|كتبت خلود أبوالمجد|
بدأت التحليلات النقدية والفنية منذ بداية الموسم السينمائي الصيفي الماضي في الانهمار علينا ونحن نقرأ ولا نشاهد تلك الأفلام إلا بعد فترة متأخرة، نظرا لعدم تزامن موعد عرضها في الكويت مع عرضها في بقية البلدان العربية كالقاهرة وبيروت، رغم أن شركة السينما الكويتية الوطنية قد وعدت لأكثر من مرّة بأن عروضها ستتزامن من بقية العروض، ولهذا فقد أصبحت ردود الفعل نحو ما يعرض في دور العرض في الكويت تأتي مسبقة للمشاهدة، لاسيما وأن معظم الجمهور الكويتي قد شاهد تلك الأفلام في بيروت أو القاهرة خلال العطلة الصيفية هذا العام.
وبغض النظر عن هذا كله فمن بين الأفلام التي جاءت متأخرة حيث عرضت في دور السينما الكويتية خلال عيد الفطر الفائت، وقد قرأنا كثيرا لآراء النقاد المتابينة حولها، كان فيلم «1000مبروك» الذي يقوم ببطولته منفردا هذه المرة أحمد حلمي، حيث لم نر بجانبه اسما فنيا معروفا سواء كان نسائيا أو رجاليا، فكان هو المتصدر الأساسي للفيلم في خطوة من الصعب على أي فنان أن يتحمل مسؤوليتها، فهي مخاطرة كبيرة قد تكون سببا في مزيد من النجاح أو العكس، لكن حلمي بشجاعة تحسب له قرر المجازفة، وتلقى بعدها هجوما كبيرا من بعض النقاد الذين اعتادوا عليه في الشكل الكوميدي البحت، الذي يجعلهم منذ البداية وحتى النهاية يضحكون بلا توقف، إلا أن حلمي وبعد فيلمه «كده رضا» الذي حمل مساحة كبيرة من الكوميديا المضحكة قرر أن يقدم الكوميديا الهادفة التي تخلق من الموقف وتنتزع الضحكة من قلب الموقف المأسوي الصعب، فبدأ الهجوم على أفلام أحمد حلمي مع عرضه لفيلم «آسف على الإزعاج» الذي جمعه مع النجمين محمود حميدة ودلال عبد العزيز، وتبعه فيلم «1000 مبروك» فكلاهما يحمل في طياته الكوميديا السوداء التي تحتاج من الجمهور والنقاد شيئا من التفاعل الذهني أثناء المشاهدة للوصول الى الهدف الذي تحمله قصة الفيلم، ولكن يبدو أن الجميع اعتاد على اللغة المباشرة في كل شيء.
قصة بسيطة
«1000 مبروك» يقدم قصة في غاية البساطة، فهي تحكي تجربة يتعرض لها أحد الشباب نتيجة للتوتر الخفي الذي يعيشه ليلة عرسه ورغبته الشديدة في الحياة حتى يصل لعمر الـ100 وهي الأمنية التي يتداولها الجميع في تمنيات أعياد الميلاد، ولكنه كان يرغب فيها بشده، جعلته يحلم بالموت لمدة عشر ساعات، هي الفترة التي قضاها نائما، ولكنه كان يعتقد في كل مرة يصحو فيها من النوم على «زغروطة» من والدته، أنه بالفعل أفاق ولكنه يكتشف في النهاية وعند موته تحديدا أنه مازال نائما ويحلم، ولكن المؤثرات الخارجية التي كان يسمعها من المحيطين حوله أثناء نومه كانت تضيف له معلومة جديدة عن حياته التي عاشها طوال الوقت يفكر في نفسه عازلا نفسه عن أقرب المحيطين به وهم أهله، ليكتشف أن والده عرض نفسه للمساءلة القانونية واختلس مبلغا من المال من عهدته حتى يدفع بها قسط شقته الزوجية، ووالدته تتعاطى عددا من أنواع المخدرات تسكينا لآلامها الناتجة عن مرضها بالسرطان، وشقيقته الوحيدة تخشاه وكان من الممكن أن تتعرض لعدد من المشكلات لأنه لا يتفاهم معها مطلقا، فكان يعيش برفقتهم حاضرا غائبا غير عابئ بأي شيء من حوله. وطوال تلك الأحلام المتكررة التي يعيشها البطل «أحمد جلال» كما هو اسم حلمي في الفيلم تتواجد الكوميديا وتنتشر حتى يصل إلى النهاية.
