كان اتصالاً هاتفياً غير معتاد، قبل يومي أحد ماضيين، من كويتي لم يسبق لي الحديث معه من قبل، عرف عن نفسه باسم «حازم»، ونبهني الى «خبر مهم» عن شركة اسمها «المجموعة العربية الخليجية APG»، تعتزم الاستحواذ على «هارمن اندستريز» المدرجة في «ستاندر بورز 500».
وورد الي بريد الكتروني من مصدر مجهول يتضمن المعلومات نفسها، بكتابة فيها أخطاء لغوية. ووصف البريد الالكتروني «APG» بأنها «واحدة من كبرى المجموعات الخليجية المملوكة للقطاع الخاص»، وقال ان العملية ستتم من خلال «عرض عام».
الا ان بحثاً على شبكة الانترنت لم يظهر أثراً لـ«APG»، لكن حازم اتصل ثانية، ليقول ان الشركة مملوكة لعائلة سعودية مع شركاء اماراتيين، وأن لديها موجودات بنحو 25 مليار دولار.
في يوم الاثنين الذي تلى ذلك الأحد، شهدت الحكاية تحولاً جديداً مع ارتفاع سهم «هارمن أكثر من 40 في المئة في تعاملات ما قبل افتتاح السوق. لكن الشركة الأميركية نفت ان تكون قد تلقت أي عرض.
وذاع لاحقاً ان لجنة الأوراق المالية والأسواق في الولايات المتحدة (SEC) سجلت دعوى مدنية ضد عدد من المؤسسات الكويتية وحازم البريكان بتهمة الاستفادة من تعاملات اثر عرض كاذب.
وبعد أسبوع من الاتصال الأول الذي تلقيته، اتخذت القصة بعداً تراجيديا حين وجد البريكان ميتاً بطلق ناري في رأسه. وقالت الشركة انه على ما يبدو قتل نفسه.
وقالت لجنة الأوراق المالية الأميركية ان ذلك التحقيق في تعاملات مشبهوة لم يكن الحالة الأولى، وأشارت الى شكواها من تعاملات مماثلة بواسطة شركتين حول شائعات كاذبة عن استحواذ على شركة أميركية أخرى هي «تكسترون» في أبريل.
وألقت القضية ضوءاً محرجاً على الكويت، التي كانت سمعتها قد تضررت بالفعل من المشكلات في قطاع الخدمات المالية.
ولاشك ان الشبهات حول عمليات التلاعب بالأسواق موجودة في جميع الأسواق، ولا تميز أسواق الخليج وحدها. لكن ذلك لا يقلل من حقيقة ان الحديث عن تلاعب في الأسواق يتصاعد في المنطقة، وسط شكاوى مزمنة من ضعف التنظيم وانعدام الشفافية.
تبقى الكويت مثلاً، مرتبطة دائما بالانهيار الكبير لسوق المناخ في العام 1982، المرتبط بتداولات مضاربية في سوق غير رسمي وشيكات مرتجعة. لكن بعد ثلاثة عقود على ذلك، لا تزال الكويت من دون سلطة لأسواق رأس المال.
وفي انهيار البورصة السعودية العام 2006 - الذي ضيع 500 مليار دولار من القيمة السوقية لسوق الأسهم- كان اللوم جزئياً على التداولات المضاربية وممارسات «الضخ والاغراق».
في الجانب الايجابي، أبدت بعض الجهات التنظيمية ارادة بفعل شيء ما. ففي الامارات العربية المتحدة، فرضت غرامة على «شعاع كابيتال» بسبب التلاعب في الأسهم. كما قامت السلطات السعودية أخيراً بفرض غرامات على بعض المستثمرين البارزين على خلفية استفادتهم من معلومات داخلية. لكن الخبراء يرون ان المزيد يجب ان يفعل، من تعزيز الشفافية الى التأكد من ان القاعدة التنظيمية والتشريعية الضرورية في محلها.
لا بد لأبحاث الشركات أيضاً ان تتحسن، لا سيما على مستوى الشركات المتوسطة والصغيرة. تبدو الأسواق على امتداد الخليج منحازة بوضوح الى المستثمرين الأفراد، الذين يعتمدون كثيراً على الشائعات.
تحتاج السلطات الى تشجيع البحوث والاستثمار المؤسساتي. وكذلك على تشجيع المستثمرين الأفراد على التعلم، وهؤلاء بدورهم عليهم التنبه الى ضرورة تغيير عقلياتهم، وايلاء قدر أقل من الآذان الصاغية للشائعات، وعناية أقل بالشركات التي هي «قيد البحث»، ما يضغط على الوسطاء لتوسيع تغطيتهم.
