حسين الراوي / أبعاد السطور / مسافة الألم

أن تكون بدوناً فهذا يعني أنك شبح، بلا وجود حقيقي وملامح حقيقية وبلا موطن وبلا أماني. أن تكون بدوناً هذا يعني أنه استوطنت أضلاعك تنهيدة عمر مجروح، وثقل ظهرك بآلاف الأمنيات البريئة التي حطمها الجور والحسد. أن تكون بدوناً فهذا يعني أن أصابع الزمن خطت في عينيك قصة حزن بعيدة وطويلة، يقرأها في عينيك كل شريف ذي قلب رحيم. أن تكون بدوناً فهذا يعني أنك ستُسلب حقوقك كلها وستُهمش دائماً وسوف يدير لك المسؤولون في هذه البلاد ظهورهم، حتى ولو كنت قاتلت من أجل بلادهم وخضت غمار الحروب ليبقى عَلَمها في قلب السماء خفاقاً. أن تكون بدوناً فهذا يعني أنك بلا وظيفة رسمية وبلا راتب رسمي يُعينك على ما يحتاجه أبوك وأمك وزوجتك وأبناؤك وبناتك، وأن يمر عليكم العيد بلا سعادة تستشعر وجودها. أن تكون بدوناً فهذا يعني أنه لا قيمة لك كإنسان، وستولد بصفة غير رسمية، وستعيش بصفة غير رسمية بلا دراسة وبلا علاج، وستتزوج بصفة غير رسمية، وستموت بصفة غير رسمية. أحبابي، إن أطول مسافات الألم هي تلك التي ينبت بها الألم في مدى ناظريك أين ما سددته، والأخوة البدون نبتت في مدى نظراتهم أشجار فارعة الطول وكثيفة الأغصان، أثمرت بالتعب والسهد والشتات.
أيها البدون طالبكم النائب ضيف الله بورمية بالتجمع والاحتشاد أمام مجلس الأمة، ظاناً أنه قدم لكم رأياً عظيماً صائباً سينفعكم، وليت بورمية قال لكم ابقوا في بيوتكم بعيداً عن هذه الحركات الثورية التي استعدت لها وزارة الداخلية بشكل رسمي وكبير. بورمية أرجوك خفف من ثوريتك وتصاريحك البركانية منشان ألله!


حسين الراوي
alrawie1@hotmail.com