مشهد عبقري
يأتي دور المخرج أحمد جلال في إدارة أدوات العمل والكاميرا ليمسك بزمام القصة التي من الممكن أن يدخل في دهاليزها الجمهور فاقد التركيز، فلا يعلم متى كان الحلم ومتى بدأ الواقع الذي أكد جميع أبطاله أنه من الممكن تغييره لكن القدر هو الذي يستحيل إبداله، وهو الشيء الذي حاول أن يعكسه المخرج في نهاية الفيلم وكان بالفعل قادرا على ذلك وكانت مشاهده وحركة كاميرته رائعة في مشاهد النهاية، فمنذ استيقاظ «أحمد حلمي» من النوم في صباح يوم زفافه شاهدنا تغير الأحداث فالساعة التي استمرت طوال الفيلم متوقفة على الثانية عشر تحركت ليجدها العاشرة صباحا، وعلى غير ما اعتاد في أحلامه بأن يستيقظ على «زغروطة» والدته كان أول ما شاهده وسمعه هو والداه وهما يتعاتبان على النقود وعلاج والدته في مشهد مؤثر، ليدخل إلى الحمام لبداية الاستعداد ليوم عرسه فيجد المياه تتدفق في الصنابير بعكس ما كان يشاهد في حلمه، واستمر طوال النهاية يشاهد الأحداث التي حلم بها، ليمتلكه شعورا يكاد يصل إلى اليقين بأنه سيموت بالفعل ليلة زفافه ويبدأ في الاستعداد لهذا الشيء، وفي مشهد رائع وعبقري من المخرج أحمد جلال كانت حركة الكاميرا هي البطلة في السلاسة التي سارت بها ليرينا «بدلة» زفافه السوداء وعليها كافة متعلقاته الخاصة بالعرس وحلمي ينظر إليها كما وأنها «كفنه» الذي سيدفن بها الليلة بعد موته قبل لحظات من زفافه، ويعد هذا المشهد هو « الماستر سين» للفيلم فبالفعل تمكن من انتزاع عدد من دموع المشاهدين في صالة السينما لأنه جاء مباشرة عقب قيام حلمي بحلق شعره الذي كان يتفاخر به تماما مؤازرة لوالدته وليقنعها بأن تتلقى العلاج حتى وإن كان سببا في فقدانها لشعرها.
مأخذ الفيلم
كان من الممكن أن تكتمل مسيرة الفيلم بنموذجية أكثر لو أن النهاية اختلفت، فهي تتعارض مع حقيقة أن لا أحد يعلم «ساعته» أي موعد موته، ولكنه في مشهد النهاية في الفيلم وبموت أحمد حلمي ظهر وكأنما علم هذا الموعد الذي شاهده في أحلامه المتكررة طوال عشر ساعات من النوم، وهذا ما عكسه ذاك المشهد العبقري لبدلة الزفاف، فكان من المفترض أن تتوقف الشاحنة التي ستتسبب في موت حلمي في النهاية قبل بضعه أمتار أو حتى سنتيمترات ليخالف ما توقعه الجمهور بتحقق الحلم وموت البطل، خصوصاً وأن الشاحنة ظهرت بعيده ما يجعل سائقها قادرا على تدارك الموقف ومحاولة إيقافها أو حتى تفاديه. ويعد هذا هو المأخذ الوحيد على فيلم أمتع الجمهور وانتزع ضحكات راقية من الجمهور.
