|إعداد كارولين أسمر |
/>يعيش مركز علوم الصحة التابع لمجموعة سعد بريقاً دائماً، مفعماً بأجواء من الرفاهية المتكلفة، وهو يعكس أجواءً لا يمكن أن نجدها سوى في فنادق الخمس نجوم في حين أنه ليس سوى جناح في مستشفى في شرق السعودية.
/>وتتدلى من سقف قاعة الاستقبال، ثريا ضخمة مزخرفة في الوسط ومزينة بالعديد من الالوان. كما أن جدران المستشفى ترتفع على علو 8 طوابق مزينة بالرخام.
/>ويمتاز مركز علاج الاورام بأنه الاضافة الاخيرة لمستشفى سعد التخصصي، الذي يضم 700 سرير، وهو مجمع طبي بقيمة 2 مليار ريال سعودي ( 534 مليون دولار) يهيمن على الابنية المحيطة به في مدينة الخبر، منطقة نفطية في شرق السعودية. ويوظف نحو 4 الآف. والمستشفى جزء من أصول الملياردير السعودي معن الصانع الذي يصارع للمحافظة على إمبراطورية الاعمال التي بناها في ظل المشاكل المالية وادعاءات احتيال وعدد من الدعاوى القضائية.
/>وفي الايام السابقة، كان المستشفى مكاناً يستقبل فيه الصانع أفرادا من العائلة المالكة، وقد تم افتتاحه رسمياً من قبل الملك عبدالله عام 2003،ويوصف من قبل موظفيه على أنه مثالٌ واضح على التزام رجل الاعمال تجاه مجتمعه.
/>الا أن المستشفى وجد نفسه اخيراً غائصاً في الازمة المالية، بعد الكتاب الذي أرسله الصانع الى الموظفين يطمئنهم فيه بأن المستشفى لن يباع. وبعض ما جاء في الكتاب تطمينات شبيهة بـ «من المؤكد أنكم وزملاءكم ستقعون في هم إغلاق المستشفى، خصوصاً بعد الاشاعات التي تتزايد يوماً بعد يوم... الا أن المستشفى في أمان».
/>الا أن التكهنات حول مسألة بيع المستشفى بدأت بالتزايد بعد تجميد حسابات معن الصانع الشخصية في نهاية مايو الماضي من قبل «المركزي» السعودي، في حين أن «مجموعة سعد» التي تملك المستشفى، أُجبرت على إعادة هيكلة ديونها التي تصل الى مليارات الدولارات.
/>وقد ازداد مأزق الصانع عمقاً، عندما قامت مجموعة «أحمد حمد القصيبي» برفع دعوى ضده تتهمه فيها بعملية احتيال كبرى وتدعي أن قيمتها قد تبلغ 10 مليارات دولار. في حين أمرت محكمة في جزيرة كايمن بتجميد عالمي لأصول الصانع البالغة 9.2 مليار دولار بالاضافة الى عشرات الكيانات التابعة له والتي تتمركز في «المركز الكاريبي للأوفشور»، وذلك استجابةً لشكوى رفعتها مجموعة «القصيبي» ضده. والنتيجة كانت، خصومة مريرة متزايدة ما بين الطرفين.
/>وقد توسعت إمبراطورية الصانع من السعودية الى البحرين والمملكة المتحدة وسويسرا. ليستحوذ منذ سنتين على حصة 3.1 في المئة من البنك البريطاني «اتش اس بي سي». وقد تفاقم هذا الخلاف أيضاً لأن الصانع كان يعمل لدى مجموعة القصيبي كما أنه متزوج من ابنة أحد مؤسسي تلك المجموعة.
/>وقال المتحدث باسم مجموعة «سعد» ان الادعاءات الموجهة من «القصيبي» ترتكز على اتهامات حاقدة وزائفة، مضيفاً بأن المجموعة سترد بالكامل على كل هذه الادعاءات من خلال إجراءات قضائية تبرهن فيها عدم وجود هذه الادعاءات من الاساس.
