حمد الهولان يسترجع ذكرياته
ضيفنا اليوم حمد الهولان يحدثنا عن سكنهم لمنطقة الجبلة وعن تثمين بيتهم ثم انتقالهم لمنطقة الجهراء يوم كانت منطقة محدودة العدد والمساحة يذكر لنا جيرانهم والدكاكين التي كانت في منطقة الجهراء ثم ينقلنا بالحديث عن دراسته في معهد المعلمين حيث انه كان من أول دفعة تخرج من ذلك المعهد ثم يسهب لنا الحديث عن مسيرته التربوية والمدارس التي درس بها عن أحوال أولياء الأمور معهم كما يتخلل الحديث بعض لمحات من حياة والده عبدالله الهولان وبعض ذكريات الجهراء القديمة فلنترك له الحديث.
بيتنا كان في الجبلة في الكويت وهذا البيت شهد ولادة والدي وأقرب مسجد كان لبيتنا كان مسجد المهارة ووالدي ركب البحر غواصاً ثم اشتغل مع النوخذة ابراهيم النصرالله في نقل الماء للكويت من شط العرب حتى انني مازلت اتذكر وصف والدي للنوخذة ابراهيم النصرالله بأنه كان شجاعاً لا يهاب الموج. إذا هبت الرياح العاتية توقفت جميع السفن عن نقل الماء الا سفينة ابراهيم النصرالله لا تتوقف سفن الكويت تتوقف تنتظر هدوء الرياح وسكون البحر الا هو لا يتوقف يدخل نقعة ماء والناس تنتظر وصول الماء حيث لم تكن المياه متوافرة في الكويت. فكان النوخذة ابراهيم النصرالله يفرغ حمله من الماء ويرجع وسفن نقل المياه لم تتحرك ووالدي رحمه الله كان يقرأ ويكتب حيث انه درس عند الملا العنجري وهو صغير في السن اما اصدقاء والدي في الطفولة عندما كان بيتنا في الجبلة الذي ظل يواصلهم ويتبادل الزيارات معهم سعود السميط وشعيب العلي وسالم التورة وعبدالله الفضالة وقد مرض صديقه عبدالله الفضالة وادخل مستشفى الصدري فكان والدي يعاوده بالزيارة والاطمئنان على صحته يومياً حتى توفاه الله ومرض والدي في احدى السنين ونصحه أهل الكويت بأن يذهب الى منطقة الفاو وهي فيها كثيراً من أهل الكويت وقد وفقه الله في بيع وشراء النخيل وكان له فيها ديوان كبير وأكثر من كان يزوره في هذا الديوان افراد من قبيلة عنزة من أهل الكويت مقيمين في الفاو وافراد من قبيلة الدواسر الذين نزحوا من وادي الدواسر وأقاموا في الفاو.
المدرسةبيتنا في الجبلة اتذكره لكنني كنت صغيراً في السن أما نشأتي فكانت في الجهراء وبها كانت دراستي في مدارسها فأنا التحقت سنة 1953 في مدرسة كان يطلق عليها الروضة ومن مدرسيني فيها ناظر المدرسة اسمه محمد عودة فلسطيني والوكيل عبدالله الصالح واللغة العربية صالح عواد أما زملائي فأذكر منهم المرحوم علي محمد المحيسن ومحمد الصريخ ومبارك الوليد ومرزوق السطام وجويعد البداح حتى مازلت أتذكر من كان يعمل في المدرسة وهما مثال الجاسر وسالم الشارع. مكثت في هذه المدرسة خمس سنوات ثم انتقلت الى أول مدرسة متوسطة بنيت في الجهراء وقد ازيل مبناها في السنوات الماضية وأود اذكر انني عندما كنت ادرس في الروضة التي كانت هي المرحلة الابتدائية كان يدرسنا مدرس كويتي اسمه صالح الدعيج وهو الكويتي الوحيد كان يدرسنا مادة الدين وقد سكن عندنا في الجهراء ثم انتقل الى السرة وله شهرة في الجهراء والمدرسة التي تدرست بها المرحلتين كانت أول مدارس الجهراء وحقيقة ان المدرس صالح الدعيج له فضل على أهل الجهراء من حيث تدريس ابنائهم اما المناهج التي كنا ندرسها ونحن في المرحلة الابتدائية فكانت مناهج مصرية.
