لا يخفى أن الغرب لا تزال عنده عنصرية تجاه الشرق والعرب والمسلمين خاصة، ولكن في سقوط وزير الثقافة المصري في صراعه على منصب اليونسكو يجب ألا نعلق الأمر على عنصرية الغرب أو مؤامرة يهودية فقط.
عند مراجعة تاريخ وزير الثقافة المصري فاروق حسني نجد أنه ظل أكثر من عشرين عاماً، منذ العام 1987، في كرسي الوزارة، ومهنته الأصلية فنان تشكيلي، وهو مثير للجدل داخلياً في مصر بسبب أفكاره التحررية، وولائه للثقافة الفرنسية، ولا عجب أن يحتفل عبر وزارته بمرور قرنين على الحملة الفرنسية بسبب رؤيته وأفكاره، وقد قرّب في وزارته كل من يدين بأفكاره التحررية الليبرالية.
واعتبر التيار الإسلامي والمحافظ أنه يقود حرباً فكرية على هوية مصر الإسلامية بسبب قرب كم كبير من اليساريين الشيوعيين منه، الذين لم يجدوا مأوى لهم إلا في وزارة الثقافة المصرية. كانت له مواقف مهمة، منها ألفاظه التهجمية ضد الحجاب العام 2005، والتي تسببت في غضب كبير داخل طوائف متعددة من الشعب المصري حتى داخل البرلمان. وأخيراً منح جائزة الدولة، عبر المجلس الأعلى للثقافة، إلى سيد القمني الذي له كتابات معادية للإسلام.
بعض المثقفين قالوا ان مسيرة الثقافة المصرية في عهده تدهورت بصورة لا مثيل لها، والإسلاميون شاركوهم فقالوا إن فاروق حسني عمل على محاولة إلحاق الثقافة المصرية بركب الغرب بكل الطرق، وعزلها عن هويتها الحقيقية الإسلامية العربية.
في عهده قبض على مدير مكتبه في قضية رشوة كبيرة، واحترق مسرح بني سويف بمن فيه في حادثة بشعة بسبب الإهمال الفظيع فقدم استقالته ولكنها رفضت.
ولكن على المستوى الدولي كان له قبول، ما شجعه، رغم كل ذلك الجدل الداخلي، للترشح إلى منصب مدير اليونسكو، وعندما لوح له اليهود الصهاينة بمعارضتهم له نتيجة جملة وردت في تعليق له عن حرق الكتب الصهيونية فسر لهم كلمته واعتذر عنها وتودد إليهم ووعدهم بزيارة إسرائيل وتعهد بالتطبيع الثقافي، رغم أنه يحسب له أنه لم يقم بزيارة دولة الاحتلال الصهيونية من قبل، فثار الناصريون والقوميون وانضموا إلى قافلة منتقدي فاروق حسني ومع ذلك لم ينس اليهود كلمته واتهموه بمعاداة السامية.
بذل كل ما يستطيع للفوز بمنصب مدير اليونسكو، أقام التحالفات والتربيطات مع كثير من الدول، وشجعته الدولة لقيمة المنصب، وشجعته فرنسا، اقترب من الفوز وتعادل مع المرشحة البلغارية بـ «29» صوتاً لكل منهما.
ودخل جولة الإعادة المريبة وهو متطلع للفوز، فقد كان قاب قوسين من ذلك، ثم في الإعادة كانت المفاجأة له ولمن تبعوه فقد فازت البلغارية بـ «31» صوتاً وتراجع هو إلى «27» صوتاً، بعد أن انقلب ضده صوتان.
مؤيدوه حزنوا وقالوا إنها مؤامرة دبرت بليل، وهي حقيقة ظاهرة، وقالوا من دول كبرى على رأسها الولايات المتحدة، وقيل فرنسا انقلبت ضده، وكان اللوبي اليهودي ظاهراً في الصورة بمؤامرة سياسية واضحة.
داخلياً في مصر، تضاربت ردود الفعل من فريق يرى أنها مؤامرة صهيونية وغربية ضد وزير عربي، وآخرين ردوا على ذلك وقالوا كيف وقد فاز محمد البرادعي «المصري» بمنصب دولي أخطر منه.
ولكن الإسلاميين ومنتقدي فاروق حسني كان لهم رأي آخر، فقد فرحوا وقالوا إن فاروق حسني لا يبكى عليه، فقد قدم كل ما يستطيع من معاداة هوية الشعب وعاند في فرض ثقافته التحررية على الشعب المصري المسلم.
وانتقدهم الليبراليون وقالوا إنه مصري، أين الانتماء للوطن، فردوا عليهم إنه لم يحافظ على انتمائه لمصر الإسلامية، وبعض الظرفاء قالوا إنها لعنة فوز سيد القمني بجائزة الدولة قبل انتخابات اليونسكو، ولا يزال الجدل دائراً.
ولكني أقول إنه رغم يقيني أن الأسباب الظاهرة تنطق بمؤامرة في المجتمع الدولي ألا يفوز مصري من المشرق العربي بهذا المنصب الكبير وتفوز إيرينا البلغارية الأوروبية، فالحقيقة الإيمانية تقول إنها إرادة الله سبحانه وتعالى، فهو القائل: «إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون».
