هم أكرم منا جميعا أحياء يرزقون عند الله، يفرحون بما آتاهم ربهم من خير، وينقلبون في رحمة من الله وفضل. نعم انهم الشهداء السعداء الذين ضربوا بأيديهم المضرجة باب حرية الوطن، ايها الشهداء الاحرار ماذا عسى ان نقول في ذكرى استشهادكم؟
نقول ان فلول الذباب الهوجاء التي هبت في يوم الخميس الاسود على ربوع ديرتكم الحبيبة قد ولت الى غير رجعة، وان الريح النتنة التي لوثت ارجاء هذه الديرة الآمنة التي يأتيها رزقها بإذن ربها قد تبددت وأفلت بل تقهقرت الى غير رجعة وهذا مصير الظالمين.
ايها الشهداء السعداء عند ربهم ان الارض التي أريقت على سهولها دماؤكم الذكية قد انتعشت ونهضت صقرا شامخا مزمجرة، وان الأيدي التي اقترفت الذل والهوان بالاعتداء عليكم قد شلت بإذن الله.
ايها الشهداء السعداء حقا ان مأساة الخميس الاسود مأساة عظيمة لا تضع للجار مكانة ولا للاخوة وزناً، شتتت الامة، ومزقت الجسم الواحد، ولكن ايها الشهداء السعداء خُلدت دماؤكم الذكية وروت ديرتنا الحبيبة فازدهر بنيانها، وثقافتها، وعمرانها، وتعاضد ابناؤها فأصبحوا جسدا واحدا لا تؤثر فيه الرياح ولا مورها.
حقا ما قاله الأديب:
كويت الكويتيين تمضي سفينة
وقد اصبحت كل البحار لها مجرا
لقد صهرتها النار حتى توقدت
ومن تحت أكوام اللظى نهضت صقرا
سيخرج من تحت الرماد محلقا
لافاق آتٍ نحن في سره أدرا
لقد علمتهُ الريح سر اختلافها
وسر غيوم ترسل المزن والقطرا
لنصر بلادي جاءني طائر البشرى
فجدد شوقي للغنى مرة أخرى
رجعنا وإن كان الرجوع مقدرا
فليت لقلبٍ لا يغني لنا عذرا
الشموخ للكويت ديرة العز، والخلود لشهداء الوطن.


سلطان حمود المتروك
كاتب كويتي