المعلمينالتحقت في معهد المعلمين الذي كان في الكويت في شارع السور وقد درست به أربع سنوات أهلتني لأكون مدرساً للمواد الشرعية واللغة العربية وهذا هو ميولي ورغبتي وقد كنا أول دفعة في معهد المعلمين سنة 1962 وتخرجنا في عام 1966، وكنا ندرس جميع المواد في المعهد وكان المسؤول على معهد خالد المسعود وكان يصر أن سيارات النقل هي التي تقوم بتوصيل الطلبة من منازلهم الى المعهد لأن هذه الخدمة وضعت لأهل الكويت من الطلبة ومن زملائي الذين كانوا معي في معهد المعلمين من أهل الجهراء راشد السعيد ومناور السعيد وعبدالله الفوزان وعثمان الوهيبي كان معي جاسم بودي واحد عيال الصقر وكان وزير التربية في ذلك الوقت خالد المسعود والذي شجعني على الالتحاق في معهد المعلمين أن من تخرج منه سوف يحصل على درجة الخامسة.
التدريسبعد التخرج عملت في حقل التدريس في مدرسة المعتصم في الجهراء وبها مدة طويلة ثم درست في مدرسة العدساني ثم أخذت اجازة دراسية حيث تقدمنا نحن وعددنا خمسة عشر لم يستمر الا انا وأحد زملائي اسمه اقبال نهار اذكر انني تخرجت في سنة 1984 وبعدها واصلت مسيرتي التعليمية حتى تقاعدي بعد التحرير. وانتصفت مدة التدريس ما بين المعتصم والعدساني وأنا درست لمجموعة كبيرة من الطلبة أرى عندما أذهب الى مراجعة خاصة فيني أرى الاستقبال من بعض الموظفين فلما اسألهم يقولون نحن طلبة عندك وأنت درستنا عندما كنا في مرحلة الدراسة كثيراً أواجه طلابي وأنا من كثرتهم أنساهم أما هم يذكرونني حتى مرة من المرات كنت أقود السيارة فإذا بشرطي خلفي يوقفني ولم أكن أعرفه وقال عليك مخالفة مرورية قلت لماذا؟ قال عليك مخالفتين وكان الشرطي يحمل رتبة خيطين فقلت له لماذا؟ تخالفني فقال انا سوف اسجل لك مخالفتين لأنني لم أنس ضربك لي «طراقين» فقلت له ان ضربي لك طراقين أتيا برتبة خيطين ولو انني ضربتك ثلاثة طراقات لصار عليك رتبة ثلاثة خيوط فابتسم ضاحكاً وقال أردت السلام عليك فأنت أحد مدرسيني الذين اعتز بهم.
القيمةكان المدرس في السابق له احترام وتقدير من أولياء الأمور يقولون أخذه لحما ونريده عظاماً ونحن في زماننا كنا عندما نرى مدرسينا في الشارع نذهب الى الشارع الآخر احتراماً لهم والتدريس ذمة واخلاص.
المسجدالوالد بنى مسجدا في الجهراء حيث ان بيتنا عندما ثمن خيَّر الوالد بأن يأخذ قسيمتين أو بيتين فهو عنده زوجتان فاختار الوالد بيتين ذا الطابقين وكانت المنطقة تطلق بيوت ذات الطابقين وكان أمام هذه البيوت مساحة ترابية فأسس الوالد بها مسجداً على تكلفته الخاصة وأخبر الأوقاف بذلك المسجد فقالت له انت سوف تكون مراقباً على هذا المسجد وصرفت له راتبا على ذلك والمسجد كان يطلق عليه مسجد الطابقين وازيل المسجد عندما بنى مسجد ابو قتادة.المستوصفأول مستوصف بني بالجهراء كان المستوصف القديم ازيل قبل مدة اما سنة 1955 كان في الجهراء لا يوجد مستوصف كانت الدولة تبعث لنا سيارة لونها أحمر وابيض صالون وتقف في السوق ويقف الناس طابوراً حولها ويتم علاجهم الذي يقول رأسي يؤلمني والذي يقول بطني ويتم علاجها وتوزيع عليهم الدواء والسيارة فيها مضمد وطبيب وكل اسبوع تأتي هذه السيارة.
