هل حقاً أن الحكومة اللبنانية التي أعلنت اخيراً هي حكومة وحدة وطنية أو حكومة وفاق وطني؟!
نتمنى أن تكون كذلك. لكن الوقائع لربما تشير الى عكس ذلك. فإذا كان الحرص على الوحدة الوطنية، فلماذا استغرق تأليف الحكومة الحريرية الأولى 135 يوماً؟! بمعنى آخر، إذا كان الهاجس هاجساً وطنياً، فالمنطق والأسباب الموجبة كانا يقتضيان أن يستغرق تأليف الحكومة أياماً معدودات. لكنّ الأمر استغرق ما يزيد على أربعة أشهر. ذلك أن فريق 8 آذار والمحور الإقليمي الإيراني السوري الذي ينتمي إليه ويعمل بإيحاءاته رغب في المماطلة لأسباب عدة أهمّها: تجويف نتائج الانتخابات النيابية، إفقاد رئاسة الجمهورية مكانتها والتقليل من دورها وإنهاك الرئيس المكلف، إضافة الى حرص دمشق على التدليل على مرجعيتها، وإحياء لدورها ومركزيتها، مع تكرار «تأكيدها» بأن تأليف الحكومة هو شأن لبناني (؟!) أما من جهة إيران، فمن السذاجة إهمال تصريح المفاوض الإيراني، الذي صرح أثناء مفاوضات المجموعة الدولية في فيينا (19-10-2009) بأنه باستطاعة إيران تأليف الحكومة اللبنانية في غضون 24 ساعة! ولقد صدَق وعده. ولكن تلك الـ 24 ساعة وُظّفتْ في نهاية الـ 134 يوماً ليجتمع الحلفاء في حضرة أمين عام «حزب الله»، ويزفوا لنا موافقتهم على الاشتراك في الحكومة، الأمر الذي يُذكر بما جرى في الهزيع الأخير من الليل في الدوحة قبيل إقرار الاتفاق، حين أبلغ ممثل «حزب الله» العماد عون أنّ الأمر أصبح منتهياً، وما عليه إلاّ القبول، ويبدو أن السيناريو نفسه، قد طُبّق مع العماد عون، في «استيلاد» الحكومة. فالمشكلة، ليست، إذاً، داخلية كما أراد عون تصويرها.
ثم ان حكومة وحدة وطنية بحاجة إلى أسسٍ وقناعاتٍ مشتركة واضحة لا لبس فيها. بينما الذي حصل هو الاتفاق على تفاهماتٍ آنية جاءت نتيجة إيحاءاتٍ إقليمية. وفي غياب القناعات المشتركة، فإنّ التسليم بوجود حكومة وطنية، يخضع للتساؤل. والأفضل القول انها حكومة الضرورات التي من المؤمل أن تصد المحظورات! لنكن صرحاء: ليس هنالك من خلاف جوهري بين الأحزاب والأطراف السياسية اللبنانية حول الإصلاح السياسي، الاقتصادي، المالي وغير ذلك. الخلاف الأساس، بالرغم من المحاولات للتغطية عليه عبر تحويله الى طاولة الحوار، هو سلاح «حزب الله»، بعد تحرير الجنوب عام 2000 من العدو الإسرائيلي (ولكن أبلى «حزب الله» في ذلك بلاءً حسناً). وهو سلاح خارج الشرعية، استعمل في الداخل (7 مايو) ويُستعمل، خلافاً لكل التصريحات والإيحاءات، كسيف مسلط على رقاب الآخرين. باختصار شديد، ومن دون أي مجاملات لا تسمن ولا تغني من جوع، فإن واقع الحال، يشير ويدُلّ على أنّ الوحدة الوطنية متوقفة في الشكل والأساس حول مصير سلاح «حزب الله»، والذي يُشكل وجوده خارج نطاق الشرعية، إخلالاً فاضحاً في موازين القوى السياسية بين اللبنانيين. وهذا ما أشار إليه غبطة البطريرك صفير في حديثه الأخير لمجلة «المسيرة». ثم ان الوحدة الوطنية لا تستقيم من دون دولة عادلة. والدولة العادلة لا تقوم إلاّ حين تحتكر السلاح لتفرض الأمن على جميع المواطنين دون استثناء أو تمييز.
