جرت العادة عندما يذكر الشخص اسم وزارة الداخلية فأول ما يتبادر إلى ذهن السامع كلمات مثل «الأمن» و«الطمأنينة» و«الحزم» و«القانون» و«الهيبة» وغيرها من الكلمات التي تدل على الهدف الذي أنشئت من أجله وزارة الداخلية والذي من أجله تستقطع من ميزانية البلد مبالغها الضخمة التي تصرفها على أنشطتها ومهامها، ولكن في بلدنا هذا، بلد اللامعقول، فإن وزارة الداخلية أصبح ذكرها يرتبط بكلمات مثل الواسطة والخوف واللاقانون واللاهيبة والفوضى للأسف، فانتشرت الواسطة وسطوة المتنفذين وتلاشت معها سطوة القانون وهيبته، فحل الخوف محل الأمن وأصبحت الطمأنينة ذكرى تكتب في شأنها المرثيات!الأمثلة على ما ذكرناه كثيرة ولن يكفي لسردها كل ما تستهلكه مطابع الصحف اليومية لمدة شهر أو أكثر، ولكن دعونا نضرب مثالاً حياً وجديداً لغياب القانون وهيبته وللخوف الذي يتملك هذه الوزارة وطواقمها حتى زرعته في أرجاء الوطن وبين أضلع المواطن! هنالك من يحاول ويعمل بصورة واضحة على تحويل منطقة المنقف السكنية الهادئة إلى منطقة «ديسكوات» و«ملاه عامرة» مع سبق الإصرار والترصد ورغم أنف القانون والدولة والمواطن، فبعد أن كانت القضية تنحصر فقط بالمساكن المؤجرة للجاليات الأوروبية والأميركية، توسعت وطالت واستعرضت حتى أصبحت بعض المنازل الحديثة تؤجر بالأيام إلى مجاميع من الشباب والشابات الكويتيين ومن لف لفهم من الجنسيات الأخرى ليقيموا فيها الليالي الملاح التي يصل صدى صوتها وإزعاجها إلى آخر نقطة في محيطها السكني، ولو كان الأمر محصوراً بما يفعله هؤلاء داخل تلك المنازل المستأجرة لهان الأمر ولكانت خصوصيتهم وحريتهم أمراً لا يجب المساس به من دون حكم قضائي واضح، ولكن أن تتخطى حريتهم وما يفعلونه حدود حريات الآخرين وأمنهم في منازلهم وأحيائهم، وتحت نظر وزارة الداخلية وبعلم مراكزها، التي تقف عاجزة أو خائفة أو متعاونة أو أي من تلك المسميات التي تدل على «قلة حيلة» هذه الوزارة، فإن ذلك أمر جلل وعظيم!ما حدث في رأس هذه السنة الميلادية وقامت من أجله الدنيا ولم تقعد نيابياً وإعلامياً، يحدث كل يوم وكل ليلة في زوايا تلك المنطقة الهادئة وبين منازل ساكنيها الذين تقدموا بالشكوى تلو الشكوى إلى مخفر المنطقة التابعين له ولم يجدوا سوى التردد واللامسؤولية والخوف واللامبالاة، فالمؤجر «متنفذ كبير» والمستأجرون «متنفذون تحت التمرين» أي في المفرخة يمارسون كسر القانون والاعتداء على حقوق الآخرين حتى يكبروا ويتاح لهم كسره بصورة أكبر والاعتداء على حقوق المواطنين بصورة أشمل! ومنا إلى مسؤولي وزارة الخوف واللاقانون...لنرى ان كان «طباخهم» قادر على إعادة المقادير إلى وضعها الطبيعي أم لا! فإذا كنتم عاجزين عن فرض القانون وهيبته في منطقة سكنية صغيرة مثل المنقف، فكيف ستفرضونه على البلاد بأكملها؟ ومنا كذلك إلى نواب الأمة وخصوصاً نواب الدائرة الخامسة، فالمتنفذون الصغار إن كبروا، أكلوا الأخضر واليابس بعد أن يكونوا قد تدربوا على قتل الأمن والطمأنينة وأصابوا القانون بمقتل في هذا البلد!
سعود عبدالعزيز العصفور
كاتب ومهندس كويتيsalasfoor@yahoo.com