جلسوا في الديوانية كالعادة، وبدأ كل منهم يدلو بدلوه في حال البلد، ليفسر ما يحدث من وجهة نظره، وبما أننا في الكويت، والكويت بلد ديموقراطي، يسوده الدستور، ويحكمه القانون، فالأصل فيه تكافؤ الفرص، والأصل فيه أن يكون بلداً نموذجياً لدول المنطقة من حيث التنمية على المستويات كلها، هذا هو الأصل، ولكن ما أن بدأت بيوت العنكبوت تعشعش في زواياه وأركانه، حتى بدأ الناس يتحدثون عن ملفات الفساد التي ناء بحملها طابور كامل من الشاحنات على مسافة خمسة كيلو مترات أو يزيد قليلاً!
السبب بالطبع هو مجلس الأمة، هذا ما توصل إليه أحدهم، فيعترض آخر ويقول إن مجلس الأمة أحد السلطات الثلاث، والمشكلة تكمن في بعض نواب التأزيم الذين لا يريدون للبلد أن يتحرك في اتجاه المستقبل، فهم يخنقونه بأيديهم، ويعرقلون مسيرته
بكثرة الأسئلة البرلمانية، واستعجالهم الاستجوابات
تلو الاستجوابات.
دخل أحدهم على الخط واضعاً النقاط على الحروف بصوت الواثق من نفسه، ليقول: بل السبب هو الإعلام، نعم الإعلام الفاسد، الذي تخطى كل الخطوط الحمراء، بل تحت الحمراء أحياناً، وفوقها أحياناً أخرى و«خبز خبزتيه يالرفلة اكليه»، وهو مثل كويتي يعني هذا جنته يداي عليّ ولم أجن على أحد، وهذي هي ضريبة الديموقراطية فلنتحملها.
لخّص عمدة الديوانية الموضوع بأن الحكومة بلا شك هي المسؤولة الأولى عما يحدث، فبيدها مقاليد الأمور، وهي تتصرف في الميزانيات حسبما تشاء، فمجلس الأمة مشرع ومراقب، فإن كان من فساد فالحكومة راعية له، بل حتى الفساد النيابي صنيعة حكومية لتحكم قبضتها علينا كشعب، قاتل الله المصالح الفردية، فقد دمرت البلد، ولو لم يكن ثمة مجلس أمة فلربما كان حالنا أفضل، ولرأيتم كيف حافظنا على تفوقنا على دول المنطقة.
المهم أن الأصوات تعالت، ليصبح الحوار جدالاً، والجدال عقيماً، كعقم حال الحكومة التي لم تلد منذ أربعة أعوام مشروعاً «عليه القيمة» يشار له بالبنان، حتى سئم الناس الوضع، وكفروا بالديموقراطية، وتمنوا لو لم يوقع الشيخ عبدالله السالم على وثيقة اسمها الدستور!
في الأفق
بدأت أؤمن بنظرية المؤامرة على الدستور، فلا تفسير منطقياً لما يحدث إلا أن هناك من يريد ترسيخ فكرة إلغاء مجلس الأمة حتى تدور عجلة التنمية في البلد! من يكون؟ الله أعلم!


د.عبداللطيف الصريخ
مستشار في التنمية البشرية
alsuraikh@yahoo.com