في عهد الملك فاروق، كُلف الزعيم مصطفى باشا النحاس زعيم حزب الوفد بتشكيل الوزارة خلال أيام محدودة، فصرف جلّ وقته في التركيز على الوزارات المهمة، وترك الوزارات الخدماتية إلى اللحظات الأخيرة، ثم طلب من «مكتب المراسم» الاتصال بـ «فرحات بيك» لعرض وزارة التموين عليه، وكان يقصد «قطب فرحات»، لكن الأمر التبس على مسؤول مكتب المراسم الذي اعتقد بأن المقصود هو المستشار «مرسي فرحات». وصدرَ المرسوم، وعينك ما تشوف إلا النور.طلب النحاس باشا من مكتبه إبلاغ الوزراء بالتوجه إلى قصر عابدين لتقديمهم للملك، وأثناء انتظار الملك، فوجئ النحاس بشخص لا يعرفه، فاتسعت حدقتا عينيه وسأل الوزير المجهول: انتا مين؟... أنا فرحات يا باشا بتاع التموين. أجابه الوزير بدهشة... فقال النحاس وهو يحاول السيطرة على أعصابه: تشرفنا! وخلال أيام تم تصحيح الخطأ.الحكاية ذاتها تكررت في مصر أيضا بعد خروج عمرو موسى من وزارة الخارجية، عندما أمر رئيس الوزراء آنذاك (لا أتذكر اسمه، وإن كنت أعتقد بأنه المرحوم عاطف صدقي) مدير مكتبه بالاتصال بـ «ماهر». وكان يقصد «علي ماهر» سفير مصر في باريس. لكن مدير مكتبه اتصل بـ «أحمد ماهر» السفير في واشنطن، وهو شقيق علي ماهر. وبالفعل وافق أحمد ماهر على تسلم منصب وزير الخارجية، وصدر المرسوم الرئاسي! وأثناء انتظار حضور الرئيس مبارك، صعق رئيس الوزراء بعدما رأى «ماهر الدوبلكيت» وسأله: ازيك يا أحمد، أمّال علي فين؟... علي في باريس، ليه فيه أيه سيادتك؟... لأه مفيش حاجة، انتا بس قول يا رب تعدي الحكاية على خير. قالها رئيس الوزراء، ثم رفع سماعة الهاتف على مدير مكتبه وصرخ في وجهه: يخرب بيتك... لكن الحكاية مع الأسف «معدتش على خير». رغم محاولات التكتم على الموضوع. إذ بلغ الرئيس مبارك - بعد فترة- أمر «تشابه الأسماء». فاتخذ قراره.الجميل أن أحمد ماهر استطاع استغلال منصبه السابق (وزير خارجية مصر) خير استغلال بطريقة قانونية، إذ تعاقد مع بعض الجامعات الأميركية لإلقاء محاضرات فيها «بالشيء الفلاني»، وهو ينشر الآن مقالاته في جريدة الشرق الأوسط، ويتقاضى عنها «الشيء الفلاني» أيضا... بالتوفيق يا «ماهر».وكون الكويت النسخة المصغرة من مصر، إداريا، فلا أستبعد أن يحدث لبس في الأسماء فتختلط الأمور مع التشكيل الجديد للحكومة المتوقع صدوره اليوم أو غدا على أبعد تقدير! انتو بس قولوا يا رب تعدي الحكاية على خير. وارفعوا أيديكم بالدعاء بألا يتم تشكيل الحكومة بالطريقة المعتادة المقتبسة من شركات السياحة... «ألو، مبروك فزت معانا بمنصب وزير».* * *الطريقة التي صيغت فيها صحيفة استجواب المعتوق بصراحة «ولا أروع». ولا أعتقد بأنني قرأت أو شاهدت صحيفة استجواب بُذل فيها جهد كما بُذل في الصحيفة تلك. إذ وردَ كل اتهام وبجانبه وثيقة إثباته... الاتهامات خطيرة بالفعل، سواء في الاستجواب هذا أو في استجواب وزير المالية الحميضي. وليس من صالح الوزيرين الهروب من المواجهة قبل الرد على هذه الاتهامات أمام الشعب الذي له حق الاطلاع ومعرفة القضية من أطرافها جميعا.عن نفسي، سأركز في استجواب المعتوق على متابعة ثلاثة محاور أكثر من غيرها: الأول والسادس والسابع. التي تتحدث عن مخالفة الوزير للدستور بتنفيع نفسه، وعن فلتة الزمان والمكان الدكتور عصام البشير الذي يتقاضى أضعاف رواتب النواب والوزراء، وعن المستشار الذي شتم شعب الكويت وحكامها أثناء فترة الغزو، فكوفئ بمبالغ خيالية من وزارة الأوقاف. والمسامح كريم يا عبد الحليم.أبصارنا شاخصة للمنصة بانتظار سماع أقوال الوزيرين، فإن ثبتت الاتهامات عليهما، وهذا ما لا نتمناه، فليحلهما البرلمان إلى محكمة الوزراء. نقطة على السطر... لكن، قبل ذلك أتمنى أن ينتقي النائب بو رمية ألفاظا تليق بمستوى نائب في البرلمان بدلا من بعض الكلمات النابية التي يطلقها دون ان يعي بأنها تهدم أول ما تهدم... هيبة البرلمان.
محمد الوشيحي alwashi7i@yahoo.com