هذه الدنيا كتاب تُسطر فيه الأفكار وتدون فيه الفكر وتروى من خلاله الأحداث والقصص انه يوم اصطف فيه مجموعة من الرجال وخرج الأستاذ وهو واضع أوزاره حول وسطه فحياهم واختار مجموعة منهم التي يحتاجها لأداء عمله، وتمنى لمن تبقى منهم حظاً أوفر في الأيام المقبلة برفق ولين وأمل.
توجه الجميع تملؤهم الحماسة والاقدام كي يمارسوا مهنتهم وهي البناء، وهم يصدحون بأغنيتهم الشهيرة هيه هلمه لبنة طاول.
هذه حال والدي - رحمه الله - كحال جميع أطياف المجتمع الكويتي في ذلك الوقت أتذكره وهو الناصح في هدوء إذا ما انتاب أحدٌ منا قلق أو ثار نقاش شديد فإنه يهمس في أذنه قائلاً: «هون عليك الهون أبرك ما يكون».
ماذا أتذكر عن مواقف هذا الأب الكبير في عواطفه وتوجيهاته؟
أتذكر يوم هممت بالسفر لمواصلة دراستي يرقبني بعيونٍ تكاد أن تقول: اجلس معنا ولكن الأمل في بلوغ الهدف والوصول الى الغاية نحو الأفضل تجعله يسيطر على عواطفه ويلوح بكلتا يديه، يحفظك الله ياولدي.
هكذا والدي - يرحمه الله - الذي أتذكرهُ الآن في ذكرى يوم رحيله.
نعم الموت حق ولكن لابد وأن الإنسان يتذكر الخير والذين يسدون ليكونوا عبرة وموعظة، ودرسا كبيرا يجب ألا ينسى.
صدق الأديب:
قالت وقد سلخ ابتسامتها الأسى
صدق الذي قال الحياة غرور
كذا نموت وتنتهي أعمالنا في ساعةٍ
وإلى التراب نصيرُ
وتموج ديدان الثرى في أكبدٍ
كانت تموج بها المنى وتمورُ
هذه حقيقة الإنسان، الجد والاجتهاد والمثابرة والعمل في هذه الدنيا ثم يرحل لكي يواصل من يليه مسيرة العمل ولكن هذا الإنسان الراحل لن ينقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له.
فحري بجميع الأبناء أن يتذكروا جميل آبائهم وأمهاتهم ويعملوا كما علموهم ليأخذوا بالخير من جميع أطرافه.


سلطان حمود المتروك
كاتب كويتي