في المقال السابق تحدثنا عن الغزو الغاشم والدروس المستفادة، وتحدثنا عن وحدتنا الوطنية وتلاحم شعبنا الأبيّ في وجه العدوان البغيض... وفي رأيي لا يوجد أهم من الوحدة الوطنية التي يمكن أن نتحدث عنها في هذه الأيام تحديداً... فنحن نرى ما يحدث في البلدان المجاورة من اضطرابات ومشادات وأحداث تكاد تتحول لانقلابات عافانا الله، وأدام علينا نعمة الأمن والأمان.
وفي رأيي أن ما يحدث أيضاً من حولنا لهو خير مثال لما يمكن أن يحدث في بلدنا لو أن الوحدة الوطنية تزعزعت وتلاشت وأصبحنا مفرقين مشتتين، لأن الوحدة الوطنية هي محور الأمن والأمان، وهي الاستقرار الدائم مهما حدث ومهما تردت الأوضاع على اختلاف مجالاتها... لأن الوحدة الوطنية بفضلها نستطيع أن نتجاوز كل المحن والصعاب كما حدث في أيام الغزو لا أعادها الله.
في بلدنا ولله الحمد ننعم بالديموقراطية، التي أزعم أنه لا يوجد مثلها في بلدان العالم الثالث كله وحتى في بلدان متقدمة أيضاً، وننعم بوجود أسرة حاكمة تراعي الله وتراعي ضميرها في الحكم، وتوفر للمواطن كل المتاح والممكن حتى أن شعوبا كثيرة تحسدنا على هذه النعمة وهذا الفضل من الله عز وجل، ولذلك علينا أن نحرص على التمسك بهذا الحكم العادل وهذه النعمة الكبيرة... فماذا يريد الشعب من النظام، وما هو مبتغاه من كل هذه المشادات والمشاحنات ومحاولات زعزعة الوحدة الوطنية والضرب على وترها بشكل سيئ من كل الأطراف؟
ماذا نريد من الحكومة، وماذا يريد النواب من كل هذه المشاحنات والتعصب الأعمى للقبيلة والطائفة والفئة؟ لدينا الآن خطة خمسية علينا أن نعمل على تقويمها، وعلينا أن نعمل على تحديد الأولويات ومن ثم نبدأ في التنفيذ فنعاون الحكومة على الانجاز والإصلاح بهدوء وروية، بحكمة وصبر، بعدل ومنطق، فليس من المعقول أن تتحقق كل الانجازات بين ليلة وضحاها، وليس من المعقول أن نحاسب الحكومة الحالية على ما فات، وليس من المعقول أن نستجوب الوزير الذي لم يكمل ثلاثة أشهر على توليه المنصب.
لماذا لدينا شغف بالتأزيم ولماذا نعتبر الهدم بطولة، ولماذا نعد التهجم على الآخرين شجاعة؟ بصراحة لدينا طمع دائم كشعب... نريد أن يتحقق لنا كل شيء ونحن في أماكننا دون أن نعمل ودون أن ننجز، نريد كوادر، ونريد علاوات، ونريد خدمات، ونريد علاجاً في الخارج، ونريد قرضاً، وأرضاً، وسكناً، ووظيفة، وتعليماً على أعلى مستوى، وخدمات صحية لا مثيل لها، نريد ونريد ونريد من الكويت... ولا نريد أن نقدم للكويت كما تقدم لنا.
لست مع الحكومة في أن تتخاذل وألا تحقق طموحات الشعب، ولكني أيضاً لست مع أن يتحقق للشعب أحلامه دون أن يعمل هو بشكل أساسي على تحقيقها، الموظفون يتغيبون عن عملهم بسبب ومن دون، والمواطن يريد أن يكون مديراً من دون مؤهلات، ومن دون كفاح، ومن دون أعوام خبرة وعمل وسهر وتحصيل علمي وأكاديمي... فهل هذا معقول أو مقبول! وعلاوة على ذلك لا نحمد الله على ما نحن فيه، ومن يقرأ الصحف الكويتية يعتقد أن الكويت بلد فيه كل مشاكل الدنيا والمواطن الكويتي مقهور ومظلوم ومعدم، والآخرون يتعجبون عندما يرون ما نحن فيه من نعمة ولا نحمد الله... فكيف يصدقون ما يكتب ويكذبون ما يرونه بأم أعينهم.
لدينا انتخابات نزيهة ليست كبقية الدول، ولدينا حرية تجعل المواطن يعترض ويشجب وفي بعض الأحيان يتعدى الخطوط الحمراء ولا يوجد من يقمعه أو يكمم الأفواه، فلماذا لا نحمد الله على ما نحن فيه ونتمسك بديموقراطيتنا وبوحدتنا الوطنية وننبذ الطائفية والقبلية فعلاً وليس قولاً، ولماذا لا نتعظ من الأحداث المحيطة، ونعاون بعضنا على نهضة بلدنا بالصبر والحكمة وأدب الخلاف وحسن التعامل والأسلوب مع الآخرين؟
نريد أن نتعظ مما يحدث حولنا وأن ننظر لمستقبلنا جيداً وأن نقول جميعاً ان الكويت فوق الجميع، ولا نكتفي بالقول بل نعمل على ذلك كل من خلال موقعه حتى وإن كان في موقع أو مكانة بسيطة لأن البداية تكون من خلالنا جميعاً، ولا يصلح أن يبني البعض ويهدم الآخر، فبهذا المنطق سنظل مكانك راوح ولن نتقدم خطوة للأمام.


د. حنان المطوع
كاتبة كويتية