بعد أن وضعت الحرب أوزارها بين السلطتين وعطل مجلس الأمة فإنه من حق القارئ علينا أن نقدم له مادة بعيدة عن السياسة التي أرهقته وأصبح لا يطيق سماع أخبارها ولهذا أترككم مع هذه القصة القيمة والتي تبين عظمة الخالق جل جلاله.
في الثمانينات طلب الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران عبر خطاب رسمي حكومي من مصر جثمان أكبر طاغوت عرفته الأرض وهو فرعون ليقوموا بترميمه، وعند وصول مومياء فرعون إلى فرنسا كان في استقباله الرئيس ميتران ووزراؤه وكبار المسؤولين، وعند انتهاء مراسم الاستقبال حملت مومياء فرعون إلى جناح خاص في مركز الآثار الفرنسي ليبدأ بعدها أكبر علماء الآثار في فرنسا، وأطباء الجراحة، والتشريح دراسة هذه المومياء واكتشاف أسرارها، وكان رئيس الفريق البروفيسور موريس بوكاي.
اهتم المعالجون بترميم المومياء بينما كان الشغل الشاغل لموريس بوكاي أن يكتشف كيف مات هذا الملك الفرعوني... وفي وقت متأخر من الليل ظهرت النتائج التي تفيد بأنه كانت هناك بقايا ملح عالقة في جسد فرعون وهذا أكبر دليل على أنه مات غريقاً، وأن جثته استخرجت من البحر بعد غرقه ليقوموا بتحنيط جثته لينجو بدنه، والأمر الذي كان يستغرب منه البروفيسور كيف بقيت هذه الجثة أكثر سلامة من غيرها رغم أنها استخرجت من البحر؟ وكان موريس بوكاي يعد تقريراً نهائياً يعتقده اكتشافاً جديداً في انتشال جثة فرعون من البحر وتحنيطه حين همس أحدهم في أذنه: لا تتعجل فالمسلمون يتحدثون عن غرق فرعون، ولكنه استنكر هذا الخبر بشدة وقال: إن هذا الاكتشاف لا يمكن معرفته إلا بتطور العلم وعبر أجهزة الكمبيوتر بالغة الدقة فقال له محدثه: إن قرآنهم الذي يؤمنون به يروي قصة فرعون وسلامة بدنه بعد الغرق، فازداد ذهول موريس وقال: كيف وهذه المومياء لم تكتشف إلا في العام 1898 أي قبل مئتي عام تقريباً بينما قرآنهم موجود منذ أكثر من ألف وأربعمئة عام، وأن البشرية جمعاء لم تكن تعلم شيئاً عن قيام قدماء المصريين بتحنيط جثث الفراعنة إلا قبل عقود قليلة من الزمن؟
جلس موريس بوكاي ينظر إلى جثمان فرعون ويفكر بما قاله صديقه من أن قرآن المسلمين يتحدث عن نجاة جسد فرعون بينما كتابهم المقدس يتحدث عن غرق فرعون أثناء مطاردته لموسى عليه السلام من دون أن يتعرض لمصير جثمانه وأخذ يسأل نفسه: هل هذا المحنط هو الذي كان يطارد موسى، وهل يعقل أن يعرف محمد عليه الصلاة والسلام هذا قبل أكثر من ألف عام؟
لم يستطع موريس النوم وطلب التوراة وأخذ يقرأ فيها: «ورجع الماء وغطى مركبات وفرسان جميع جيش فرعون الذي دخل وراءهم في البحر ولم يبق منهم أحد»، وازدادت حيرة موريس فحتى الإنجيل لم يتحدث عن نجاة هذه الجثة وبقائها سليمة، وبعد أن أعيد جثمان فرعون إلى مصر عند الانتهاء من ترميم هذه المومياء القصة قرر موريس السفر إلى بلاد المسلمين لمقابلة عدد من علماء التشريح المسلمين، وهناك كان أول حديث له معهم عما اكتشفه من نجاة جثة فرعون بعد الغرق فقام أحدهم وفتح له القرآن الكريم وأخذ يقرأ عليه قوله تعالى «فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وان كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون» وعندما سمع موريس هذه الآية وقف أمام الحضور وأخذ يصرخ بأعلى صوته: لقد دخلت الإسلام وآمنت بهذا القرآن.
إضاءة
كم هو جميل هذا الدين ويجب علينا جميعاً أن نبعده عن تناحرنا السياسي، والأجمل لو استفدنا منه في وضع تشريعاتنا الجديدة والعمل بها فيكفينا القول انه صالح لكل زمان ومكان، والغريب أن الغرب يستفيد منه في كثير من اكتشافاتهم الطبية أما أبناؤه فأهملوه حتى غرقوا في بحر الجهل والتخلف.


مشعل الفراج الظفيري
m-alfraaj19@hotmail.com