تقول القاعدة المنطقية ان «المقدمات المتشابهة تقود إلى نتائج متشابهة»، وبمنطق أكثر تبسيطاً نستطيع أن نقول انك «إذا كنت تفعل ما تفعله دائماً، فإنك تحصل على ما تحصل عليه دائماً»، وتلك القاعدة لا تكاد تتخلّف إلا في حالة المعجزات أو الكرامات وهي ليست موضوعنا.
كثيراً ما نتمنى تغيير الواقع الذي نعيشه دون تغيير مقدماته التي تقود إليه، أو حتى محاولة التغيير، سواء على المستوى السياسي، أو الثقافي، أو الفكري، أو بيئة العمل، أو حتى في حياتنا الخاصة في البيت والأسرة الكبيرة، وعلاقاتنا مع الآخرين.
إن الواقع الذي نعيشه هو نتاج سلسلة من الأحداث المتتابعة منطقياً، ولو ركزنا عليها لوجدنا أنها تتكرر بالصورة نفسها، أو بتغيير طفيف لا يكاد يذكر، وللتدليل على القاعدة أضرب أمثلة نعيشها يوميا علها تقرب الصورة:
في الواقع السياسي: نشكو دائماً من نتاج الانتخابات النيابية أنها دون المستوى، مع أننا نختار أولئك (وتلكم) النواب بمحض إرادتنا، دون قهر ولله الحمد، في بلد ديموقراطي نمارس فيه نوعاً من الحرية، فتلك النماذج ما كانت لتصل إلى البرلمان لولا اختياراتنا، فلماذا نلومهم على الأداء، يجب أن نلوم أنفسنا على اختيارنا لهم، وإذا أردنا التغيير علينا أن نبدأ بأنفسنا قبل الآخرين، فهنا بين جوانحنا يكمن الداء والدواء.
في الواقع الإعلامي: يهاجم بعض الكتاب والنواب وغيرهم بعض القنوات الفاسدة إعلامياً، إن صح هذا التعبير، دون القيام بأي فعل حقيقي على أرض الواقع سوى الهجوم الإعلامي المضاد، وهذا يعزز مكانة تلك القناة أو تلك الصحيفة، ولذا فإن تكرار الأسلوب نفسه سيؤدي إلى النتيجة نفسها بالطبع.
في واقع الأسرة: الآباء والأمهات والأعمام والأخوال كل من موقعه يمارس دور الموجه والمربي والمرشد تجاه الأطفال، المثير للانتباه أن بعضنا، وبكل غباء أحيانا، يمارس عكس هذه القاعدة، فعندما يفشل في توجيه الأطفال من خلال أسلوب تربوي معين تجده يكرره بالطريقة نفسها مرة أخرى، دون استفادة من التجربة!
في الأفق
قرأت ذات مرة أن الجنون هو: (فعل المقدمات نفسها وتوقع نتائج مختلفة). صج الجنون فنون!


د. عبداللطيف الصريخ
مستشار في التنمية البشرية
alsuraikh@yahoo.com