|كتب حسن الفرطوسي|
لم يكن يخطر على بال المطرب المغترب محمد صابر حينما وطئت قدماه مطار الكويت الدولي، قادماً من استراليا، بأنه سيكون على موعد مع مشاهدي تلفزيون «الراي» من خلال البرنامج الشبابي «رايكم شباب» ذلك البرنامج الذي دأب على ابراز المواهب الشابة ورعايتها وتسليط الضوء عليها بطريقة تنم عن الحرص الكبير الذي توليه قناة «الراي» إلى تنمية الفن والابداع... لم يكن يخطر على باله بانه سيكون على موعد مع مقدمي البرنامج المتألقين، نورهان عماد الدين وسالي القاضي وأحمد الرفاعي، يقودهم المخرج محمد مؤمن وتعد فقرات برنامجهم خلود المفيدي.
قبل بث البرنامج بنصف ساعة حضر المطرب محمد صابر الى مبنى تلفزيون «الراي» حاملاً معه آلة العود، التي رافقته في حلّه وترحاله بين أراضي المغتربات البعيدة، آلة العود التي يصفها محمد بأنها «وطن متنقل» حيث ما ان تلامس أصابعه أوتار عوده، حتى تنساب الأنغام التي تعيده الى مرابع الطفولة في منطقة «الأندلس» التي فارقها منذ زمن بعيد، مهاجراً مع اسرته الى استراليا.
قبل بدء بث البرنامج بقليل كان فريق عمل برنامج «رايكم شباب» يعملون كخلية نحل داخل الاستديو المخصص للبرنامج، ثمة فريق يعمل بنشاط لتجهيز الاضاءة، وفريق آخر يتابع جهوزية الكاميرات، وفريق مقدمي البرنامج ينسقون فيما بينهم وبين المخرج ومعدّة البرنامج، وفني الصوت يثبّت المايكروفونات الصغيرة على ياقات الضيوف والمقدمين، كان مشهدهم يشعرك بأنك أمام جديّة في العمل قلّما توجد في قنوات تلفزيونية أخرى.
في تمام الساعة السادسة بدأ بث البرنامج الذي استهلّه المقدم الشاب أحمد الرفاعي بقصيدة جميلة ألقاها بانسيابية عالية تليق بكلماتها الشفافة، مفتتحاً بذلك استذكار نكبة الغزو الصدامي الغاشم، لاسيما وان موعد الحلقة صادف يوم الثاني من أغسطس، لتكون الذكرى التاسعة عشرة من ذلك المصاب المحزن.
بدأت الفقرة الثانية من البرنامج، والتي جاءت بعد فاصل قصير، بتقديم الضيف والترحيب به من قبل المتألقة نورهان عماد الدين التي سألته بدورها عن بداياته الفنية وكيفية اكتشافه لتلك الموهبة الموسيقية والغنائية، وقد أجاب صابر بالقول: «كنت أعشق الموسيقى منذ طفولتي، لكن بداياتي الفعلية كانت في العام 2002 حيث بدأت في تلقي دروس موسيقية من الملحن المعروف الاستاذ عبد الحسين السماوي ومن حسن الحظ انه يعيش في مدينة سيدني الاسترالية، وكانت تجربة جميلة رغم انها مرهقة بالفعل، خصوصاً وانني كنت أعيش في مدينة ملبورن التي تبعد عن سيدني نحو ألف كيلو متر، وكنت اسافر بين فترة وأخرى الى سيدني لتلقي الدروس منه، بعد فترة وجدت نفسي متمكناً من العزف على العود، فكنت أعزف وأغني الأغاني المعروفة والتي تختزل في ذاكرتي ووجداني الحنين الى الوطن ومرابع الطفولة، مثل أغاني نبيل شعيل وعبد الله الرويشد، وهما يشكلان في نفسي معاني ابداعية ثرية، وحين سمعني الشاعر عزيز الرسام في احدى الحفلات التي كانت تقيمها الجالية العربية في استراليا، شجعني كثيراً وغرس في داخلي سمة الصبر والتأني وعدم التسرّع، وهكذا بدأت مسيرتي الفنية».
بعد ان انتهى الضيف من سرد بداياته، بادر المذيع أحمد الرفاعي مطالباً الفنان باهداء المشاهدين أغنية من كلماته وألحانه، فاختار محمد أغنية «تظل ببالي صوركم» وهي من كلماته وألحانه، وقد غنّاها بصوت شجي وبمقدمة موسيقية أطربت جميع الحاضرين في الاستديو، ومن الملاحظ ان الفنان قد نوّه في البداية الى أنه سيغني مقطعاً واحداً من الاغنية لأنها لم تسجّل بعد، لكن سلطان الغناء غلبه فأكمل الأغنية كلها دون ان يشعر.
موجة من التصفيق من قبل مقدمي البرنامج، أعقبت الأغنية، التي كانت بالفعل أغنية تحمل من الشجن الكثير، كما تميّز لحنها بالروحية الشبابية ممزوجة بضربات النغم الطربي الأصيل، كما وصفتها المقدمة سالي القاضي.
ورداً على سؤال أحمد الرفاعي حول كيفية الحفاظ على رخامة الصوت وحلاوته، أجاب محمد: «أعتقد ان التمرين اليومي في ممارسة الغناء من شأنه ان يحافظ على مستوى الصوت، بل يزيد الخامة الصوتية جرسية وعذوبة، وبكل تأكيد ضرورة الابتعاد عن التدخين وكل ما يؤثر سلباً على الحنجرة».
بعد دردشة وتجاذب للحديث مع المطرب حول سر نجاح ألبومات المطربين الكبار مثل نبيل شعيل وعبد الله الرويشد ومحمد عبده، أشار محمد الى ان جيل الرواد يدركون قيمة الأغنية، لذلك تراهم يتعبون عليها كثيراً ويهتمون بكل صغيرة وكبيرة فيما يتعلق باللحن والكلمات والتوزيع الموسيقي، ذلك يجعل الأغنية تخرج متكاملة وبلا أي نشاز، كما انهم يحترمون أنفسهم وتاريخهم وكذلك يحترمون الجمهور ولا يقدمون له الأغنية كيفما اتفق. بعد تلك الدردشة قدّم الضيف أغنيتين جميلتين، الأولى بعنوان «اشلون أرتاح منكم يا البعيدين» كلمات ضياء الميالي وألحان نصرت بدر، والأغنية الثانية بعنوان « اذا قررت الرحيل» كلمات وألحان علي كريم.
وبذلك انتهت فقرة استضافة المبدع الشاب المطرب المغترب محمد صابر، التي تركت أثراً طيباً في نفوس مقدمي وفريق عمل برنامج «رايكم شباب» الذين ساهم نشاطهم وهمتهم وحبهم لعملهم في انجاح الفقرة واظهارها بأبهى حلّة، كما عودوا مشاهدي «الراي».