الفلاحكان النواخذة عبدالله الفلاح يأتي ويزورنا في الجهراء وكان طويل القامة وابيض اللون وكذلك عبدالله فارس الوقيان والد خليفة الوقيان وقد بنى عندنا مسجدا في الجهراء.
السكنعندما كنا ندرس في معهد المعلمين كانت هناك سيارات تنقلنا وكنا نتناول وجبة الافطار على حساب المعهد وهناك سكن خاص لأهالي الفحيحيل والأحمدي حيث يقيم الطلاب من هذه المناطق في هذا السكن لبعد مناطقهم أما نحن أهل الجهراء فلم نكن نقيم بل كانت هناك سيارات بوكس تنقلنا للمعهد يومياً.الإمامعبدالرحمن الكمالي هو إمام مسجدنا في الجهراء أما أول امام له فهو منصور البناق ثم ساير العتيبي والمؤذن كان ابن عجيرمان من أهل الجهراء أما المسجد الثاني فكان فيه محمد الكمالي أخو عبدالرحمن والد عبدالرؤوف.
الدامةالوالد كان مغرما باللعب بالدامة وعندما كنت اسئله عن هذه اللعبة يقول ان الورق فيه الحظ متوافر والدومنة ايضاً متوافر فيها الحظ اما الدامة فهي تحرك الذهن والعقل فهناك فريقان متقابلان بمثابة جيشين متحاربين فأذكر ان الوالد تغلب على كثير ممن لعب معهم الا طفلا عمره اثنا عشر عاماً لم يتمكن من التغلب عليه وقال الوالد ان هذا الطفل ذكي وله مستقبل وهو الدكتور عبدالله الفهيد مدير الجامعة اليوم.
العرضةكانت أشهر عرضة في الكويت هي الجهراء في الأعياد لها صيت ولها براحة تسمى برام العرضة مقابل بيت سليمان المشعان وقرب بيت النصرالله وكانت تطلق الأعيرة النارية والناس تأتي من كل مكان في الكويت لأجل هذه العرضة لكن الرمي منع بعدما اصيب أحد المتفرجين بعيار ناري.
السينمابراحة العرضة كانت تأتينا من الكويت السينما فتعرض لنا الافلام في الهواء الطلق اسبوع فيلم عربي واسبوع انكليزي والكل جالس على الأرض ويشاهد.
السيارةأول سيارة اشتراها الوالد لي كانت فولكس لونها أخضر كان طرازها 1962 ووالدي حج على البعارين ثم على اللواري أما انا فحجيت متأخراً.
البوابةعندما كنا نذهب الى الكويت مع عبدالله الخلف ننزل في صفاة نايف وندخل من دروازة الجهراء ومرات الشامية واما الطريق فكان طريق البحر الرملي المقابل للصليبخات وكله رمل حتى بعض السيارات تتعطل وتغوص بالرمل فكل سيارة بها محفارة حتى اذا غاصت عجلاتها حفر الرمل وأخرجت.
الخلفعبدالله الخلف كنا عندما نريد أن نذهب الى الكويت اي «نحدر» ننتظره عند بيته ونحن صغار في السن كانت سيارته مملوءة بالجت فيقول ياعيال الذي يريد أن يذهب الى الكويت يركب فكان يحملنا معه بلا مقابل نحن كنا صغاراً ونذهب للكويت في العطل والمناسبات.
الدكاكيندكاكين الجهراء التي أذكرها عبدالله الشويب ومحمد ابراهيم النصرالله وعبدالله القشعان وابن بحر وأحمد الفوزان والكوح.
الدباءجاءنا في السنة 1953 غزو أقلق راحتنا وازعجنا حيث جاء بعد المطر الذي وقعت من أثره البيوت وجاءت البلدية وعوضت الناس وبيتنا قسم منه سقط والدباء جاءنا غزوا فهو عندما نلبس ملابسنا يكون فيها وعندما نرتوي من الجليب يكون في الماء وفي كل مكان أكل ملبس طعام في البيت في الشارع شيء فظيع ثم جاءت الحكومة ووضعت ساترا حديديا على الجهراء وحوله مادة تقتل الدباء فقضى عليه والحمد لله تخلصنا منه.