/>ويبدو أن المعركة ما بين مجموعتي «سعد» و«القصيبي» شقت طريقها الى المحاكم، مع الآثار المترتبة على عشرات المصارف العالمية والاقليمية التي من المتوقع أن تكون معرضة للمجموعتين بمبالغ تصل الى 20 مليار دولار. أما في السعودية، فإن تداعيات تلك الازمة باتت محسوسة بالفعل، مع تضييق المصارف السعودية عملية الاقراض للعديد من عائلات الاعمال الاخرى، محبطةً بذلك عملية التعافي الاقتصادية التي تخوضها المملكة.
/>بالمقابل، فإن مسؤولي مجموعة سعد في منطقة الخبر يتمتعون بشجاعة هائلة، ويصرون على أن الخلاف له تأثير بسيط على أعمال وأداء المجموعة.
/>وقال المدير العام في «سعد للتجارة» ستيوارت سميث أنه «مع كل احترامنا للوضع القائم مع مجموعة القصيبي، فهو أمر مأساوي، ومؤسف جداً. وهو بالتحديد مسألة عائلية. ونحن كلنا ثقة بأننا سنخرج من تلك الازمة. ونهدف لأن نكون كريمين بقدر ما نستطيع»، مضيفاً بأن الموظفين يكملون عملهم بكل بساطة.
/>وقد قامت المجموعة بتسريح 3 الآف عامل في الاشهر الثلاثة الماضية من أصل 12 الف موظف تابع لها، مع احتمال صرف المزيد، الا أن سميث ينسب ذلك الى تداعيات الازمة المالية العالمية. مضيفاً الى أن المجموعة لم تلغ أياً من عقودها حتى الآن، كما تقوم بدفع رواتب الموظفين قبل المواعيد المحددة لذلك لتطمينهم.
/>وبسؤاله عن مدى تقدم المحادثات القائمة مع الدائنين أجاب سميث بالقول «نعمل على الاستمرار بأعمالنا الى أن يقول الواقع القائم كفى»
/>ويعمل سميث، وهو مهندس انكليزي، لدى معن الصانع منذ العام 1985، وقد كان شاهداً على نجاح ونمو المجموعة السريع من مؤسسة مقاولات صغيرة الى مجموعة عالمية ضخمة، قدرت أصولها من قبل وكالات التصنيف العالمية بـ 30.6 مليار دولار في نهاية العام 2008.
/>وقد طرح الصعود المذهل للمجموعة العديد من التساؤلات حول مصدر الاموال، وقد كان البعض يعتبر أن الصانع غريب نوعاً ما، بسبب ولادته في الكويت، كما يقول السعوديون. وقال أحد المصرفيين ان الصانع كان محترماً ومحبوبا عموماً، وكان يطلق عليه «سيد ديون» بسبب أسلوبه العدائي للاستثمار.
/>ويقول سميث أن الصانع جمع ثروته من العقارات وتمويل الاستثمارات. وقد كانت الخطوة الاهم في حياته المهنية، عندما استحوذ على حصة مؤثرة في مصرف عقاري في الخبر عام 1991 أثناء حرب الخليج، في وقت كان يسعى الجميع لتهريب أمواله من السعودية.
/>ويضيف سميث أن المجموعة تملك اليوم، عشرات مجمعات المنازل للعمال الوافدين، مع 2700 وحدة للتأجير بما يصل بمعدل 350 الف ريال سعودي في السنة. كما لديها ذراع سياحية ومعلوماتية وتكنولوجية بالاضافة الى المقاولات. الا أن الاكثرية تعتبرها مجموعة استثمارية في الاساس.
/>وحول اللجوء الى بيع أصول المجموعة كحل لمشاكل المجموعة أجاب سميث ألا علم له بخطوة مماثلة من دون أن يستبعد هذا الامر، في حين قال موظف آخر « لا أعتقد أن هذا هو تفكير رب العمل، فهو رجل أعمال يقوم بما هو لازم دوماً».
/>عن «فاينانشال تايمز»
/>