في العودة أحياناً إلى الماضي، إفادة لاستخلاص العبر، فحين شكلّ الرئيس سليم الحص متعه الله بالعافية ولقد تجاوز الثمانين، أول حكومة له «بعد حرب العامين» (ديسمبر 1976) في عهد الرئيس الراحل الياس سركيس، كثُر الحديث يومها عن الوفاق الوطني. وعُقدت في سبيل الوفاق عشرات الاجتماعات واللقاءات ومع ذلك لم يكن هنالك وفاقٌ ولا من يحزنون. يومها استبدل أحد المخضرمين كلمة الوفاق... بالنفاق، لأنّ الأطراف المعنية لم تكن جادة في تسليم سلاحها. فكيف يجتمع الوفاق مع سلاحٍ لا يمت الى الدولة بصلة؟! الأطراف المعنية لم تكن جادة في أي وفاق «فالجبهة اللبنانية» كانت تخطط وتعمل لحسابها. تنعقد أسبوعياً بشكلٍ موازٍ لجلسات مجلس الوزراء. تتعاون مع إسرائيل. والقوات اللبنانية، الجناح العسكري للجبهة اللبنانية تفرض الأمن الذاتي في مناطقها. أما الطرف الآخر، أعني الطرف الفعلي وليس الطرف الواجهة، والمقصود هنا القيادة الفلسطينية، فيكفي إشارة الرئيس الفلسطيني أبو عمار بعد أعوام من مغادرته بيروت، بأن الذي حكم لبنان يستطيع أن يحكم غزّة، للدلالة على تمسكه بالسلاح غير آبه بمتطلبات السيادة للدولة المضيفة. يا سبحان الله. التاريخ يعيد نفسه ولكن مع استبدال «الجبهة اللبنانية» بـ «حزب الله» وإسرائيل بإيران!
وفي عودة إلى «حزب الله» ، فالسؤال هو: هل يعطي «حزب الله» الأفضلية والأسبقية للوحدة الوطنية، وهي أمضى من أي سلاح، على سلاحه؟! هل يمتشق الحزب، سلاح الوحدة الوطنية من خلال ادراجه في كنف الدولة؟! المؤشرات مع الأسف، لا توحي بنعم، إذا سلمّنا جدلاً أن سلاح «حزب الله» هو سلاح إقليمي، وأن الحزب، وهذا ما أعلنه جهاراً وصراحةً يلتزم بتوجيهات «الولي الفقيه» في إيران.(في المقابل، يُبين العلامّة النيّر محمد حسن فضل الله بأنّ: «الذين يلتزمون ولاية الفقيه لا بد لهم أن يدرسوا الأمور على أساس التوفيق بين ما هي مصلحة البلد الذي يعيشون فيه وما هو رأي الفقيه. وعليهم أن يناقشوا الفقيه»). («الشرق الأوسط» 15/3/2007).
في البلدان الأخرى حيث تسود أصول الديموقراطية الحقّة، تتخلى المعارضة البرلمانية عن تحفظاتها وتمد يدها الى الحزب الحاكم، وهي متمسكة بمقاعدها دون المشاركة بالحكم، وتترجم حرصها على الوحدة الوطنية، فقط في حال تعرض البلاد لأخطارٍ خارجية تحتم الالتفاف حول الحكم لدرء الخطر الخارجي. وهذا الأمر لا ينطبق علينا في ضوء الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني وتواجد القوات الدولية اثر صدور القرار 1701. ومع ذلك، فقوى 8 آذار هدفت من فرض «الحكومة الوطنية» الحصول على الثلث المعطل (ولو ضمناً) والذي هو الوجه الآخر للمثالثة، إضافة الى إفساح المجال لدمشق في التحكم بمجريات الأمور داخل مجلس الوزراء بإشكالٍ متعددة.
