ما زال مسلسل التهكم والسخرية مستمرا في معظم زوايا صحفنا اليومية، ولعل القارئ لها يخرج بنتيجة مفادها أنه لا خير يرجى من هذا البلد وأبنائه ومسؤوليه، كيف يكون ذلك وأغلب كتاب الصحف فيه باتوا يتنافسون في إبراز الصور السلبية، ويقتاتون على النقد اللاذع والبحث عما يمكن أن يكون سقطة هنا أو هناك، لتكون مائدتهم التي يقدمونها لقرائهم.
بعضهم يزيد الملح في طبخته، أقصد مقالته، فيكون النقد مبالغاً فيه، وبعيداً عن اللياقة والأدب، وتشتمُّ منه رائحة الشخصانية والهوى، مما يحيد به عن المصداقية والأمانة الصحافية.
وبعض آخر لا تكاد تستطعم في طبخته، عفواً مقالته، ملحاً، ولا تشتم فيها رائحة، فتجدها بعيدة حتى عن قواعد اللغة العربية، أما ركاكة الأسلوب وخلط الحابل بالنابل، وتداخل الأفكار، والخروج عن الوحدة الموضوعية للمقال، فحدّث ولا حرج، ولا داعي أن أضرب لك الأمثال، فإجراء مسح سريع لصحفنا اليومية الخمس عشرة تغنيني عن هذه المهمة.
الصحافة حرية ومسؤولية، هذا هو شعارنا، وهكذا تعلمنا، بل هكذا يجب أن تكون، فمقابل الحرية هناك مسؤولية بلد وشعب، فلم تعد الصحيفة خاصة بالكويت، فما يكتب هنا يقرأه الناس جميعاً في كل بقاع الأرض، ولذا فعلينا أن نحرص على إظهار الجانب المشرق المضيء للكويت وأبنائها، كما نحرص ونبحث عن موضوع ننتقد فيه الأوضاع لنحرك فيه المياه الراكدة.
وحتى لا تذهب بك الأفكار كل مذهب، فأنا لا أعني بالطبع أن تكون جميع مقالاتنا، وتقاريرنا، وأخبارنا مصطبغة بألوان الثناء والتبجيل والتطبيل، ومطرزة بفنون مسح الجوخ، وتقديس الأشخاص، وتلميع الوزراء والوكلاء ومساعديهم وجميع المسؤولين من تحتهم، ابتداء من المديرين وانتهاء برؤساء الأقسام، ولكن من حق الكويت وأهلها علينا كصحافيين من محررين وكتاب رأي أن نظهر كلا الجانبين.
ألا توافقوني الرأي أن الكاتب الباحث عن الشهرة حالياً ما عليه سوى أن ينتقد وينتقد ويمارس النقد كلما سنحت له الفرصة، وهي سانحة في بلد الرأي والرأي الآخر، اللهم احفظ الكويت من أبنائها الباحثين عن الشهرة على حسابها! آمين.
في الأفق
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) «من قال هلك الناس فهو أهلكهم»، وقد ورد هذا الحديث بروايتين الأولى بفتح كاف كلمة (أهلكهم)، والثانية بضمها، فتأمل!


د.عبداللطيف الصريخ
مستشار في التنمية البشرية
alsuraikh@yahoo.com