بدأت التحليلات النقدية والفنية منذ بداية الموسم السينمائي الصيفي الماضي في الانهمار علينا ونحن نقرأ ولا نشاهد تلك الأفلام إلا بعد فترة متأخرة، نظرا لعدم تزامن موعد عرضها في الكويت مع عرضها في بقية البلدان العربية كالقاهرة وبيروت، رغم أن شركة السينما الكويتية الوطنية قد وعدت لأكثر من مرّة بأن عروضها ستتزامن من بقية العروض، ولهذا فقد أصبحت ردود الفعل نحو ما يعرض في دور العرض في الكويت تأتي مسبقة للمشاهدة، لاسيما وأن معظم الجمهور الكويتي قد شاهد تلك الأفلام في بيروت أو القاهرة خلال العطلة الصيفية هذا العام.
وبغض النظر عن هذا كله فمن بين الأفلام التي جاءت متأخرة حيث عرضت في دور السينما الكويتية خلال عيد الفطر الفائت، وقد قرأنا كثيرا لآراء النقاد المتابينة حولها، كان فيلم «1000مبروك» الذي يقوم ببطولته منفردا هذه المرة أحمد حلمي، حيث لم نر بجانبه اسما فنيا معروفا سواء كان نسائيا أو رجاليا، فكان هو المتصدر الأساسي للفيلم في خطوة من الصعب على أي فنان أن يتحمل مسؤوليتها، فهي مخاطرة كبيرة قد تكون سببا في مزيد من النجاح أو العكس، لكن حلمي بشجاعة تحسب له قرر المجازفة، وتلقى بعدها هجوما كبيرا من بعض النقاد الذين اعتادوا عليه في الشكل الكوميدي البحت، الذي يجعلهم منذ البداية وحتى النهاية يضحكون بلا توقف، إلا أن حلمي وبعد فيلمه «كده رضا» الذي حمل مساحة كبيرة من الكوميديا المضحكة قرر أن يقدم الكوميديا الهادفة التي تخلق من الموقف وتنتزع الضحكة من قلب الموقف المأسوي الصعب، فبدأ الهجوم على أفلام أحمد حلمي مع عرضه لفيلم «آسف على الإزعاج» الذي جمعه مع النجمين محمود حميدة ودلال عبد العزيز، وتبعه فيلم «1000 مبروك» فكلاهما يحمل في طياته الكوميديا السوداء التي تحتاج من الجمهور والنقاد شيئا من التفاعل الذهني أثناء المشاهدة للوصول الى الهدف الذي تحمله قصة الفيلم، ولكن يبدو أن الجميع اعتاد على اللغة المباشرة في كل شيء.
قصة بسيطة
«1000 مبروك» يقدم قصة في غاية البساطة، فهي تحكي تجربة يتعرض لها أحد الشباب نتيجة للتوتر الخفي الذي يعيشه ليلة عرسه ورغبته الشديدة في الحياة حتى يصل لعمر الـ100 وهي الأمنية التي يتداولها الجميع في تمنيات أعياد الميلاد، ولكنه كان يرغب فيها بشده، جعلته يحلم بالموت لمدة عشر ساعات، هي الفترة التي قضاها نائما، ولكنه كان يعتقد في كل مرة يصحو فيها من النوم على «زغروطة» من والدته، أنه بالفعل أفاق ولكنه يكتشف في النهاية وعند موته تحديدا أنه مازال نائما ويحلم، ولكن المؤثرات الخارجية التي كان يسمعها من المحيطين حوله أثناء نومه كانت تضيف له معلومة جديدة عن حياته التي عاشها طوال الوقت يفكر في نفسه عازلا نفسه عن أقرب المحيطين به وهم أهله، ليكتشف أن والده عرض نفسه للمساءلة القانونية واختلس مبلغا من المال من عهدته حتى يدفع بها قسط شقته الزوجية، ووالدته تتعاطى عددا من أنواع المخدرات تسكينا لآلامها الناتجة عن مرضها بالسرطان، وشقيقته الوحيدة تخشاه وكان من الممكن أن تتعرض لعدد من المشكلات لأنه لا يتفاهم معها مطلقا، فكان يعيش برفقتهم حاضرا غائبا غير عابئ بأي شيء من حوله. وطوال تلك الأحلام المتكررة التي يعيشها البطل «أحمد جلال» كما هو اسم حلمي في الفيلم تتواجد الكوميديا وتنتشر حتى يصل إلى النهاية.