تبقى ملاحظتان. الأولى، وهي أنّ «حكومة الوحدة الوطنية» التي فرضتها المعارضة، سوف تلغي حكماً الدور الرقابي لمجلس النواب وبالتالي، فالسؤال هو ما الفائدة من جلسات مناقشة البيان الوزاري التي سوف تستغرق أسبوعاً كاملاً؟! ولماذا لا يتم، إصدار اجتهاد ما بتجاوز جلسات مناقشة البيان الوزاري، ومنح الثقة في جلسة واحدة. ليشمّر الوزراء الجدد عن سواعدهم والبدء في العمل. الثانية، وهي موجهة للعماد عون، المؤسف أن تلكؤ وتعثر واستهتار قوى 14 آذار في رص الصفوف والابتعاد عن تأليف لوائح آخر ساعة، حال دون فوزهم في كسروان، وإلا لكان العماد عون قد بقي في منزله...) كيف يوفق بين اتهامه لقوى الأكثرية بالفساد، وبين جلوس ممثليه معهم على طاولة واحدة؟! ألَم يكن أجدى للعماد عون لو انّه بقي خارج الحكم، ليعارض كما يحلو له، على أمل أن يشكل مع حلفائه، الأكثرية في الانتخابات المقبلة؟ وما هو رد العماد عون على الشهادات التي أبرزها المحامي سليم عون أثناء الجلسة للنظر في دعوى العماد عون على الرئيس الراحل الياس الهراوي، والتي تثبت طلب عون تحويل مبالغ مالية الى حسابه المصرفي في فرنسا؟ (المستقبل 30/10/2009).
ومع كل ما تقدم، وبالرغم أن الرئيس الحريري ونحن ندرك، أن دربه ليس مفروشاً بالورد، فالانطباع السائد، أنّه بإمكانه أن يتخطى العقبات. من مزايا ومميزات الحريري الأب، طيبّ الله ثراه وندّى تربته، أنه كان يشي بالأمل. كان يُشكّل حالَة وعَدْ بتخطي الصعاب والقدرة على تحقيق الأهداف المرجوة، وكأنّه بذلك، يعمل مما قاله أنطوان دوسان أكزوبيري اجعل من الحياة حلماً، ومن الحلم حقيقة». (ولَعلّ مشروع إعادة إعمار وسط مدينة بيروت، خير مثال على ذلك). وعلى درب والده، فالواضح، أنّ الحريري الابن، يشي أيضاً بالأمل. فالناس مؤمنة بأن ذلك الرئيس الشاب هو رئيس واعد. وهو الأمثل، للتصدي للصعاب والنفاق السياسي الذي سوف يرفع لواءه البعض. ونحن كغالبية اللبنانيين المخلصين، مع فخامة الرئيس ميشال سليمان، ومعه. فالاثنان، منّا ولنا، وهما ليسا فقط معنا، بل مع لبنان... لبنان أولاً!
عبد الرحمن عبد المولى الصلح
كاتب لبناني
نتمنى أن تكون كذلك. لكن الوقائع لربما تشير الى عكس ذلك. فإذا كان الحرص على الوحدة الوطنية، فلماذا استغرق تأليف الحكومة الحريرية الأولى 135 يوماً؟! بمعنى آخر، إذا كان الهاجس هاجساً وطنياً، فالمنطق والأسباب الموجبة كانا يقتضيان أن يستغرق تأليف الحكومة أياماً معدودات. لكنّ الأمر استغرق ما يزيد على أربعة أشهر. ذلك أن فريق 8 آذار والمحور الإقليمي الإيراني السوري الذي ينتمي إليه ويعمل بإيحاءاته رغب في المماطلة لأسباب عدة أهمّها: تجويف نتائج الانتخابات النيابية، إفقاد رئاسة الجمهورية مكانتها والتقليل من دورها وإنهاك الرئيس المكلف، إضافة الى حرص دمشق على التدليل على مرجعيتها، وإحياء لدورها ومركزيتها، مع تكرار «تأكيدها» بأن تأليف الحكومة هو شأن لبناني (؟!) أما من جهة إيران، فمن السذاجة إهمال تصريح المفاوض الإيراني، الذي صرح أثناء مفاوضات المجموعة الدولية في فيينا (19-10-2009) بأنه باستطاعة إيران تأليف الحكومة اللبنانية في غضون 24 ساعة! ولقد صدَق وعده. ولكن تلك الـ 24 ساعة وُظّفتْ في نهاية الـ 134 يوماً ليجتمع الحلفاء في حضرة أمين عام «حزب الله»، ويزفوا لنا موافقتهم على الاشتراك في الحكومة، الأمر الذي يُذكر بما جرى في الهزيع الأخير من الليل في الدوحة قبيل إقرار الاتفاق، حين أبلغ ممثل «حزب الله» العماد عون أنّ الأمر أصبح منتهياً، وما عليه إلاّ القبول، ويبدو أن السيناريو نفسه، قد طُبّق مع العماد عون، في «استيلاد» الحكومة. فالمشكلة، ليست، إذاً، داخلية كما أراد عون تصويرها.
