| محمد سعود المطيري |
... وسئل قيس بن الملوح يوماً وهو حاضر من الغمرة ما أحسن ما رأيت قال ليلى فقيل له ذلك معلوم وإنما نعني غيرها فقال ما رأيت شيئاً غيرها وذكرتها الاسقط من عيني إلا ظبياً رأيته يوماً فذكرت ليلى فزاد في عيني حسناً فانطلقت أعدو خلفه حتى كلت رجلاي وغاب عن عيني فأخذت راحتي ثم انطلقت حتى وجدته وقد فتك به ذئب فأخذت سهماً وضربت به الذئب فلم يحظ قلبه، فشققت بطنه وأخرجت ما أكل فضممت إلى ما بقي من الظبي ودفنته، وأنشد:
أبى الّله أن يبقى لحي بشاشة فصبراً على ما شاء الّله بي صبرا
رأيت غزالاً يرتعي وسط روضة فقلت أرى ليلى تراءت لنا ظهرا
فيا ظبي كل رغد هنيئاً ولا تخف فإنك لي جار ولا ترهب الدهرا
وعندي لكم حصن حصين وصارم حسام إذا أعلمته أحسن العبرا
واجتمع إليه النساء يوماً فقلن له أما آن لك أن تصرف عنك هوى ليلى ليرد إليك عقلك فإنها امرأة من النساء وفينا عنها كفاية فاختر إحدانا فقال لو ملكت لفعلت ولكني مغلوب فقلن ما أعجبك منها قال كل شيء رأيته وسمعته فقلن صفها فأنشد:
بيضاء خالصة البياض كأنها قمر توسط جنح ليل مبرد
موسومة بالحسن ذات حواسد إن الجمال مظنة للحسد
وترى مدامعها ترقرق مقلة سوداء تعرب عن سواد الاثمد
خو إذا ذكر الكرام رأيتها تحمي الحمى وإذا تكلم تقصد
ووجد بين أحجار ميتاً وفي رواية أن هذا الرجل لمجتمع به. وآخر رآه ميتاً محمولاً قد دلت عليه دايته وأنه لم يكتب أشعاراً إلا من عند صديقه ذكره بالجملة فمحل الاجماع أنه وجد ميتاً فاحتمل وغسل ودفن وحضر جنازته جميع بني جعدة وسعد والحريش وحضر أبو ليلى فأظهر جزعاً شديداً وتنصل واعتذر بأنه لم يعلم أن أمره يقضي إلى هذه الحالة ولو يعلم لاحتمل العار وزوجه، ولما غسل وجدوا الرقعة مكتوباً فيها.
ألا أيها الشيخ الذي ما بنا يرضى شقيت لا هنئت من عيشك الخفضا
شقيت كما أشقيتني وتركتني أهيم مع الهلاك لا أطعم الغمضا
كأن فؤادي في مخاليب طائر إذ أذكرت ليلى يشد به قبضا
كأن فجاج الأرض حلقة خاتم على فما تزداد طولاً ولا عرضا
وقيل أن ليلى توفيت قبله وأنه سمع هاتفاً يقول.
أمنعية بالموت ليلى ولم تمت كأنك عمد أظلك غافل
فسقط ميتاً وهذا أمر يتعذر الوصول إلى تحقيقه وله أشعار كثيرة بلا أسباب من محاسنها قوله:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى فصادف قلباً فارغاً فتمكنا ومنها:
تقول العدا لا بارك الّله في العدا تقاصر عن ليلى ورثت رسائله
ولو أصبحت ليلى تدب على العصا لكان هوى ليلى جديداً أوائله