الطالباتسنة 1954 جاءنا في الجهراء الشيخ عبدالله الجابر وقال ما مطلبكم يا أهل الجهراء قال: ان هناك مدرس رياضة يركض بعد صلاة الفجر حتى يصل البحر ويرجع والناس كانت تذهب صلاة الفجر وهو يركض ثم قال الشيخ لم تسألوني هل سوف نفتتح مدرسة بنات فقالوا: ليس منها نتيجة فقال الشيخ عبدالله سوف نفتتحها وسوف ترون ثم فتحت مدرسة البنات وكان المنتسبون لها قليلين جداً لكن السنة التي بعدها زاد العدد ثم التي بعدها زاد العدد ومشى تعليم البنات في الجهراء.
الجهراءبيتنا في الجبلة اتذكره لكنني كنت صغيراً في السن وقد باعه والدي على عبدالمحسن البسام بمبلغ قدره 200 روبية كان لوالدي اختان ساكنتين في الجهراء مع ازواجهما واحدة متزوجة من طارش بن ظاهر الشمري والأخرى متزوجة من مناور الجدعي المطيري ولوالدي ايضاً خال وهو محمد الفوزان السبيعي اخ لجدتي نورة الفوزان السبيعي لذلك اشترينا ارضاً وبنيناها في الجهراء وكان من جيراننا لافي اللافي وفهد القشعان ومحمد العمر وخلف المحيسن وماطر المصيريع، ومازلت أتذكر الجليب الذي كان في بيتنا حيث ان ماءه مناسب وكان دافئاً في الشتاء وبارداً في الصيف... أما عملاء الوالد من التجار الذين يشتري منهم فهو شعيب العلي.
المساجدنحن بيتنا في الجهراء القديمة ولم يكن هناك جهراء غيرها وكان فيها مسجدان مسجد طين هدم وبني مسلحاً أما المسجد الآخر الذي كان في السوق فأذكر عندما جاءت لجنة التثمين وكان مكانه حوطة ملك البناق وجاءت لجنة التثمين وأخذت المقاسات وقد سألتهم بنفس السنة 1954 فقالوا سوف نبني لكم مسجداً في هذه الأرض وفعلاً بني المسجد وانتهوا سنة 1955 وانا شاهدت ذلك البنيان... وقد ثمن بيتنا بعد الاستقلال بـ 17 الف دينار.
العيدفي يوم العيد في السابق كان أهل الجهراء كل يأتي بما تجود نفسه من طعام كل واحد يأتي بصينية بعد صلاة العيد وتوضع في الشارع الذي يأتي بمربين والذي يأتي بموش واللحم والمرقوق والعيش وجريش وصواني تملأ الشوارع.
المحيسنمحمد المحيسن صاحب الدكان كان رجلاً متديناً أتيته ثلاث مرات واشتريت منه فلم يأخذ مني فلوساً لم يرض أن يأخذ مني بعد ذلك قالوا لي أهلي لا تذهب اليه فهو لم يأخذ مني لأنني من أهل الجهراء ثمن له مزرعة فسئل أهل التثمين ماذا سوف تفعلون بأرض المزرعة فقالوا ان جزءاً منها سوف يبنى مسجداً فقال لهم الجزء الذي خصص للمسجد اسقطوا ثمنه من فلوس التثمين المسجد اليوم بالقرب من بيت طلال العيار ومحمد المحيسن أيضاً فيه ميزة «انه كان لا يأخذ من الفقير فلوساً عندما يشتري منه».الماءعبدالله الخلف ومطيران والهدة كانت لهم مزارع أمامها أحواض «قراوة» توضع بها المياه لخدمة أهل الجهراء وسبيل لأهل الأغنام التي تأتي الى الكويت وتمر بالجهراء تشرب منها وتذهب الى الصفاة وكانت هذه الأحواض سبيلاً والماء بها جار يخرج من الجليب ويذهب الى هذه الأحواض.
الزواجتزوجت وأنا طالب منذ 1959 بناء على رغبة الوالد تزويجي مبكراً وبناتي سلكن السلك التربوي مثلي فهن اليوم فيهن مدرسات في المدارس ووكيلات في وزارة التربية.أما فيصل ابني فهو يعمل في الاعلام والصحافة ويوسف ضابط في الداخلية.