ما إن قربت ساعة تنفيذ قانون تجنيس الألفين لعام 2007، حتى دقت طبول الحرب من قبل أطراف عدة، كبعض النواب السابقين الذين طفت نارهم ولم يعد لهم أي ذكر أو صيت بين الناس، ومن الذين لا هم لهم ولا قضية سوى محاربة البدون وكيل الادعاءات ضدهم، بل ووصل الأمر بهم إلى تقديم نسب مئوية عن أعداد المشاركين بالجيش الشعبي منهم بلا بينة أو دليل أو حتى خجل، وتبنت بعض وسائل الإعلام الحملة المنظمة ضد البدون لخلق رأي عام معارض للتجنيس عموماً بغض النظر عن المستحق من غير المستحق، وبحجة التدقيق في الكشوف والتمحيص في الأسماء والتثبت من الادلة والبراهين، وقد تحقق لأصحاب الحملة المنظمة ما أرادوا فتقلص كشف التجنيس أكثر من مرة في ما عشرات آلاف الأسر تعد اللحظات والدقائق لا الليالي والأيام منتظرة الفرج لنصف قرن من الزمان أو يزيد من المعاناة والحرمان والآهات التي لا يشعر بها إلا من أتى الله بقلب سليم. ولم تكتف جوقة الرافضين لإنصاف البدون وتجنيس المستحقين منهم، بل إنها اخذت وعبر وسائل إعلامها بالتشكيك والطعن في بعض الأسماء الواردة في الكشوف وبطريقة بغيضة تستهدف خلط الحابل بالنابل، بحيث استمر كشف الأوراق وفتح ملفات سرية تتعلق بأمن البلاد وعلاقتها مع جيرانها، وبلا أدنى مسؤولية فقط لأجل تصفية الحسابات مع وزير الداخلية، الذي يعلم الكثيرون حرصه على إنصاف مستحقي البدون ورغبته الشجاعة في طي هذا الملف الذي يتهرب منه الكثيرون.وبدأ بعض النواب المعروفة مواقفهم من البدون سلفاً، وإن اختلفت تكتلاتهم وتباينت توجهاتهم، في أسلوب جديد، وبدلاً من المطالبة بإنصاف المستحقين من البدون وتجنيسهم، طالبوا بسحب مرسوم التجنيس بأكمله بحجة وجود بعض الأسماء غير المستحقة فيه. وهذه لعمري فضيحة أخرى تضاف إلى سلسلة فضائحهم المكشوفة من رفض إنصاف المظلومين، فإن كان هناك من غير المستحقين، فكيف يتم تحميل المستحق بجريرة غير المستحق؟ وأي منطق يطالبنا بظلم المستحق، بحجة الشبهة في وجود غير المستحقين الذين يتم التحقق منهم بواسطة لجنة خاصة بعيداً عن الإعلام واثاراته؟ ألم يكن من الأولى لأحد النواب المطالبين بسحب مرسوم التجنيس أن يطالب باستكمال تجنيس المستحقين كافة من البدون، خصوصاً أولئك الذين حاربوا وقاتلوا وقاوموا وأُسروا واستشهدوا دفاعاً عن هذه الأرض الطيبة ومن أبناء الكويتيات وأقرباء الكويتيين وحملة إحصاء 1965 وإحصاء 1957 الذي تم قبل صدور قانون الجنسية أصلاً، وقدامى العاملين في شركة النفط ومؤسسات الدولة وحملة الشهادات العليا والتخصصية، وغيرهم من المستحقين الذين قتلت ملفاتهم بحثاً وتمحيصاً ومازالت تنتظر مزيداً من البحث والتحري، لا أن يتم التهديد بمساءلة وزير الداخلية على كشوف التجنيس الأخيرة التي قد يكون فيها ما فيها من تجاوزات أو غبن لأناس يستحقون، وأول الغبن هو عدم استكمال العدد المقرر للتجنيس فإذا كان الجميع يقولون بوجود آلاف قليلة من المستحقين فعلام الانتظار وعلام إطالة ليل البدون أم أن هناك من يستمتع برؤية عذابات الناس ولا يستطيع النوم إلا وهو يتلذذ بتعذيبهم صباحاً ومساء.ولا أملك إلا أن أختم برسالة وصلتني عبر الهاتف تعبر بصدق عن حالة البؤس واليأس، التي وصلها البدون ببركة نواب الأمة وبعض وسائل الإعلام، وهي تقول: «في غمرة جدل لا ينتهي يدخل دائرة الوطن من لم يروه ومن لم يعرفوه ونضيع نحن بسطاء البدون ملح الأرض، يتوسد ثراها فتى يطلق النار على رأسه وشيخ لا يجد ثمن الدواء وطفل لا يدخل المدرسة وفاطمة وجهها كقمر بلا شهادة ميلاد، نحن جيل خائب يا صديقي، كويتيون بلا أوراق، أحلامنا مقعد بمدرسة وعلاج لمريض وكرامة نستحقها، نريد برودة الأرض وشكراً». ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

عادل حسن دشتي

كاتب كويتيDashti2006@hotmail.com