ثم ان حكومة وحدة وطنية بحاجة إلى أسسٍ وقناعاتٍ مشتركة واضحة لا لبس فيها. بينما الذي حصل هو الاتفاق على تفاهماتٍ آنية جاءت نتيجة إيحاءاتٍ إقليمية. وفي غياب القناعات المشتركة، فإنّ التسليم بوجود حكومة وطنية، يخضع للتساؤل. والأفضل القول انها حكومة الضرورات التي من المؤمل أن تصد المحظورات! لنكن صرحاء: ليس هنالك من خلاف جوهري بين الأحزاب والأطراف السياسية اللبنانية حول الإصلاح السياسي، الاقتصادي، المالي وغير ذلك. الخلاف الأساس، بالرغم من المحاولات للتغطية عليه عبر تحويله الى طاولة الحوار، هو سلاح «حزب الله»، بعد تحرير الجنوب عام 2000 من العدو الإسرائيلي (ولكن أبلى «حزب الله» في ذلك بلاءً حسناً). وهو سلاح خارج الشرعية، استعمل في الداخل (7 مايو) ويُستعمل، خلافاً لكل التصريحات والإيحاءات، كسيف مسلط على رقاب الآخرين. باختصار شديد، ومن دون أي مجاملات لا تسمن ولا تغني من جوع، فإن واقع الحال، يشير ويدُلّ على أنّ الوحدة الوطنية متوقفة في الشكل والأساس حول مصير سلاح «حزب الله»، والذي يُشكل وجوده خارج نطاق الشرعية، إخلالاً فاضحاً في موازين القوى السياسية بين اللبنانيين. وهذا ما أشار إليه غبطة البطريرك صفير في حديثه الأخير لمجلة «المسيرة». ثم ان الوحدة الوطنية لا تستقيم من دون دولة عادلة. والدولة العادلة لا تقوم إلاّ حين تحتكر السلاح لتفرض الأمن على جميع المواطنين دون استثناء أو تمييز.
في العودة أحياناً إلى الماضي، إفادة لاستخلاص العبر، فحين شكلّ الرئيس سليم الحص متعه الله بالعافية ولقد تجاوز الثمانين، أول حكومة له «بعد حرب العامين» (ديسمبر 1976) في عهد الرئيس الراحل الياس سركيس، كثُر الحديث يومها عن الوفاق الوطني. وعُقدت في سبيل الوفاق عشرات الاجتماعات واللقاءات ومع ذلك لم يكن هنالك وفاقٌ ولا من يحزنون. يومها استبدل أحد المخضرمين كلمة الوفاق... بالنفاق، لأنّ الأطراف المعنية لم تكن جادة في تسليم سلاحها. فكيف يجتمع الوفاق مع سلاحٍ لا يمت الى الدولة بصلة؟! الأطراف المعنية لم تكن جادة في أي وفاق «فالجبهة اللبنانية» كانت تخطط وتعمل لحسابها. تنعقد أسبوعياً بشكلٍ موازٍ لجلسات مجلس الوزراء. تتعاون مع إسرائيل. والقوات اللبنانية، الجناح العسكري للجبهة اللبنانية تفرض الأمن الذاتي في مناطقها. أما الطرف الآخر، أعني الطرف الفعلي وليس الطرف الواجهة، والمقصود هنا القيادة الفلسطينية، فيكفي إشارة الرئيس الفلسطيني أبو عمار بعد أعوام من مغادرته بيروت، بأن الذي حكم لبنان يستطيع أن يحكم غزّة، للدلالة على تمسكه بالسلاح غير آبه بمتطلبات السيادة للدولة المضيفة. يا سبحان الله. التاريخ يعيد نفسه ولكن مع استبدال «الجبهة اللبنانية» بـ «حزب الله» وإسرائيل بإيران!
وفي عودة إلى «حزب الله» ، فالسؤال هو: هل يعطي «حزب الله» الأفضلية والأسبقية للوحدة الوطنية، وهي أمضى من أي سلاح، على سلاحه؟! هل يمتشق الحزب، سلاح الوحدة الوطنية من خلال ادراجه في كنف الدولة؟! المؤشرات مع الأسف، لا توحي بنعم، إذا سلمّنا جدلاً أن سلاح «حزب الله» هو سلاح إقليمي، وأن الحزب، وهذا ما أعلنه جهاراً وصراحةً يلتزم بتوجيهات «الولي الفقيه» في إيران.(في المقابل، يُبين العلامّة النيّر محمد حسن فضل الله بأنّ: «الذين يلتزمون ولاية الفقيه لا بد لهم أن يدرسوا الأمور على أساس التوفيق بين ما هي مصلحة البلد الذي يعيشون فيه وما هو رأي الفقيه. وعليهم أن يناقشوا الفقيه»). («الشرق الأوسط» 15/3/2007).
