| نواف السعد |
لم يتسن لي ان اتمتع في قراءة رواية الكاتب علاء الأسواني لرائعته عمارة يعقوبيان، وذلك لأسباب اولا لمنعها وثانيا لاهتمامات اخرى عندي، وان كنت اتمنى ان يتسنى لي الوقت في قراءتها، ولكن كان حظي اعظم وانا ارى الفيلم الذي هو من بطولة الزعيم عادل امام، ووقتها عرفت انه فاتني من السعادة والحلاوة الكثير الكثير لو قرأت الرواية، وذلك مازال كثيرا ممن اعرفهم يقولون ان الرواية احلى من الفيلم، وهذا صحيح واكيد لأن ما في الرواية يستحيل ان تختزله عبر دقائق في فيلم؟
مع هذا الرواية اخذت من الاعلان والاعلام والأخذ والرد الكثير، لكنها مع هذا نحتاج ان نعرف هل الرواية فقط تتكلم عن اشاعة الفاحشة ؟، هل تريد الرواية ان تهتم في موضوع الشواذ الجنسيين او الأحرى المثليين، ام ماذا اراد الكاتب؟
كثير جدا يطعن صاحب الرواية او الكاتب في فهم ما يقوله او يكتبه، دون ان يفهم ما يريد او الجهل في اساليب كثيرة في المذاهب التي تستعمل في الأدب خصوصا في القصة.
ولهذا يجب علينا ان ندخل الرواية ونعرف ابطالها واشخاصها، ونرى هل هم موجودون في الواقع، وما الذي يقول لنا الكاتب. حقيقة لم اقرأ الرواية... ولكني سعدت جدا وانا اشاهدها... فكيف ولو قرأتها فهل سأستمتع!
فلنتكلم عن شخصية عادل امام الباشا بن الباشا، وهو يمثل فئة من المجتمع وهم البشوات، او انه ايضا يمثل فترة من الزمن موجود في عمارة يعقوبيان وطبعا عمارة يعقوبيان هي البناية التي يجتمع فيها كل الشحصيات، وان كنت اعتقد من الغلط ان نفهم ان عمارة يعقوبيان تعني فقط مصر، ولكنها تعني اكثر مافي الدول العربية، فمثل شخصية عادل امام في الفيلم كثيرة وباشا كلمة ورمز، ولكن هناك البيه والبيك والخان والتاجر و«الى طال عمرك كلهم بشوات»، ولهذا تراهم يعيشون على ابراج عاجية ولا يغيرون من اوضاعهم كثيرا، بل حتى حياتهم العاطفية، التي اعتقد انها تمثل الملكية وآخر حياة الملك فاروق.
اما شخصية الحاج الذي قام بها الفنان المبدع نور شريف، فأعتقد انها تمثل فترة السادات وكيف أن الذي كان يمسح الأحذية صار من اصحاب الملايين، وكيف انه في فترة قصيرة صار عنده من المال الكثير.
اما موضوع الصحافي وهو الذي مثله الشاعر والمبدع وصاحب الطلة الجميلة التي يصعب عليك وانت تشاهد الفيلم لا تشيد في ادائه وكيف تحمل هذا الدور العظيم الذي رفضه الكثير، ولكنه وافق وكان نعم الممثل لهذا الدوروهو الفنان خالد الصاوي، هذه فترة ما بعد السادات ولكنها فترة الانفتاح على العالم والدراسة في الخارج او في جامعات غربية واخذ عاداتهم وتقاليدهم، بل حتى في اسلوب حياتهم العلمية وايضا العاطفية، ولعل المؤلف يؤرخ لدخول فكرة المثليين الجنسيين في هذه الفترة او السماح في اشاعتها، ولو في بعض الأمر في الخفاء، وهنا المؤلف ربما يريد ان يبين الانفتاح الذي حصل في الناس في هذه الفترة، حتى صاروا يحولون من مغايرين الى مثليين، ولعلها فترة ايضا تدل على صعوبات وامور كثيرة لم تكن مقبولة ابدا، ومنها مثل هذا الموضوع وهم الشواذ جنسيا.
مع ان الرواية او بالأحرى الفيلم الذي شاهدته كل شخصية فيه تتكلم عن فترة وعن امر معين في هذه الشخصية، لكني احببت ان اتكلم عن الشخصيات المهمة في الفيلم، ولهذا اختار ايضا شخصية كل من البنت والولد، والبنت التي مثلتها الفنانة الشابة هند صبري التي اجادت الدور، وهي تتكلم عن اليوم عن العصر الحالي عن بنات اليوم... ومشاكله اليومية من العمل والزواج والاستقرار والبحث عن الشرف، وفي النهاية مثلها مثل اكثر بنات جيلها- في زمن التسعينات والقرن الحادي والعشرين - تترك حبيبها من اجل ان تطعم اهلها وتعيل اسرتها، ويمكن ترضى ايضا بما هو ينافي حتى مبادئها، اما الولد الذي مثله ابن عادل امام- وابن الوز عوام- وكان ايضا يتكلم عن الشباب الذين تقتل كل احلامهم وكل آمالهم، خصوصا عندما يفكر ان يدخل الشرطة، ولكنه لايقبل وهو يستحق ذلك بل هو افضل من الكل ولكنه ابن البواب، ولهذا لا يقبل في الشرطة، وهنا يقبل في الجامعة ولكن الجامعة صارت مرتعا لأهل الأهواء والتكفير والتفجير، وهنا يبين المؤلف ايضا امرا مهما وهو ان الجامعة الآن بل انا اعتقد ايضا في جامعاتنا فيها من يأخذون الشباب ويعلمونهم الكره بكل أشكاله، حتى يصبحوا اعداء للدولة وللشعب، ولهذا يدخلون السجون... والذين افتوهم هم في الخارج.
في النهاية اقول ان مشاهدتي للفيلم وما رأيته في داخل العمارة ماهو الا تأريخ لحياة ولفترة مرت عليها العمارة، وايضا تتكلم عن التغيرات الجذرية في امور كثيرة... اجتماعية وسياسية وعاطفية، بل في كل الأمور وايضا جعل كلا من ابطال عمله يتكلم عن فترة من الزمان وهو يمثل هذه الفترة بحلوها ومرها، لكن في النهاية يرى المؤلف ان فترة الباشا كانت مصر اعظم الدول... كانت مصر افضل من كثير من دول العالم، بل كانت الأزياء والماركات تسوق في مصر قبل ان تسوق في الخارج او في الغرب، وانا اوافقه الرأي فمن يسكن ولو ليوم واحد او ليلة واحد في وسط البلد وعند «جروبي» الشهير ويخرج في الليل وهو يمشي يعلم ان هذه الأرض بجمالها المعماري كانت بلدا افضل من فرنسا في زمانها.