أشار بنك الكويت الوطني إلى أنه في بداية الأسبوع الماضي، أبقى كبار مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيديرالي، بمن فيهم رئيسه جيروم باول ونائبه ريتشارد كلاريدا، على موقفهم بأن الاختلالات الحالية ستنحسر في نهاية المطاف مع تحسن سلاسل التوريد العالمية وأسواق العمل، ما يعني أن التضخم سيثبت في النهاية أنه موقت وعابر، وسيتلاشى مع مرور الوقت، مبيناً أنه لسوء حظ الفريق المؤيد لفكرة أن التضخم ظاهرة عابرة والتي لم يعد لها انعكاسات إيجابية، أتى صدور بيانات التضخم يوم الأربعاء لتثبت استبعاد تلك المقولة.

ولفت البنك في موجزه الأسبوعي عن أسواق النقد، إلى وصول أسعار المستهلك في الولايات المتحدة، إلى أعلى مستوياتها المسجلة في 3 عقود خلال شهر أكتوبر، على خلفية مزيج من العوامل التي تضمنت النقص المستمر في العرض وتزايد طلب المستهلكين.

وأوضحت وزارة العمل الأسبوع الماضي، أن مؤشر أسعار المستهلك ارتفع 6.2 في المئة مقارنة بمستويات الفترة نفسها من العام الماضي، مسجلاً أسرع وتيرة ارتفاع على مدار 12 شهراً منذ 1990.

وبيّن التقرير أن هذا الرقم أيضاً يعد الشهر الخامس على التوالي الذي يتجاوز فيه معدل ارتفاع التضخم مستوى 5 في المئة، إذ ارتفع معدل التضخم الأساسي الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة بنسبة 4.6 في المئة خلال أكتوبر على أساس سنوي، ما يعد أعلى مستوى يصل إليه منذ 1991، بعدما بلغ 4 في المئة خلال سبتمبر.

ورأى أنه من بين العوامل التي دعمت ذلك الارتفاع، تكاليف الطاقة، والمسكن، والطعام، والسيارات المستعملة، والسيارات الجديدة، والسفر بصفة عامة، في وقت ساهمت تكاليف الطاقة إلى حد كبير في تزايد الضغوط التضخمية، إذ ارتفعت بنسبة 4.8 في المئة خلال فترة وجيزة امتدت من سبتمبر إلى أكتوبر، وارتفعت بنحو 30 في المئة منذ بداية العام.

وكشف التقرير أن أسعار المواد الغذائية قفزت بنسبة 0.9 في المئة خلال الشهر في ظل ارتفاع تكاليف الغذاء في المنزل 1 في المئة، كما ارتفعت أسعار السيارات المستعملة، التي كانت الدافع الأكبر لارتفاع معدل التضخم خلال الربيع مجدداً بعد شهرين من التراجع، بحيث ارتفعت 2.5 في المئة مقارنة بمستويات سبتمبر وبنسبة 26.4 في المئة منذ بداية العام.

ولفت إلى ارتفاع نفقات الفنادق 1.5 في المئة بعد أشهر من انخفاض الأسعار، ما ساهم في تزايد معدل ارتفاعها السنوي إلى نحو 26 في المئة، بينما استمرت الإيجارات والتكاليف الأخرى المتعلقة بالسكن، والتي تشكل نحو ثلث الوزن النسبي لمؤشر أسعار المستهلك، وأحد أكثر عوامل التضخم التي تتسم بعدم المرونة، في الارتفاع بوتيرة ثابتة.

ونوه التقرير بارتفاع الإيجار المكافئ للمالكين بنسبة 0.4 في المئة مقارنة بشهر سبتمبر، وبنسبة 3.1 في المئة على مدار العام، إذ أكدت البيانات أيضاً انتعاش الأسعار عبر عدد أكبر من القطاعات، بما في ذلك الرعاية الطبية والمفروشات المنزلية والترفيه، بالإضافة إلى خدمات النقل التي ارتفعت 0.4 في المئة بعد شهرين من الانخفاض.

واعتبر التقرير أن زيادة معدلات التضخم تساهم في تعقيد إستراتيجية «الفيديرالي»، الهادفة لتقليص سياساتها النقدية التيسيرية القوية، التي تم تطبيقها في وقت مبكر من تفشي الجائحة، كما تضع ضغوطاً على الأجندة الاقتصادية لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.