في البلدان الأخرى حيث تسود أصول الديموقراطية الحقّة، تتخلى المعارضة البرلمانية عن تحفظاتها وتمد يدها الى الحزب الحاكم، وهي متمسكة بمقاعدها دون المشاركة بالحكم، وتترجم حرصها على الوحدة الوطنية، فقط في حال تعرض البلاد لأخطارٍ خارجية تحتم الالتفاف حول الحكم لدرء الخطر الخارجي. وهذا الأمر لا ينطبق علينا في ضوء الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني وتواجد القوات الدولية اثر صدور القرار 1701. ومع ذلك، فقوى 8 آذار هدفت من فرض «الحكومة الوطنية» الحصول على الثلث المعطل (ولو ضمناً) والذي هو الوجه الآخر للمثالثة، إضافة الى إفساح المجال لدمشق في التحكم بمجريات الأمور داخل مجلس الوزراء بإشكالٍ متعددة.
تبقى ملاحظتان. الأولى، وهي أنّ «حكومة الوحدة الوطنية» التي فرضتها المعارضة، سوف تلغي حكماً الدور الرقابي لمجلس النواب وبالتالي، فالسؤال هو ما الفائدة من جلسات مناقشة البيان الوزاري التي سوف تستغرق أسبوعاً كاملاً؟! ولماذا لا يتم، إصدار اجتهاد ما بتجاوز جلسات مناقشة البيان الوزاري، ومنح الثقة في جلسة واحدة. ليشمّر الوزراء الجدد عن سواعدهم والبدء في العمل. الثانية، وهي موجهة للعماد عون، المؤسف أن تلكؤ وتعثر واستهتار قوى 14 آذار في رص الصفوف والابتعاد عن تأليف لوائح آخر ساعة، حال دون فوزهم في كسروان، وإلا لكان العماد عون قد بقي في منزله...) كيف يوفق بين اتهامه لقوى الأكثرية بالفساد، وبين جلوس ممثليه معهم على طاولة واحدة؟! ألَم يكن أجدى للعماد عون لو انّه بقي خارج الحكم، ليعارض كما يحلو له، على أمل أن يشكل مع حلفائه، الأكثرية في الانتخابات المقبلة؟ وما هو رد العماد عون على الشهادات التي أبرزها المحامي سليم عون أثناء الجلسة للنظر في دعوى العماد عون على الرئيس الراحل الياس الهراوي، والتي تثبت طلب عون تحويل مبالغ مالية الى حسابه المصرفي في فرنسا؟ (المستقبل 30/10/2009).
ومع كل ما تقدم، وبالرغم أن الرئيس الحريري ونحن ندرك، أن دربه ليس مفروشاً بالورد، فالانطباع السائد، أنّه بإمكانه أن يتخطى العقبات. من مزايا ومميزات الحريري الأب، طيبّ الله ثراه وندّى تربته، أنه كان يشي بالأمل. كان يُشكّل حالَة وعَدْ بتخطي الصعاب والقدرة على تحقيق الأهداف المرجوة، وكأنّه بذلك، يعمل مما قاله أنطوان دوسان أكزوبيري اجعل من الحياة حلماً، ومن الحلم حقيقة». (ولَعلّ مشروع إعادة إعمار وسط مدينة بيروت، خير مثال على ذلك). وعلى درب والده، فالواضح، أنّ الحريري الابن، يشي أيضاً بالأمل. فالناس مؤمنة بأن ذلك الرئيس الشاب هو رئيس واعد. وهو الأمثل، للتصدي للصعاب والنفاق السياسي الذي سوف يرفع لواءه البعض. ونحن كغالبية اللبنانيين المخلصين، مع فخامة الرئيس ميشال سليمان، ومعه. فالاثنان، منّا ولنا، وهما ليسا فقط معنا، بل مع لبنان... لبنان أولاً!
عبد الرحمن عبد المولى الصلح
كاتب لبناني