حدثني الصديق العزيز الدكتور عبدالكريم خليل والذي يترأس مجلس إدارة أحد أهم المراكز الإسلامية في بريطانيا الذي افتتحه الأمير تشارلز ودعمته بلدية لندن من أجل دعم الروابط بين الشعب البريطاني والمسلمين، يحدثني بأنه قد تلقى اتصالاً قبل اسبوعين من محطة الـ BBC البريطانية الحكومية تدعوه لزيارتها، فزارها مع أحد المسلمين البريطانيين من أصل انكليزي، فقال له مقدم أحد أهم البرامج اليومية التلفزيونية الذي يستعرض أهم أحداث بريطانيا بأنهم سيبثون الليلة برنامجاً متكاملاً مصوراً عن مخالفة عشرات المراكز الإسلامية في بريطانيا للعلاقة ما بين البريطانيين والمسلمين وتعكير صفو العلاقات بينهم عن طريق بيع كتب إسلامية تشتم الديانات النصرانية وتدعو للانقلاب على المجتمع والعنف والتطرف.وقال المقدم ان الذي اعد لهم البرنامج هو أحد المراكز البحثية في بريطانيا (Think Tank) والمعروف بتعاطفه الشديد مع المحافظين الجدد في الولايات المتحدة واللوبي الصهيوني، وقام المقدم بإجراء مقابلة مع الدكتور عبدالكريم لكي يتم بثها مع البرنامج، سأله الدكتور عبدالكريم عن الكتب التي يدعون بأن المراكز الإسلامية تقوم ببيعها وتسبب الفتنة، فأخرج له عينة منها ثم أراه بعض الوصولات التي تثبت بيع تلك المراكز لتلك الكتب، يقول الدكتور عبدالكريم: بفضل الله تعالى اطلعت على وصل البيع من مركزنا الإسلامي فوجدت بأن هذا الوصل مزيف، فلا يوجد شخص بهذا الاسم عندنا، والوصل يختلف عن وصولاتنا التي نبيع بها، فأرسلت للمركز أطلب صورة من الوصولات التي نستخدمها فأرسلوها لي، ثم قلت للمقدم: لعلك ترى حجم التزوير ثم اننا لا نبيع تلك الكتب.في المساء، انتظر الدكتور عبدالكريم بث البرنامج الساعة (10.30) ويده على قلبه من الخوف، وإذا بالمحطة تبث برنامجاً آخر، فقام بالاتصال بالمقدم يسأله عن سبب عدم بث البرنامج فقال له: «لقد تأكدنا بأن معظم الوصولات التي لدينا مزورة وخفنا ان تقيم علينا المراكز الإسلامية دعوى قضائية، وانتظر في الغد لترى ما يسرك»، وفي الغد اذا بالمحطة تبث برنامجاً عن ذلك المركز البحثي البريطاني لتفضحه وتبين دجله وتآمره على المصالح الإسلامية، ثم قابلت مسؤول ذلك المركز على الهواء وأحرجته بالأسئلة، وظلت تلك القضية محل تداول وسائل الإعلام البريطانية فترة أسبوعين وأعطت المسلمين روحاً جديدة ضد الحاقدين عليهم في المجتمع البريطاني.ما نستفيده من تلك القصة هو أن الله تعالى هو الذي يدافع عن المسلمين ويتولى حمايتهم أمام الحملة الشرسة التي استغلت احداث بريطانيا قبل سنتين لتصفية وجودهم، بل يقول الدكتور عبدالكريم بأنهم بالرغم من الأيام العصيبة التي عاشوها خلال الأزمة وما بعدها، الا ان موقفهم الواضح وادانتهم للإرهاب بأشكاله قد طمأن الشعب البريطاني بأن مسلمي بريطانيا عقلاء ولا يقرون الاجرام الذي قام به بعض المغرر بهم، بل وقد انفتحت عليهم أبواب البريطانيين الذين يقدمون إلى المراكز الإسلامية يومياً ليشهروا اسلامهم كذلك فإن المتطرفين من فلول القاعدة في بريطانيا أمثال أبو حمزة وأبو قتادة وغيرهما قد أخرسوا إلى الأبد وأراحوا المسلمين من شرورهم، لكن يبقى الدور الأكبر على المسلمين في بلاد الإسلام ليمدوا أيديهم لإخوانهم في بريطانيا ودول الغرب ولا يتركوهم وحدهم.
د. وائل الحساويwae_al_hasawi@hotmail.com