وبين أنه على مدار أشهر أشهر، واصل رئيس مجلس «الفيديرالي» جيروم باول وصفه للتضخم بأنه «موقت» وأكد وجهة النظر القائلة بأن الأسعار ستعود إلى وضعها الطبيعي بمجرد انتهاء نقص العمالة ومشاكل العرض، إلا أنه أقر في الآونة الأخيرة بأن ارتفاع الأسعار قد يستمر حتى الصيف المقبل.

وذكر التقرير أن السندات الحكومية الأميركية شهدت عمليات بيعية مكثفة، ما زاد من مخاوف اضطرار «الفيديرالي» للتصرف بشكل أكثر حسماً لكبح جماح التضخم المتزايد.

ولفت إلى ارتفاع عوائد سندات الخزانة لأجل عامين، والتي تعتبر شديدة الحساسية تجاه توقعات أسعار الفائدة، بأعلى معدل منذ اضطراب السوق الناجم عن تفشي «كورونا» في مارس 2020، إذ ارتفعت العائدات بمقدار 0.09 نقطة مئوية إلى 0.52 في المئة، ما يشير إلى انخفاض شديد في الأسعار.

وشهدت السندات لأجل 5 سنوات أشد التحركات، إذ ارتفعت بمقدار 0.14 نقطة مئوية إلى 1.22 في المئة، بينما ارتفعت عوائد سندات الخزانة المعيارية لأجل 10 سنوات بمقدار 0.06 نقطة مئوية لتتداول عند مستوى 1.51 في المئة تقريباً، كما قفزت التوقعات الخاصة برفع سعر الفائدة في يونيو 2022 بنحو 30 في المئة ووصلت الآن إلى نحو 80 في المئة.

مستويات الدولار

وأوضح التقرير أن ردة فعل الدولار أتت بملامسته أقوى مستوياته مقابل اليورو في 16 شهراً يوم الخميس، إذ أنهى تداولات الأسبوع مغلقاً عند مستوى 1.1454، بينما شهد الجنيه الإسترليني أيضاً انخفاضاً حاداً مقابل الدولار، إذ وصل إلى أدنى مستوياته المسجلة منذ ديسمبر 2020 لينهي تداولات الأسبوع مغلقاً عند مستوى 1.3418.

وانخفض الدولار الأسترالي الذي يتسم بحساسيته الشديدة تجاه المخاطر إلى أدنى مستوياته وصولاً إلى 0.7277 مقابل الدولار للمرة الأولى منذ شهر، إلا أنه تمكن من استعادة بعض زخمه لينهي تداولات الأسبوع مغلقاً عند مستوى 0.7334، بينما أنهى مؤشر الدولار تداولات الأسبوع عند مستوى 95.122 في أعلى مستوياته منذ يوليو 2020.

تحسن المعنويات في أوروبا

أفاد تقرير «الوطني» أنه في أوروبا، ارتفع مؤشر «ZEW» للثقة الاقتصادية في ألمانيا للمرة الأولى منذ مايو، وأنه ووفقاً للبيانات الصادرة الأسبوع الماضي، ارتفع المؤشر بمقدار 9.4 نقطة ليصل إلى مستوى قياسي جديد عند 31.7 نقطة.

وكشف أنه على صعيد منطقة اليورو كاملة، فقد وصلت قراءة المؤشر إلى 25.9 نقطة، بارتفاع 4.9 نقطة عن الشهر السابق، منوهاً بأن الاستبيان أظهر انخفاض توقعات التضخم بشكل حاد، بحيث تراجع المؤشر بمقدار 31.4 نقطة مقارنة بشهر أكتوبر.

من ناحية ثانية، كشفت البيانات الصادرة من المملكة المتحدة أن معدل النمو الاقتصادي، تباطأ أكثر من المتوقع في الربع الثالث من العام، نظراً لتراجع مستويات الدعم الناتج عن إعادة فتح أنشطة الأعمال، وتأثر النشاط الاقتصادي بنقص السلع والعمالة.

وأظهرت البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية يوم الخميس الماضي، أن الناتج المحلي الإجمالي ارتفع بمعدل شهري بلغ 0.6 في المئة خلال سبتمبر، بعد نموه 0.2 في المئة خلال أغسطس، إذ كانت بيانات شهر سبتمبر أقوى من توقعات الاقتصاديين البالغة 0.4 في المئة، إلا أنها كانت أقل من المستوى المسجلة في فبراير 2020 بنسبة 0.6 في المئة.