تعتبر قصة نبي الله يوسف عليه السلام من احسن القصص القرآني، ولكثرة ما فيها من عبر ودروس وعظات فقد استنبط الامام ابن قيم الجوزية - رحمه الله - منها مئة فائدة جمعها الاستاذ الدكتور وليد بن محمد بن عبدالله العلي استاذ العقيدة في كلية الشريعة والدراسات الاسلامية جامعة الكويت في كتاب اسماه «الروض الانيق في الفوائد المستنبطة من قصة يوسف الصديق».
وقد قسمه إلى اجزاء يشتمل كل جزء على فائدة او اكثر وسنقوم بعرضها تباعا طوال شهر رمضان المبارك ليستفيد بها اكبر قدر من القراء الاعزاء.
الجزء السادس عشر
الفوائد المستنبطة من قول الله تعالى: (وكذلك مكنا ليوسف في الارض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع اجر المحسنين) الآية 56
الفائدة السابعة والاربعون
-عنوان هذا الباب - باب من ترك محبوبه حراما فبذل له حلالا او اعاضه الله خيرا منه - وقاعدته: ان من ترك لله شيئا: عوضه الله خيرا منه، كما ترك يوسف الصديق عليه السلام امرأة العزيز لله، واختار السجن على الفاحشة، فعوضه الله: ان مكنه في الارض يتبوأ منها حيث يشاء واتته المرأة صاغرة، سائلة راغبة في الوصل الحلال فتزوجها، فلما دخل بها قال: هذا خير مما كنت تريدين.
فتأمل كيف جزاه الله سبحانه وتعالي على ضيق السجن: ان مكنه في الارض ينزل منها حيث يشاء واذل له العزيز وامرأته، واقرت المرأة والنسوة ببراءته.
وهذه سنته تعالى في عباده قديما وحديثا إلى يوم القيامة (روضة المحبين ص443).
الفائدة الثامنة والاربعون
- لما احتمل يوسف الصديق ضيق السجن: شكر الله له ذلك، بأن مكن له في الارض يتبوأ منها حيث يشاء (عدة الصابرين ص426).
الفائدة التاسعة والاربعون
الصبر نوعان: اختياري واضطراري، والاختياري اكمل من الاضطراري فإن الاضطراري يشترك فيه الناس ويتأتى ممن لا يتأتى منه الصبر الاختياري، ولذلك كان صبر يوسف الصديق عليه السلام عن مطاوعة امرأة العزيز، وصبره على ما ناله في ذلك من الحبس والمكروه: اعظم من صبره على ما ناله من اخوته لما ألقوه في الجب وفرقوا بينه وبين ابيه وباعوه بيع العبد. ومن الصبر الثاني انشاء الله سبحانه له ما انشأه من العز والرفعة والملك والتمكين في الارض (عدة الصابرين ص63).
الفائدة الخمسون
- ان مخالفة الهوى تقيم العبد في مقام من لو اقسم على الله لأبره فيقضي له من الحوائج اضعاف اضعاف ما فاته من هواه فهو كمن رغب عن بعرة فأعطي عوضها درة، ومتبع الهوى يفوته من مصالحه العاجلة والآجلة والعيش الهنيء ما لا نسبة لما ظفر به من هواه البتة.
فتأمل انبساط يد يوسف الصديق عليه الصلاة والسلام ولسانه وقدمه ونفسه بعد خروجه من السجن لما قبض نفسه عن الحرام (روضة المحبين ص481).
الفوائد المستنبطة من قول الله تعالى: (وجاء اخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون) الآية 58.
الفائدة الحادية والخمسون
انما لم يعرفهم نفسه: لأسباب اخر فيها منفعة لهم ولأبيهم وله، وتمام لما اراده الله تعالى بهم من الخير في هذا البلاء. وايضا: فلو عرفهم نفسه في اول مرة لم يقع الاجتماع بهم وبأبيه ذلك الموقع العظيم، ولم يحل ذلك المحل. وهذه عادة الله سبحانه في الغايات العظيمة الحميدة، اذا اراد ان يوصل عبده اليها: هيأ لها اسباب من المحن والبلايا والمشاق فيكون وصوله إلى تلك الغايات بعدها كوصول اهل الجنة اليها بعد الموت واهوال البرزخ والبعث والنشور والموقف والحساب والصراط ومقاساة تلك الاهوال والشدائد.
وكما أدخل رسوله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ذلك المدخل العظيم بعد ان اخرجه الكفار ذلك المخرج، ونصره ذلك النصر العزيز بعد ان قاسى مع اعداء الله ما قاساه. وكذلك ما فعل برسله كنوح وابراهيم وموسى وهود وصالح وشعيب عليهم السلام، فهو سبحانه وصل إلى الغايات الحميدة بالاسباب التي تكرهها النفوس وتشق عليها، كما قال تعالي (كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون) سورة البقرة الآية 216.
وربما كان مكروه النفوس إلى
محبوبها سببا ما مثله سبب
وبالجملة: فالغايات الحميدة في خبايا الاسباب المكروهة الشاقة، كما ان الغايات المكروهة المؤلمة في خبايا الاسباب المشتهاة المستلذة، وهذا من حين خلق الله سبحانه الجنة وحفها بالمكاره، وخلق النار وحفها بالشهوات. اغاثة الملهوف 2/146 - 147.