ممدوح إسماعيل
محامٍ وكاتب
elsharia5@hotmail.com
عند مراجعة تاريخ وزير الثقافة المصري فاروق حسني نجد أنه ظل أكثر من عشرين عاماً، منذ العام 1987، في كرسي الوزارة، ومهنته الأصلية فنان تشكيلي، وهو مثير للجدل داخلياً في مصر بسبب أفكاره التحررية، وولائه للثقافة الفرنسية، ولا عجب أن يحتفل عبر وزارته بمرور قرنين على الحملة الفرنسية بسبب رؤيته وأفكاره، وقد قرّب في وزارته كل من يدين بأفكاره التحررية الليبرالية.
واعتبر التيار الإسلامي والمحافظ أنه يقود حرباً فكرية على هوية مصر الإسلامية بسبب قرب كم كبير من اليساريين الشيوعيين منه، الذين لم يجدوا مأوى لهم إلا في وزارة الثقافة المصرية. كانت له مواقف مهمة، منها ألفاظه التهجمية ضد الحجاب العام 2005، والتي تسببت في غضب كبير داخل طوائف متعددة من الشعب المصري حتى داخل البرلمان. وأخيراً منح جائزة الدولة، عبر المجلس الأعلى للثقافة، إلى سيد القمني الذي له كتابات معادية للإسلام.
بعض المثقفين قالوا ان مسيرة الثقافة المصرية في عهده تدهورت بصورة لا مثيل لها، والإسلاميون شاركوهم فقالوا إن فاروق حسني عمل على محاولة إلحاق الثقافة المصرية بركب الغرب بكل الطرق، وعزلها عن هويتها الحقيقية الإسلامية العربية.
في عهده قبض على مدير مكتبه في قضية رشوة كبيرة، واحترق مسرح بني سويف بمن فيه في حادثة بشعة بسبب الإهمال الفظيع فقدم استقالته ولكنها رفضت.
ولكن على المستوى الدولي كان له قبول، ما شجعه، رغم كل ذلك الجدل الداخلي، للترشح إلى منصب مدير اليونسكو، وعندما لوح له اليهود الصهاينة بمعارضتهم له نتيجة جملة وردت في تعليق له عن حرق الكتب الصهيونية فسر لهم كلمته واعتذر عنها وتودد إليهم ووعدهم بزيارة إسرائيل وتعهد بالتطبيع الثقافي، رغم أنه يحسب له أنه لم يقم بزيارة دولة الاحتلال الصهيونية من قبل، فثار الناصريون والقوميون وانضموا إلى قافلة منتقدي فاروق حسني ومع ذلك لم ينس اليهود كلمته واتهموه بمعاداة السامية.
بذل كل ما يستطيع للفوز بمنصب مدير اليونسكو، أقام التحالفات والتربيطات مع كثير من الدول، وشجعته الدولة لقيمة المنصب، وشجعته فرنسا، اقترب من الفوز وتعادل مع المرشحة البلغارية بـ «29» صوتاً لكل منهما.
ودخل جولة الإعادة المريبة وهو متطلع للفوز، فقد كان قاب قوسين من ذلك، ثم في الإعادة كانت المفاجأة له ولمن تبعوه فقد فازت البلغارية بـ «31» صوتاً وتراجع هو إلى «27» صوتاً، بعد أن انقلب ضده صوتان.
مؤيدوه حزنوا وقالوا إنها مؤامرة دبرت بليل، وهي حقيقة ظاهرة، وقالوا من دول كبرى على رأسها الولايات المتحدة، وقيل فرنسا انقلبت ضده، وكان اللوبي اليهودي ظاهراً في الصورة بمؤامرة سياسية واضحة.
داخلياً في مصر، تضاربت ردود الفعل من فريق يرى أنها مؤامرة صهيونية وغربية ضد وزير عربي، وآخرين ردوا على ذلك وقالوا كيف وقد فاز محمد البرادعي «المصري» بمنصب دولي أخطر منه.
ولكن الإسلاميين ومنتقدي فاروق حسني كان لهم رأي آخر، فقد فرحوا وقالوا إن فاروق حسني لا يبكى عليه، فقد قدم كل ما يستطيع من معاداة هوية الشعب وعاند في فرض ثقافته التحررية على الشعب المصري المسلم.
وانتقدهم الليبراليون وقالوا إنه مصري، أين الانتماء للوطن، فردوا عليهم إنه لم يحافظ على انتمائه لمصر الإسلامية، وبعض الظرفاء قالوا إنها لعنة فوز سيد القمني بجائزة الدولة قبل انتخابات اليونسكو، ولا يزال الجدل دائراً.
ولكني أقول إنه رغم يقيني أن الأسباب الظاهرة تنطق بمؤامرة في المجتمع الدولي ألا يفوز مصري من المشرق العربي بهذا المنصب الكبير وتفوز إيرينا البلغارية الأوروبية، فالحقيقة الإيمانية تقول إنها إرادة الله سبحانه وتعالى، فهو القائل: «إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون».
ممدوح إسماعيل
محامٍ وكاتب
elsharia5@hotmail.com