عن «فاينانشال تايمز»
وورد الي بريد الكتروني من مصدر مجهول يتضمن المعلومات نفسها، بكتابة فيها أخطاء لغوية. ووصف البريد الالكتروني «APG» بأنها «واحدة من كبرى المجموعات الخليجية المملوكة للقطاع الخاص»، وقال ان العملية ستتم من خلال «عرض عام».
الا ان بحثاً على شبكة الانترنت لم يظهر أثراً لـ«APG»، لكن حازم اتصل ثانية، ليقول ان الشركة مملوكة لعائلة سعودية مع شركاء اماراتيين، وأن لديها موجودات بنحو 25 مليار دولار.
في يوم الاثنين الذي تلى ذلك الأحد، شهدت الحكاية تحولاً جديداً مع ارتفاع سهم «هارمن أكثر من 40 في المئة في تعاملات ما قبل افتتاح السوق. لكن الشركة الأميركية نفت ان تكون قد تلقت أي عرض.
وذاع لاحقاً ان لجنة الأوراق المالية والأسواق في الولايات المتحدة (SEC) سجلت دعوى مدنية ضد عدد من المؤسسات الكويتية وحازم البريكان بتهمة الاستفادة من تعاملات اثر عرض كاذب.
وبعد أسبوع من الاتصال الأول الذي تلقيته، اتخذت القصة بعداً تراجيديا حين وجد البريكان ميتاً بطلق ناري في رأسه. وقالت الشركة انه على ما يبدو قتل نفسه.
وقالت لجنة الأوراق المالية الأميركية ان ذلك التحقيق في تعاملات مشبهوة لم يكن الحالة الأولى، وأشارت الى شكواها من تعاملات مماثلة بواسطة شركتين حول شائعات كاذبة عن استحواذ على شركة أميركية أخرى هي «تكسترون» في أبريل.
وألقت القضية ضوءاً محرجاً على الكويت، التي كانت سمعتها قد تضررت بالفعل من المشكلات في قطاع الخدمات المالية.
ولاشك ان الشبهات حول عمليات التلاعب بالأسواق موجودة في جميع الأسواق، ولا تميز أسواق الخليج وحدها. لكن ذلك لا يقلل من حقيقة ان الحديث عن تلاعب في الأسواق يتصاعد في المنطقة، وسط شكاوى مزمنة من ضعف التنظيم وانعدام الشفافية.
تبقى الكويت مثلاً، مرتبطة دائما بالانهيار الكبير لسوق المناخ في العام 1982، المرتبط بتداولات مضاربية في سوق غير رسمي وشيكات مرتجعة. لكن بعد ثلاثة عقود على ذلك، لا تزال الكويت من دون سلطة لأسواق رأس المال.
وفي انهيار البورصة السعودية العام 2006 - الذي ضيع 500 مليار دولار من القيمة السوقية لسوق الأسهم- كان اللوم جزئياً على التداولات المضاربية وممارسات «الضخ والاغراق».
في الجانب الايجابي، أبدت بعض الجهات التنظيمية ارادة بفعل شيء ما. ففي الامارات العربية المتحدة، فرضت غرامة على «شعاع كابيتال» بسبب التلاعب في الأسهم. كما قامت السلطات السعودية أخيراً بفرض غرامات على بعض المستثمرين البارزين على خلفية استفادتهم من معلومات داخلية. لكن الخبراء يرون ان المزيد يجب ان يفعل، من تعزيز الشفافية الى التأكد من ان القاعدة التنظيمية والتشريعية الضرورية في محلها.
لا بد لأبحاث الشركات أيضاً ان تتحسن، لا سيما على مستوى الشركات المتوسطة والصغيرة. تبدو الأسواق على امتداد الخليج منحازة بوضوح الى المستثمرين الأفراد، الذين يعتمدون كثيراً على الشائعات.
تحتاج السلطات الى تشجيع البحوث والاستثمار المؤسساتي. وكذلك على تشجيع المستثمرين الأفراد على التعلم، وهؤلاء بدورهم عليهم التنبه الى ضرورة تغيير عقلياتهم، وايلاء قدر أقل من الآذان الصاغية للشائعات، وعناية أقل بالشركات التي هي «قيد البحث»، ما يضغط على الوسطاء لتوسيع تغطيتهم.
عن «فاينانشال تايمز»