مشهد عبقري
يأتي دور المخرج أحمد جلال في إدارة أدوات العمل والكاميرا ليمسك بزمام القصة التي من الممكن أن يدخل في دهاليزها الجمهور فاقد التركيز، فلا يعلم متى كان الحلم ومتى بدأ الواقع الذي أكد جميع أبطاله أنه من الممكن تغييره لكن القدر هو الذي يستحيل إبداله، وهو الشيء الذي حاول أن يعكسه المخرج في نهاية الفيلم وكان بالفعل قادرا على ذلك وكانت مشاهده وحركة كاميرته رائعة في مشاهد النهاية، فمنذ استيقاظ «أحمد حلمي» من النوم في صباح يوم زفافه شاهدنا تغير الأحداث فالساعة التي استمرت طوال الفيلم متوقفة على الثانية عشر تحركت ليجدها العاشرة صباحا، وعلى غير ما اعتاد في أحلامه بأن يستيقظ على «زغروطة» والدته كان أول ما شاهده وسمعه هو والداه وهما يتعاتبان على النقود وعلاج والدته في مشهد مؤثر، ليدخل إلى الحمام لبداية الاستعداد ليوم عرسه فيجد المياه تتدفق في الصنابير بعكس ما كان يشاهد في حلمه، واستمر طوال النهاية يشاهد الأحداث التي حلم بها، ليمتلكه شعورا يكاد يصل إلى اليقين بأنه سيموت بالفعل ليلة زفافه ويبدأ في الاستعداد لهذا الشيء، وفي مشهد رائع وعبقري من المخرج أحمد جلال كانت حركة الكاميرا هي البطلة في السلاسة التي سارت بها ليرينا «بدلة» زفافه السوداء وعليها كافة متعلقاته الخاصة بالعرس وحلمي ينظر إليها كما وأنها «كفنه» الذي سيدفن بها الليلة بعد موته قبل لحظات من زفافه، ويعد هذا المشهد هو « الماستر سين» للفيلم فبالفعل تمكن من انتزاع عدد من دموع المشاهدين في صالة السينما لأنه جاء مباشرة عقب قيام حلمي بحلق شعره الذي كان يتفاخر به تماما مؤازرة لوالدته وليقنعها بأن تتلقى العلاج حتى وإن كان سببا في فقدانها لشعرها.
مأخذ الفيلم
كان من الممكن أن تكتمل مسيرة الفيلم بنموذجية أكثر لو أن النهاية اختلفت، فهي تتعارض مع حقيقة أن لا أحد يعلم «ساعته» أي موعد موته، ولكنه في مشهد النهاية في الفيلم وبموت أحمد حلمي ظهر وكأنما علم هذا الموعد الذي شاهده في أحلامه المتكررة طوال عشر ساعات من النوم، وهذا ما عكسه ذاك المشهد العبقري لبدلة الزفاف، فكان من المفترض أن تتوقف الشاحنة التي ستتسبب في موت حلمي في النهاية قبل بضعه أمتار أو حتى سنتيمترات ليخالف ما توقعه الجمهور بتحقق الحلم وموت البطل، خصوصاً وأن الشاحنة ظهرت بعيده ما يجعل سائقها قادرا على تدارك الموقف ومحاولة إيقافها أو حتى تفاديه. ويعد هذا هو المأخذ الوحيد على فيلم أمتع الجمهور وانتزع ضحكات راقية من الجمهور.