الفائدة الثانية والخمسون
ان المعرفة في الغالب: تكون لما غاب عن القلب بعد ادراكه، فإذا ادركه قيل: عرفه، او تكون لما وصف له بصفات قامت في نفسه فإذا رآه وعلم انه الموصوف بها قيل: عرفه، قال الله تعالى (ويوم نحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم) وقال تعالى (وجاء اخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون) مدارج السالكين 3/351 - 352
وقد قسمه إلى اجزاء يشتمل كل جزء على فائدة او اكثر وسنقوم بعرضها تباعا طوال شهر رمضان المبارك ليستفيد بها اكبر قدر من القراء الاعزاء.
الجزء السادس عشر
الفوائد المستنبطة من قول الله تعالى: (وكذلك مكنا ليوسف في الارض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع اجر المحسنين) الآية 56
الفائدة السابعة والاربعون
-عنوان هذا الباب - باب من ترك محبوبه حراما فبذل له حلالا او اعاضه الله خيرا منه - وقاعدته: ان من ترك لله شيئا: عوضه الله خيرا منه، كما ترك يوسف الصديق عليه السلام امرأة العزيز لله، واختار السجن على الفاحشة، فعوضه الله: ان مكنه في الارض يتبوأ منها حيث يشاء واتته المرأة صاغرة، سائلة راغبة في الوصل الحلال فتزوجها، فلما دخل بها قال: هذا خير مما كنت تريدين.
فتأمل كيف جزاه الله سبحانه وتعالي على ضيق السجن: ان مكنه في الارض ينزل منها حيث يشاء واذل له العزيز وامرأته، واقرت المرأة والنسوة ببراءته.
وهذه سنته تعالى في عباده قديما وحديثا إلى يوم القيامة (روضة المحبين ص443).
الفائدة الثامنة والاربعون
- لما احتمل يوسف الصديق ضيق السجن: شكر الله له ذلك، بأن مكن له في الارض يتبوأ منها حيث يشاء (عدة الصابرين ص426).
الفائدة التاسعة والاربعون
الصبر نوعان: اختياري واضطراري، والاختياري اكمل من الاضطراري فإن الاضطراري يشترك فيه الناس ويتأتى ممن لا يتأتى منه الصبر الاختياري، ولذلك كان صبر يوسف الصديق عليه السلام عن مطاوعة امرأة العزيز، وصبره على ما ناله في ذلك من الحبس والمكروه: اعظم من صبره على ما ناله من اخوته لما ألقوه في الجب وفرقوا بينه وبين ابيه وباعوه بيع العبد. ومن الصبر الثاني انشاء الله سبحانه له ما انشأه من العز والرفعة والملك والتمكين في الارض (عدة الصابرين ص63).
الفائدة الخمسون
- ان مخالفة الهوى تقيم العبد في مقام من لو اقسم على الله لأبره فيقضي له من الحوائج اضعاف اضعاف ما فاته من هواه فهو كمن رغب عن بعرة فأعطي عوضها درة، ومتبع الهوى يفوته من مصالحه العاجلة والآجلة والعيش الهنيء ما لا نسبة لما ظفر به من هواه البتة.
فتأمل انبساط يد يوسف الصديق عليه الصلاة والسلام ولسانه وقدمه ونفسه بعد خروجه من السجن لما قبض نفسه عن الحرام (روضة المحبين ص481).
الفوائد المستنبطة من قول الله تعالى: (وجاء اخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون) الآية 58.
الفائدة الحادية والخمسون
انما لم يعرفهم نفسه: لأسباب اخر فيها منفعة لهم ولأبيهم وله، وتمام لما اراده الله تعالى بهم من الخير في هذا البلاء. وايضا: فلو عرفهم نفسه في اول مرة لم يقع الاجتماع بهم وبأبيه ذلك الموقع العظيم، ولم يحل ذلك المحل. وهذه عادة الله سبحانه في الغايات العظيمة الحميدة، اذا اراد ان يوصل عبده اليها: هيأ لها اسباب من المحن والبلايا والمشاق فيكون وصوله إلى تلك الغايات بعدها كوصول اهل الجنة اليها بعد الموت واهوال البرزخ والبعث والنشور والموقف والحساب والصراط ومقاساة تلك الاهوال والشدائد.
وكما أدخل رسوله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ذلك المدخل العظيم بعد ان اخرجه الكفار ذلك المخرج، ونصره ذلك النصر العزيز بعد ان قاسى مع اعداء الله ما قاساه. وكذلك ما فعل برسله كنوح وابراهيم وموسى وهود وصالح وشعيب عليهم السلام، فهو سبحانه وصل إلى الغايات الحميدة بالاسباب التي تكرهها النفوس وتشق عليها، كما قال تعالي (كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون) سورة البقرة الآية 216.
وربما كان مكروه النفوس إلى
محبوبها سببا ما مثله سبب
وبالجملة: فالغايات الحميدة في خبايا الاسباب المكروهة الشاقة، كما ان الغايات المكروهة المؤلمة في خبايا الاسباب المشتهاة المستلذة، وهذا من حين خلق الله سبحانه الجنة وحفها بالمكاره، وخلق النار وحفها بالشهوات. اغاثة الملهوف 2/146 - 147.
الفائدة الثانية والخمسون
ان المعرفة في الغالب: تكون لما غاب عن القلب بعد ادراكه، فإذا ادركه قيل: عرفه، او تكون لما وصف له بصفات قامت في نفسه فإذا رآه وعلم انه الموصوف بها قيل: عرفه، قال الله تعالى (ويوم نحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم) وقال تعالى (وجاء اخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون) مدارج السالكين 3/351 - 352