الصومال البلد العربي المسلم لم تستقر له حكومة منذ العام 91، ثمانية عشر عاماً من الفوضى والخراب والخلافات المدمرة، عندما دخلت القوات الإثيوبية الصومال اتحد الإسلاميون وغيرهم من المعارضة حتى انسحبت، وعندما تولى الحكم شيخ شريف حدث انقسام حاد وثورة من جانب فريق من الإسلاميين ضد شيخ شريف، وتطور الأمر من خلاف إلى قتال إلى حرب دمرت ما بقي من أخضر.
وفي خلال شهري مايو ويونيو الفائتين تطور النزاع المسلح حتى وصل إلى ذروته في الأسبوع الثاني من يونيو، ونتج عن ذلك مقتل وزير الأمن الصومالي عبر عملية انتحارية راح ضحيتها أكثر من 30 شخصاً.
ولو فرضنا جدلاً أن اتهامات جبهة شيخ عويس (رئيس «المحاكم الإسلامية») ضد شيخ شريف كلها كانت محقة من انحياز للغرب وخيانة وتضييع للشريعة، لكن هل انتظر ذلك الفريق حتى تتضح حقيقة تلك الاتهامات أمام الشعب الصومالي؟ الإجابة أنهم لم ينتظروا مطلقاً، إنما كانت الأيدي على الزناد متحمسة لإطلاق الرصاص ضد إخوانهم وماذا كانت النتيجة؟... تقول الأمم المتحدة أن أكثر من 122 ألف شخص نزحوا من ديارهم، وتقول وكالات الإغاثة والمساعدات الدولية إن ما يقرب من أربعة ملايين، أي نحو ثلث سكان الصومال، يحتاجون إلى المساعدات الغذائية، وأدت المعارك منذ مايو الماضي إلى سقوط أكثر من 300 قتيل بين مدنيين ومقاتلين، بخلاف قتلى الشهور السابقة.
أعتقد أن ما يحدث من اقتتال الآن في الصومال لم يكن غائباً عن أعين من أسرعوا بتنصيب شيخ شريف بعجالة كانت لافتة جداً، لذلك من الممكن القول ان الاقتتال الآن في الصومال فخ نصبه أعداء الصومال كي يشاهد العالم أن أهل هذا البلد لا يمكنهم حكم أنفسهم، ما يمهد لتدخل أجنبي أخطر من التدخل الإثيوبي، فمنطقة القرن الإثيوبي يتم تجهيز مخططات كثيرة لها.
لكن لما لا ينتبه الفرقاء الصوماليون لما يحاك لهم، هل غاب العقل تحت ضغط الغضب أو بريق السلطة، ثم أين «منظمة المؤتمر الإسلامي» والسيد أوغلو... ألا توجد فئتان من المسلمين تقتتلان؟ والعجيب ذلك الصمت المدهش من الجامعة العربية كأن ما يحدث في الصومال لا يعنيهم مطلقاً !
وأخيراً المشهد لا يحتاج إلى ترجمة... في البحر قراصنة صوماليون يهددون ما يمر في المحيط، وعلى أرض الصومال قتال وخراب وجوعى ولاجئون وهاربون من الدمار، وعلى بعد أميال تراقب الأساطيل الغربية والأميركية، الوضع كي تتدخل باسم قوات السلام لتحتل أرضاً لم يحافظ عليها أبناؤها.
فهل يعي الشيوخ المتحاربون في الصومال أن الساعة قربت، وأن الفيلم الصومالي زاد على الحد حتى مل العالم منه واستغاث طلباً لقوات سلام تحمل السم والدواء في زجاجة واحدة؟


ممدوح إسماعيل
محامٍ وكاتب
elsharia5@hotmail.com