أخذت مسألة فرض الحجاب بقانون أكثر من حجمها الطبيعي، سواء عند الليبراليين (إن صحت تسميتهم بذلك)، أو عند الإسلاميين، وتعدت إطارها الشرعي، لتنحى منحى سياسياً أكثر من الجانب التعبدي لتلك الفريضة التي أمر الله بها نساء المؤمنين.
لقد تجرأ من تجرأ ممن في قلبه هوى، وممن في عقله لوثة فكرية من الشرق أو الغرب وحاول تشويه الحجاب، والتقليل من شأنه، وأنه قضية هامشية، وتناسى أولئك أن الذي أمرنا بالحجاب هو الله، فإن كنا مؤمنين بالله حقاً، وبأنه أنزل القرآن الكريم ليحكم بين الناس بالحق، فدعونا من فلان وعلان، ولنحتكم لكتاب الله الذي يقول «ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن».
نعم... حكمت المحكمة الدستورية بعدم إلزامية الحجاب الشرعي على من يمارسن حقوقهن السياسية في الكويت، ولكن ماذا عن إلزامية أمر الله، أليس أمر الله أولى بالاتباع، أليس واضعوا الدستور ومفسروه بشراً، والبشر يقع منهم الصواب والخطأ؟
دعك يا سيدي من محمد هايف، ووليد الطبطبائي، وجمعان الحربش، وغيرهم، وأنصت إلى قلبك وصوت الفطرة لديك، ولتكن لحظة تأمل مع الذات، بل لتكن لحظات تراجع فيها ما تخطه يداك، وما تتلفظ به من ألفاظ قد تحاسب عليها يوم القيامة، ألست مؤمنا بالله، ألست مؤمنا بالنبي (صلى الله عليه وسلم)، ألست مؤمنا بالقرآن الكريم؟
إذا كانت الإجابة... نعم، ولكنك ضد الإسلاميين، فأنا لن أختلف معك على هذه الجزئية، ومن حقك أن تختلف مع من تريد، ولكن أن تكتب ضد أمر إلهي اتفقت عليه كل مذاهب المسلمين في القديم والحديث، وتصفه بأنه قضية تافهة، وأن الحجاب ليس سوى قطعة من القماش، تستر بها النساء عوراتهن الفكرية، وكأن كل من نزعت الحجاب مثقفة أو مفكرة وعالمة، أو أن كل محجبة جاهلة ضحلة التفكير! هنا تكون قد دخلت في المحظور.
رغم أني من أنصار قوانين الاحتشام في الأماكن العامة، فأنا شخصياً ضد فرض الحجاب بقانون، كما أنني ضد من يتقوَّل على أخلاق غير المحجبات، أو من يقول إن المحجبة أفضل أخلاقياً من غير المحجبة، فلابد أن نفصل بين القضيتين، فالحجاب أمر إلهي، حتى وإن أكد فقهاء المحكمة الدستورية أنه غير ملزم، هذا هو جوهر القضية الذي يجب أن يكون محور النقاش.
في الأفق
قال تعالى: «وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً».

د.عبداللطيف الصريخ
مستشار في التنمية البشرية
alsuraikh@yahoo.com