستدامة، حيث تم تشكيل ثلاث لجان للمفاوضات هي: لجنة إلغاء العقوبات ولجنة الاتفاق النووي ولجنة تدوين الاتفاق».

وأضاف «هناك بحث مكثف حول 3 محاور هي الضمانات المقدمة وعدم تكرار سلوك أميركا تجاه الاتفاق وهذا أمر مهم ومتابع من قبل إيران، لأن سلوك أميركا في الاتفاق السابق كان تجربة مريرة»، في إشارة إلى انسحاب إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب من الاتفاق في مايو 2018.

وأكد أن «الوفد المفاوض الحالي يعمل بشكل دقيق ونسعى لاتفاق دائم وواقعي، ولا يمكن أن نقبل بانسحاب أميركي آخر ولن نجازف بذلك، كما أننا نحتاج على اطمئنان المستثمرين في إيران، كما أننا نطالب بقوة بإلغاء جميع العقوبات على الأفراد والشركات والتي فرضت بعد 2015، وهناك خطوات إيجابية اتخذت في هذا المجال، كما نؤكد على المحور الثالث حول الصدق في العمل ويجب أن يكون لدينا معايير من المصداقية من الطرف المقابل لكي يطمئن الطرفان بعد اختبار هذه الاتفاقية خلال فترة محددة، وأن يكون الاختبار والخطوات المتخذة مشتركة وليست بشكل أحادي».

«مقاطعة أي فريق لبناني يؤثر على الشعب برمته»

«حزب الله» مكون من الشعب اللبناني وعلاقة إيران معه تمتد لعقود

لم يغب الشأن اللبناني عن مؤتمر السفير الإيراني، فقال رداً على سؤال عن دعم بلاده لـ«حزب الله» رغم اعتراض دول الخليج على أدائه داخل لبنان وخارجه، إن «علاقة إيران و(حزب الله) قديمة وتمتد لعقود، والجميع يدرك أن (حزب الله) مكون قائم من الشعب اللبناني ولا يمكن فصله عنه، والحكومة والشعب في لبنان مدركان لهذا الأمر ويتعاونون في ما بينهم منذ سنوات، فحزب الله مشارك في الحكومة والبرلمان ولديه مكانة سياسية رفيعة وهذا الأمر ليس طارئاً على لبنان»، مشدداً على ضرورة استقرار الأمن في لبنان الذي قال إنه يعيش في ظروف حساسة ودقيقة.

وأضاف: ان «مقاطعة أميركا لـ(حزب الله) لم تحسب حسابات حساسة داخلية وتعاون الحزب مع الفرقاء في لبنان، ولم تهتم باستقرار لبنان ولم تنتبه إلى هذا الأمر، لأنه لا يمكن أن تتخلى أو تتجاهل طائفة، لا سيما أن (حزب الله) يعد الشق المقاوم للكيان الصهيوني واعتداءاته المتكررة على لبنان، ونحن نعتبر أن مقاطعة أي فريق لبناني يؤثر على الشعب برمته، وهذا أسوأ تعامل مع هذه الدولة لأن الشعب سيتحمل عواقب هذه الأزمة، ونحن نؤمن بأن الشعب اللبناني سيحل مشاكله مثل ما شاهدناه في العديد من المرات وأن التدخل الأجنبي يمزق وحدة اللبنانيين».