الولايات المتحدة الأميركية تقدم كل يوم دروساً سياسية في البرجماتية وفن المصلحة تحت شعار «أميركا فوق الجميع»، و«مصلحة أميركا وفقط»، ولكن الكثير من الحكام في العالم لا يتعظون ولا يفهمون الدروس الأميركية، فيعميهم بريق السلطة عن رؤية الصفحات المسطرة من الدروس الأميركية في فن المصلحة والتي نهايتها ليذهب الجميع للجحيم.
كان الدرس الأميركي إلى شاه إيران العام 1979 درساً قاسياً وواضحاً لكل حلفائها، فقد كان الشاه الإيراني أكبر حليف لأميركا في الشرق الأوسط، وكان يتفاخر بأن دولته من القوى العالمية بفضل التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية، ولكن مع بدء ثورة الشعب الإيراني سرعان ما تخلت أميركا عن حليفها الشاه محمد رضا بهلوي، وتركته يواجه مصيره وكان قمة الموقف التراجيدي للشاه الايراني الحليف الأكبر والأقوى لأميركا عندما رفضت حتى استقباله للعلاج.
وقد تكرر الدرس «الأميركي المصلحتي» في مواقف كثيرة مع حكومات كثيرة، وبعد ثلاثين عاماً من الموقف الأميركي من الحليف الإيراني في آسيا، يتكرر الموقف في آسيا أيضاً ولكن مع الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف الذي قدم خدمات لا توصف للولايات المتحدة الأميركية بعد الحادي عشر من سبتمبر خاصة في حربها ضد أفغانستان، وسهل وساعد على التواجد العسكري الأميركي المكثف في قارة آسيا وفي الجمهوريات الإسلامية خاصة، وكان مشرف من أخلص الحكام في العالم سمعاً وطاعة لإدارة الرئيس الأميركي السابق بوش، والتي تغاضت عن استبداده في الحكم وعصفه بالديموقراطية وحقوق الإنسان مقابل خدماته الجليلة للإدارة الأميركية، ولكن عندما ثار الشعب بجميع طوائفه وأحزابه طلبت منه الرحيل من الحكم بصمت وفي صمت، وهو ما استجاب له. وفي أول اختبار ومحنة للرئيس مشرف تلفت حوله بحثاً عن الإدارة الأميركية فلم يجد أحداً وذلك في 31 يوليو 2009 عندما أصدرت المحكمة العليا المؤلفة من 14 قاضياً برئاسة رئيس القضاة، الذي اعيد إلى منصبه أخيراً، افتخار محمد شودري، مذكرة لمشرف للمثول شخصياً أو من خلال محام أمام المحكمة، إلا أن مشرف تجاهل المذكرة.
وقال شودري اثناء قراءة نص أمر المحكمة: إن «إعلان حالة الطوارئ الذي أصدره الجنرال برويز مشرف بوصفه قائداً للجيش في الثالث من نوفمبر 2007 يعتبر غير دستوري، وغير قانوني».
وأكد شودري أن مشرف أقال بشكل غير قانوني نحو 60 من قضاة المحكمة العليا، كما أن قيامه بتعيين رئيس جديد للمحكمة العليا كان أيضاً «غير دستوري»، ما يعني إدانته بانتهاك الدستور والقانون، وقد جاء الرد الأميركي على هذا سريعاً من المبعوث الأميركي الخاص لباكستان وأفغانستان ريتشارد هولبروك في التاريخ نفسه 31 يوليو عندما قال: «إن مشرف جزء من الماضي وإن واشنطن لن تقف إلى جانبه أو تدافع عنه».
رد هولبرك يقول بكل وضوح انتهى الدرس يا برويز، ومن العجيب أنك لم تفهم أنك أصبحت من الماضي.
والحقيقة أن جميع الحكام أمثال برويز وشاه إيران وغيرهم غير قادرين في نشوة السلطة على فهم قاعدة أن مصلحة أميركا فوق الجميع، وليذهب الجميع إلى الجحيم.
ممدوح إسماعيل
محام وكاتب
elsharia@hotmail.com
كان الدرس الأميركي إلى شاه إيران العام 1979 درساً قاسياً وواضحاً لكل حلفائها، فقد كان الشاه الإيراني أكبر حليف لأميركا في الشرق الأوسط، وكان يتفاخر بأن دولته من القوى العالمية بفضل التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية، ولكن مع بدء ثورة الشعب الإيراني سرعان ما تخلت أميركا عن حليفها الشاه محمد رضا بهلوي، وتركته يواجه مصيره وكان قمة الموقف التراجيدي للشاه الايراني الحليف الأكبر والأقوى لأميركا عندما رفضت حتى استقباله للعلاج.
وقد تكرر الدرس «الأميركي المصلحتي» في مواقف كثيرة مع حكومات كثيرة، وبعد ثلاثين عاماً من الموقف الأميركي من الحليف الإيراني في آسيا، يتكرر الموقف في آسيا أيضاً ولكن مع الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف الذي قدم خدمات لا توصف للولايات المتحدة الأميركية بعد الحادي عشر من سبتمبر خاصة في حربها ضد أفغانستان، وسهل وساعد على التواجد العسكري الأميركي المكثف في قارة آسيا وفي الجمهوريات الإسلامية خاصة، وكان مشرف من أخلص الحكام في العالم سمعاً وطاعة لإدارة الرئيس الأميركي السابق بوش، والتي تغاضت عن استبداده في الحكم وعصفه بالديموقراطية وحقوق الإنسان مقابل خدماته الجليلة للإدارة الأميركية، ولكن عندما ثار الشعب بجميع طوائفه وأحزابه طلبت منه الرحيل من الحكم بصمت وفي صمت، وهو ما استجاب له. وفي أول اختبار ومحنة للرئيس مشرف تلفت حوله بحثاً عن الإدارة الأميركية فلم يجد أحداً وذلك في 31 يوليو 2009 عندما أصدرت المحكمة العليا المؤلفة من 14 قاضياً برئاسة رئيس القضاة، الذي اعيد إلى منصبه أخيراً، افتخار محمد شودري، مذكرة لمشرف للمثول شخصياً أو من خلال محام أمام المحكمة، إلا أن مشرف تجاهل المذكرة.
وقال شودري اثناء قراءة نص أمر المحكمة: إن «إعلان حالة الطوارئ الذي أصدره الجنرال برويز مشرف بوصفه قائداً للجيش في الثالث من نوفمبر 2007 يعتبر غير دستوري، وغير قانوني».
وأكد شودري أن مشرف أقال بشكل غير قانوني نحو 60 من قضاة المحكمة العليا، كما أن قيامه بتعيين رئيس جديد للمحكمة العليا كان أيضاً «غير دستوري»، ما يعني إدانته بانتهاك الدستور والقانون، وقد جاء الرد الأميركي على هذا سريعاً من المبعوث الأميركي الخاص لباكستان وأفغانستان ريتشارد هولبروك في التاريخ نفسه 31 يوليو عندما قال: «إن مشرف جزء من الماضي وإن واشنطن لن تقف إلى جانبه أو تدافع عنه».
رد هولبرك يقول بكل وضوح انتهى الدرس يا برويز، ومن العجيب أنك لم تفهم أنك أصبحت من الماضي.
والحقيقة أن جميع الحكام أمثال برويز وشاه إيران وغيرهم غير قادرين في نشوة السلطة على فهم قاعدة أن مصلحة أميركا فوق الجميع، وليذهب الجميع إلى الجحيم.
ممدوح إسماعيل
محام وكاتب
elsharia@hotmail.com