ها قد وضعت الحرب أوزارها، وكأني بتلك الطبول وقد تقطعت من كثرة استخدامها خلال الأسبوعين السابقين، ونتج عن ذلك استجواب يروى أنه (راق) ولكن يا حسافة كانت الجلسة سرية، إضافة إلى استجوابين «مَشْ حالِكْ»، أما كبش فداء الاستجوابات فلا «بواكي» له، مسكين!
هل رأيت يا سمو الرئيس أن مسألة الاستجواب بسيطة جداً، وأن صعود المنصة أيسر من صعود أي شيء آخر، خصوصاً في ظل غالبية نيابية لا تتحرج من استباق جلسة السادس عشر من الشهر الجاري لتصدر بياناً لمؤازرتك ضد طلب عدم التعاون، مع أنك لست في حاجة إلى مثل ذلك البيان، فالكتاب معروف من عنوانه.
رغم إن بعض الظن إثم، فإنني أظن أن استجواب رئيس الوزراء سيكون مادة أساسية في كل سنة نيابية مرة أو مرتين على الأقل، كما أظن أن النواب سيتزاحمون من الآن فصاعداً على تلك الوجبة الدسمة، فلم تعد استجوابات الوزراء تنفع في ظل كسر الحاجز النفسي لموقع رئيس مجلس الوزراء، وأعتقد أن هذه الحسنة الوحيدة لاستجواب فيصل المسلم.
لقد أصبحت البطولة سهلة، كل ما عليك أيها النائب المحترم أن تتقدم باستجواب لرئيس مجلس الوزراء، ثم تعقد الندوات هنا وهناك، وستجد لك من ينظمها بالمجان من شباب تدربوا على ذلك من شاكلة (ارحل نستحق الأفضل)، حيث تبدأ عندها حلقات الردح الإعلامي الهلامي، في قنوات همها الأول الدينار، ولا شيء غير الدينار، وبالطبع ستكون لساحة الإرادة نصيب من الأمر، فهي في حاجة دائمة إلى تجديد العهد، فبدونها لا إرادة للأمة، ومن لا يأتي حينها فهو خائن للدستور ومداهن لقوى الفساد، المشكلة في ظل ذلك الوضع غياب مفهوم الاحترام المتبادل بين الأطراف جميعاً، ويا ليتهم كانوا راقين في الطرح كطرفي استجواب سمو الرئيس.
أنبهك عزيزي النائب أن الكويت ستحتقن خلال استجوابك لسمو الرئيس، لا عليك، فقد تدربنا على ذلك، وتعودت أسماعنا قلب الحقائق، وألفنا الاستماع للجهلاء بالدستور من كل زاعق وناعق، ممن يظن أنه الوحيد الذي يحب آل الصباح الكرام، ويخاف عليهم من عاديات الزمن، ويصور استجواب الرئيس بأنه انقلاب على ما تعارف عليه الكويتيون منذ ثلاثمئة عام، وما علم الأفاقون أن ممارستك لحق الاستجواب هي من صميم الدستور الذي تواضع عليه أهل الكويت حكاماً ومحكومين منذ نصف قرن من الزمان، وهو الدستور ذاته الذي نص على أن الإمارة في ذرية الشيخ مبارك الصباح ما بقيت الكويت.
في الأفق
لا أعلم لماذا كنت أردد هذه الأيام قول الإمام الشافعي في ديوانه:
وإن كثرت عيوبك في البرايا
وسرك أن يكون لها غطاء
تستر بالسخاء فكل عيب
يغطيه كما قيل السخاء


د. عبداللطيف الصريخ
مستشار في التنمية البشرية
alsuraikh@yahoo.com